أقر مجلس النواب في الشهور الأخيرة ثلاثة مشروعات قوانين هامة تدعم وتشجع الاقتصاد الوطني وتشجع الاستثمار، وسيكون لها دورا هاما ومؤثرا في دمج الاقتصاد الموازي "غير الرسمي" في الاقتصاد الرسمي للدولة، وبالتالي تعظيم الموارد المالية للدولة، والقضاء علي فوضي مزاولة بعض المهن والأنشطة بدون تراخيص وعدم سداد رسوم وضرائب مثل الأنشطة المقننة والمرخصة.
وتتمثل هذه التشريعات في قانون المحال العامة الذي أقره مجلس النواب وصدق عليه رئيس الجمهورية في شهر سبتمبر الماضي وأصدرت الحكومة لائحته التنفيذية منذ شهرين، ليصبح نافذا علي أرض الواقع، وقانون تنظيم أماكن وساحات انتظار المركبات، وقانون تشجيع وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
ويأتي ذلك في إطار حرص الدولة علي مواجهة الفوضي والعشوائية ودمج الاقتصاد غير الرسمي، بتيسير إجراءات التراخيص للأنشطة غير الرسمية وتقنينها مقابل عملها بشكل رسمي تحت مظلة اقتصاد الدولة الرسمي، خاصة أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل نسبة كبيرة تتجاوز 50% من الاقتصاد، مما يهدر موارد مالية كبيرة علي الخزانة العامة للدولة.
ويعد قانون المحال العامة الجديد من التشريعات الاقتصادية والاجتماعية المهمة، وأحد أهم القوانين التى صدرت من مجلس النواب، لأنه يعد بداية دمج الاقتصاد الموازى "غير الرسمى" فى الاقتصاد الرسمى، وبالتالى سيدخل موارد كبيرة للدولة، وذلك من خلال توفيق أوضاع مئات الآلاف من المحال بأنواعها المختلفة، خاصة أن أكثر من 70 % من المحال القائمة غير مرخصة.
ويستهدف قانون المحال العامة حل مشكلات تراخيص المحال بأنواعها المختلفة، ويقوم على فلسفة تيسير وتبسيط الإجراءات، كما يفض التشابكات بين الجهات المختلفة بشأن التراخيص والاختصاصات، من خلال توحيد جهة إصدار التراخيص، ويعرف القانون "المحل العام"، بأنه كل منشأة تستخدم لمباشرة أى عمل من الأعمال التجارية أو الحرفية أو لتقديم الخدمات أو التسلية أو الترفيه أو الاحتفالات للمواطنين بجميع الوسائل بقصد تحقيق ربح، وسواء كانت منشأة من البناء أو الخشب أو الألواح المعدنية أو الخيام أو أى مادة بناء أخرى، أو كانت في أرض فضاء أو في العائمات أو في أى وسيلة من وسائل النقل النهري أو البحري، وذلك عدا المنشآت السياحية والفندقية والصناعية.
ونص على يستمر العمل بالتراخيص السارية وقت العمل بأحكام هذا القانون، وعلى أصحابها استيفاء الاشتراطات المقررة وفقاً لأحكامه طبقاً للإجراءات وفي المواعيد التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وفقا للقانون الجديد، تلتزم المحال العامة التي تمارس نشاطها بدون ترخيص بتقديم طلب استصدار ترخيص أو إخطار، بحسب الأحوال، طبقاً لأحكام القانون المرافق، خلال سنة تبدأ من اليوم التالي لتاريخ نشر الاشتراطات العامة والخاصة المنصوص عليها بالقانون.
أما بالنسبة للمحال العامة غير المُرخصة والمقامة بعقار أو بجزء من عقار غير مرخص أو مخالف لشروط الترخيص، فتلتزم بتوفيق أوضاعها خلال خمس سنوات، وتُمنح ترخيصاً مؤقتاً لحين انتهاء هذه المدة أو تقنين وضع العقار أيهما أقرب، بشرط السلامة الإنشائية للعقار بموجب تقرير هندسي مُعتمد.
بينما يستهدف مشروع قانون تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات تحديد القواعد والإجراءات اللازمة لاستغلال الشوارع العامة بشكل منظم وحضارى لائق، وذلك لانتظار المركبات بالشوارع من خلال إنشاء لجنة بكل محافظة وبأجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتحديد أماكن الانتظار لمنع الانتظار العشوائى على جانبى الطرق والوقوف المزدوج الذى يؤدى إلى ازدحام واختناق مروري، وتحديد اختصاصات اللجنة لتحديد ماكن وأوقات انتظار المركبات وإعداد كراسات الشروط الخاصة بحق استغلال أماكن الانتظار.
