إمبابة كم عانت من أوصاف وألقاب تارة بالجمهورية وأخري بالإمارة ، والأخيرة بدت هي الأصدق خلال حقب منقضية ، الله لا يعيدها . فبالتزامن مع ما قيل عن ظاهرة الأحياء الديني ، والتي هامت فيروساتها أبان سبعينيات القرن المنصرم ، أتذكر قبل أن ينصرم هذا العقد، حي من المدينة كان في الحقيقة قلبها يدعي ولازال بالجزيرة كونها كانت في أزمنة غابرة محاطة بترع وقنايات ، لتصبح فيما بعد عشوائية بامتياز .
شرائط طولية ملتوية واخري مستقيمة مكتظة بالبشر ، علي تماسها يقع جامع كبير باسم "إسماعيل الأمبابي" وبه ضريحه وبعده بخطوات قلائل آخر أخذ مسمي " مقام الشجيع " بين هذا وذاك تناثرت نتواءات نعتتت بالزاويا خصصت أيضا لإقامة الصلاة .
لكن متاسلمي هذا العصر والذين بات عددهم بتلك الأوقات العصيبة يزداد باضطراد هو أشبه بالمتوالية الهندسية ، كانت لهم إرادة فرضوها فرضا علي العباد بسطاء أميين ومتعلمين أما المسئولون فقد التزموا الصمت الذي هو أقرب إلى صك بالمباركة طالما الهدف هو عبادة الواحد الأحد .
هؤلاء لم يروق لهم رؤية أرض فضاء ممتدة تطل عليها حارات اربع هي قاعود وأبو الروس ومكاوي والأبعدية ، بيد أنها مثلت لتلك الحارات الرئة الوحيدة ومبعث الضوء ، وقد اتخذها السكان في ظهيرة ايام الشتاء ملاذا للتمتع بدفء الشمس وفتيان صغار وجدوا فيها ملعبا للكرة الشراب آنذاك.
ولأن تلك الأفعال صُنفت بالموبقات ، ولدرء الشياطين أقروا تدشين جامع عليها وكان لهم ما أرادوا ، وسبحان من له الدوام تسابقت السواعد وانهالت مواد البناء من كل صوب وحدب ، والنتيجة كتلة اسمنتية بلا تصميم هندسي رشيد والدليل على ذلك أنها خلت من أي لمسات جمالية باختصار هو كيان عشوائي عبوس سدت جدارنه منافذ الهواء القانطين ورائه وحجب وإلى الابد الشمس التي خلقها رب السموات كي تكون نور وصحة لعباده.
الُمذهل أن أحد لم يسألهم البنائين الهدامين ماذا لو حدث حريق او انهيار منزل وما أكثرها هذه الحوادث التي تقع لتهالك المنازل واصابتها بشيخوخة طاعنة ؟ كيف ستاتي فرق الإطفاء والإنقاذ ؟ وبالطبع لا مُجيب !!
من إمبابة إلى أبو العلا ، ويا قلب تدثر بالحزن والحسرة ولما لا ، ألم تشهد تلك المنطقة أول مطبعة عرفتها المحروسة قبل قرنان من الزمان أي أنها كانت فيما مضي شعاع تنوير قبل أن تتحول إلى بؤرة ضخمة مسكونة بكل ما هو مخالف للقانون .
في شارعها الذي هو " ستة وعشرين " يوليو يوم فخر وافتخار ، زعقت الأصوات وصرخت الحناجر أنقذوا " السلطان " من امتداد 15 مايو وسرعان ما استجابت المحافظة التي أرادت على ما يبدو النجاة من تهم التكفير والخروج عن الملة ، ووجهت تعليماتها إلى القائمين على الجسر بعمل اللازم ، والمحصلة كوبري كان يفترض أن يسهل المرور فإذ به يضيف زحاما وتكدس.
ولأنه لا صوت يعلوا على غوغائية المزايدين حدث ما هو أغرب من الخيال ، فعلي بعد 200 متر من هذا المسجد وتحديدا بمنتصف الشارع بالتمام والكمال وفوق رصيفه دشُنت زاوية للصلاة تعلوها مأذنة تم تطعيمها بأربع ميكرفونات ، في نتوء لا يمكن اعتباره إنشائيا سوي بالبشع الذي لا محل له من الاعراب ، والرغم أن خرائط مساحة لا تقرها إلا أنها حصلت على المياه والكهرباء ويصبح السؤال من الذي يستطيع إزالتها ؟
تلك هي عينة ضئيلة فهناك عشرات الامثلة الفادحة بكل ربوع الكنانة بمدنها الكبري والصغري التي أطلق عليها دون وجه حق ببيوت الله في حين أن جميعها لم تحصل على تراخيص لسبب بسيط هو استحالة إعطاء رخصة لبناء في نهر الشارع