ا.د.محمود الصاوى

لمصلحة من يتم تشويه القيم الجميلة فى حياتنا؟

السبت، 23 مايو 2020 09:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زراعة القيم ورعايتها وتنميتها من أهم وظائف مؤسسات صناعة الوعى فى المجتمع، ولكننا نلحظ بوعى أو بغير وعى أن قيما كثيرة يتم تقديمها بشكل سلبى ومنفر لأجيالنا ومجتمعاتنا ولا بد من وقفة مع هذا التشويه، متعمدا كان أو غير متعمد لقيمنا وتراثنا، وموعدنا اليوم مع قيمة ومصطلح البركة.
 
مصطلح البركة.. من المصطلحات المظلومة فى حياة المسلمين العملية فتراهم إذا رأو رجلا ضعيفا أو رث الثياب أو مغلوبا على أمره مثلا يسمونه بركة. وحتى الصورة الذهنية التى تقدمها الدراما عن الرجل المبروك لم تخرج عن هذا الوصف. 
 
وعلى هذه المقدمة عدة تساؤلات منها 
ما المفهوم الصحيح للبركة؟ وهل تصورات الناس لهذا المصطلح منضبطة وصحيحة؟ وهل الصورة النمطية التى تقدمها بعض أنواع الدراما لهذا المصطلح صحيحة؟ والأهم من هذا وذاك ما قيمة البركة؟ وهل نحن محتاجون إليها فى حياتنا؟ وإذا كنّا نحتاج إليها فكيف نحصل عليها؟ تساؤلات كثيرة نحاول أن نجيب عليها فى هذا المقال..
 
البركة
قيمة معنوية لا ترى بالعين المجردة، ولا تقاس بالكم ولا تحويها الخزائن، لكنها شعور إيجابى يشعر به الإنسان وهى جند خفى من جنود الله عز وجل يمنحها الله لمن نظر إلى قلبه وما يريده من قلب ذلك الإنسان، فمن كان قلبه مليئا بالمنكرات والقبائح فلا يمنح البركة لأنه مملوء بمساخط الله عز وجل.
 
مصدر البركة: والبركة لا تأتى هكذا ولا تشترى بالمال، بل من تأتى من صاحب البركة ومالكها وهو «الله جل جلاله» «تبارك الذى بيده الملك»، وفِى كتاب الأشربة بصحيح البخارى «البركة من الله» وتحياتنا فى الصباح والمساء وكل لحظة «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته». 
 
الحاصل أن البركة لا تطلب إلا من الله تأمل قول سيدنا عيسى عليه السلام «وجعلنى مباركا أينما كنت» وهذه الصحابية الجليلة أم أنس تأتى بصغيرها لسيدنا النبى تقول له: هذا خادمك أنس ادع له بالبركة فدعا له النبى صلى الله عليه وسلم «اللهم أكثر ماله وأكثر ولده وبارك فيه»، يقول أنس فإنى أكثر الناس مالا وولدا وصار له من الأولاد والأحفاد مائة. 
 
والنبى صلى الله عليه وسلم يطلب البركة فى أمور كثيرة وفِى التهنئة بالزواج نقول للعروسين «بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير».
البركة من عوامل السعادة 
إذا حلت فى قليل كثرته وإذا حلت فى كثير نفع.
 
سؤال: هل نحتاج للبركة وفيم نحتاجها؟ 
حاجتنا للبركة كحاجتنا للماء والهواء هل نستغنى عنهما وهل تطاق حياتنا بغيرهما؟ 
 
هكذا البركة نحتاجها فى أمور كثيرة منها 
١ - أرزاقنا ومعنى البركة فى الرزق كفايته أن يكون كافيا إلم تلحظ معى عزيزى القارئ فى حياتك العملية جيرانا وأصدقاء وأصحابا تتفاوت دخولهم، وتجد صاحب الدخل الأقل مستورا مرتاحا، بيته مفتوحا، والبشاشة لا تفارقه، وقد تجد آخر دخله أضعاف الأول لكنه تعيس كئيب لا تعرف السعادة ولا الفرحة طريقا إلى قلبه؟ ستقول لى نعم أعرف الكثيرين كما تقول ما لسبب؟ إنها البركة قرينة السعادة إذا حضرت فمعها وإذا غابت فمعها أيضا، البركة فى المال إن تقضى بالمال القليل الشىء الكثير وتعانى على أمورك كلها بيسر.
 
