واحدة من المهن المصرية تكاد تصبح فى طى النسيان هى مهنة الداية أو المولدة، وإن كانت لها بصمة فى معظم البيوت المصرية حتى الآن، ولعل النساء كبيرات السن يعرفنها جيدًا.
يرتبط لقب "الداية" فى أذهاننا بصورة سيدة ريفية قوية تنادى بصوت عال طالبة الماء الساخن وتقف على فراش عليه امرأة تضع تتأوه وتصرخ من آلام المخاض.
و"الداية" مهنة تطلق على سيدة تساعد النساء الحوامل وقت الإنجاب وتصف الأعشاب التى تعطى للمرأة بعد الولادة والاعتناء بصحة الوالدة والمولود، ورغم تاريخها العريق، إلا أنها تواجه الانقراض بفعل التطور الطبى الكبير، وأصبح وجودها منحصر فى بعض القرى الريفية الفقيرة.
ويعتقد الباحثون أن مهنة الداية من أقدم المهن التى مارستها السيدات فى مصر من فجر التاريخ، وكانت موجودة منذ العصور الفرعونية القديمة، حيث تسجل صفحات التاريخ الفرعونى القديم، المرأة الحامل تجلس القرفصاء، مع ثنى الركبتين ووضع اليدين على الفخذين، وتحت ركبتيها يوجد لبنه أو لبنتين، حتى يحدث الفراغ المناسب للجنين النازل.
وبحسب الجداريات ولوحات البردى، كانت إحدى النساء تسند المرأة الجالسة من الظهر، بينما تقف الأخرى أمامها تتقبل الوليد، فيما يعرف بـ"الجلوس على الأحجار"، ومع مرور الزمن، توارثت الأجيال كراسى الولادة كوسيلة مساعدة على إتمام الولادة، تقوم القابلة بدورها في إخراج الجنين من بطن أمه فى سهولة ويسر، وظل الكرسى محتفظًا بشكله البسيط منذ عصر قدماء المصريين، حتى اليوم، ذو فتحة فى المقعدة على هيئة حدوة الفرس، رغم ما حدث له من اختلاف وتفاوت فى الشكل والحجم والارتفاع.
كما يحتفظ متحف جاير أندرسون بالعديد من النماذج لكراسى الولادة، منها الشكل البسيط وهو عبارة عن كرسى من الخشب عبارة عن قاعدة مستطيلة يتوسطها فتحة على هيئة حدوة الفرس ويستند على رجلين ومؤرخ بالقرن (7هـ/13م)، ويحتفظ المتحف نفسه بكرسى مصنوع من الخشب له ظهر ومسندان، وله أربعة أرجل ويتوسط مقعدة فتحة على شكل حدوة الفرس.