كما يستهدف تحديد الضوابط والاشتراطات للقائمين على تنظيم انتظار المركبات (شركات أو أفراد)، واستوجب لمزاولة هذا النشاط ضرورة الحصول على رخصة من الجهة الإدارية ويتم تحديد مقابل الانتظار وفقا لطبيعة الموقع الجغرافى ومساحة أماكن الانتظار المحددة سلفا من الوحدات المحلية وأجهزة المدن التابعة للمجتمعات العمرانية الجديدة، وبهذا يساعد على دمج نشاط مزاولة تنظيم ساحات الانتظار بدون ترخيص في الاقتصاد الرسمي من خلال ترخيصه، وإدخال موارد مالية للخزانة العامة للدولة، من خلال تحصيل الضرائب والرسوم الخاصة بالتراخيص.
وتتمثل أهمية هذا المشروع بقانون، فى أنه ينظم انتظار المركبات وأحكام الرقابة عليه وتقنين أوضاعها لتعمل فى إطار منضبط، كما يهدف المشروع إلى إتاحة فرص عمل للشركات والأفراد وخلق آفاق جديدة للاستثمار فى هذا المجال وزيادة موارد الوحدات المحلية وأجهزة المدن تعزيزا للامركزية المالية والإدارية التى نص عليها الدستور فى المادة رقم 176، وينص مشروع القانون، على أنه لا يجوز مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات بالأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون قبل الحصول على رخصة مزاولة هذا النشاط وفقاً لأحكامه.
أما مشروع قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الذي وافق عليه مجلس النواب في مجموعه، يتضمن تنظيماً جديداً لتنمية المشرعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتيسيرات إتاحة التمويل، وإعادة تنظيم أولوية الجهات مقدمة التمويل في استيداء حقوقها، وتنظيم حق الانتفاع على العقارات المخصصة لأغراض المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وأداء المشروعات المتعثرة لمستحقات الخزانة العامة، والحوافز غير الضريبية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والحوافز الضريبية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وحوافز الشركات والمنشآت الداعمة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، وموانع التمتع بالحوافز، وتيسير إجراءات بدء التعامل.
كما يتضمن إنشاء جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر يكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع رئيس مجلس الوزراء، كما يحدد توفيق أوضاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر العاملة في مجال الاقتصاد غير الرسمي.
من جانبه، قال المهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب: "من أحد المزايا الخاصة التي يمكن أن نستخلصها من أزمة كورونا هي تعميق وتوسعة التوعية بأهمية الاقتصاد الرسمي، رأينا الحكومات عندما تكون الخزائن الخاصة بها خاوية، فالخزائن تمتلئ من خلال عدد من الموارد، وفي تقديري أكثرها استدامة هي حركة المجتمعات داخل الدول، وفي مثل هذه الأزمات العين تتجه إلى مصادر الدخل الخاصة بحركة المجتمع نفسه، أن يكون المجتمع مولدا للإنتاج، وسمعنا الفترات الماضية عن مسألة توطين الصناعة والتوسع في الزراعة، لأن الزراعة والصناعة هما اللذان يحققان اكتفاء ذاتي، ويكون لديك قدر من المناعة تجاه تلك الأزمات، مثل أزمة كورونا أو غيرها".
وتابع السجيني: "عند النظر إلى التشريعات التي أصدرناها في لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب تعتبر جزء من هذه النظريات، مثل قانون تراخيص المحال العامة، وقانون تنظيم انتظار المركبات في الشوارع، ومشروع قانون تنمية وتشجيع المشروعات المتوسطة الصغيرة ومتناهية الصغر الذي أنجزته لجنة المشروعات المتوسطة وناقشه المجلس ووافق عليه، هي مظلة لتحديد الانتقال من الاقتصاد غير الرسمي إلي الاقتصاد الرسمي، أيضا مواجهة الدولة للمواقف والأسواق العشوائية، وتعظيم موارد الدولة في المواقف الرسمية منها، كل ذلك يؤدي إلى قدر كبير من التنوع الاقتصادي ودعم الاقتصاد والخزانة العامة".
وأكد علي ضرورة إطلاق حملات توعية وتثقيف لأهمية استجابة المواطنين للعمل تحت لواء الاقتصاد الرسمي من سداد ضرائب وتأمينات وغيرها، وعلي الدولة والحكومة أن تعي أن السياسات الإصلاحية فيما يخص منظومة الضرائب، وتقنين الأراضي، وفيما يخص التعامل مع فكرة الرسوم والتراخيص بشكل عام، هذه الأمور لابد أن يكون فيها قدر من فهم للواقع للتدرج في إقرار هذه الرسوم من حيث القيمة.
واستكمل: "في النهاية نتحدث عن أننا نريد أن ندخل الناس تحت الوعاء الضريبي وتحت مباديء الشمول المالي، وفي نفس الوقت ننتقل إلي فهم للطبيعة الخاصة بالحالة المتدرجة التي يجب أن تكون".