٢ - أعمارنا نحتاج معها إلى البركة وكما قال سيدى بن عطاء الله السكندرى فى حكمه المشهورة «رب عمر قلت آماده وكثرت أمداده» فبالبركة يستطيع الإنسان أن يحقق فى حياته أضعاف ما يتصور تحقيقه فيها.
 
قال صلى الله عليه وسلم «خيركم من طال عمره وحسن عمله» 
ولهذا شواهد عديدة وآثار ملموسة عندما نقرأ أن سيدنا سعد بن معاذ. أسلم وعمره ثلاثون سنة واستشهد وهو ابن ست وثلاثين سنة واهتز لموته عرش الرحمن! 
وأن الإمام البخارى جمع مائة ألف حديث وعاش خمسا وستين سنة،
ويتبع البركة فى العمر البركة فى الوقت ربما تجد طالبا يستذكر ثلاث ساعات يوميا يكون مردودها عليه أفضل ممن ذاكر ست ساعات وتتعجب لهذا لكنها البركة ولعل لديه من حسن الصِّلة بالله والأعمال الصالحة وصلة الأرحام ماحصّل به هذه البركة فبركة الوقت تعنى: اتساعه واغتنامه فى الأعمال الصالحة.
 
٣ البركة فى العلم 
فَلَو أنك حفظت آية أو حديثا واستفدت منها وطبقتها طوال حياتك فهذه بركة، فالعلم الذى ينتفع به بركة أما علم وجوده وعدمه سواء فلا بركة فيه ومن بركة العلم أن تنتفع بما تعلمته ويكون له أثرا فى حياتك.
 
٤ البركة فى المنزل 
البعض يضيق عليه الدار ولو كانت واسعة، وآخرون يشعرون بسعة دورهم ولو كانت ضيقة وكم من أسر ممتدة رأيناها فى العقود السابقة يعيش فيها الأجداد والأحفاد رغم صغر مساحتها لكنهم كانوا يعيشون فى سعادة وهناء بسبب البركة. فقد تعيش فى قصر وتكاد تختنق من الضيق وقد تعيش فى كوخ أو شقة متناهية الصغر تطيع الله فيها فتتسع عليك! 
 
وسؤال البركة فى المنزل مطلب شرعى ولا شك «اللهم بارك لى فى رزقى ووسع لى فى دارى» «وقل رب أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين». 
هل علمت عزيزى القارئ أهمية البركة فى حياتنا وشدة حاجتنا إليها تذكر دايما أن: 
البركة فى المنزل تعنى سعة الصدر فيه. 
البركة فى الصحة تمامها وسلامتها.
البركة فى الوقت اتساعه وإمكان استغلاله. 
البركة فى العمر حسن العمل فيه. 
البركة فى الطعام إشباعه. 
البركة فى العلم حسن الانتفاع به.
مما يؤسف أن صورة الرجل المبروك أو الطيب فى الأعمال الدرامية لا تعكس أبدا حقيقة هذا المفهوم، وهذا المصطلح بل تظهره بصورة بشعة منفرة مقترنة بالجهل والتخلف والقذارة والسلوك المنفر فى هيئته وملبسه وطريقة أكله وشربه وحياته. مما ينعكس سلبا على هذه القيمة وهذا السلوك وتتصحر حياتنا وتنعدم منها هذه النماذج الرائعة التى تجلب الخير. والسعادة وتشيعها فى حياتنا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة