تتوالى فضائح وقائع مواقع التواصل الاجتماعى، فقد بدأ الأمر بواقعة الفتاة حنين حسام المتهمة بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصرى، ثم تلاها بأسبوع القبض على سما المصرى بذات الاتهام مع حزمة أخرى من الاتهامات، ثم القبض على الفتاة مودة الأدهم - وذلك لاتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية فى المجتمع المصرى، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعى بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة.
وفى اليوم الأخير من شهر رمضان، يستيقظ الشعب المصرى على جريمة أخرى من جرائم مواقع التواصل الاجتماعي، لتكتمل رباعية الشهر الكريم بجرائم لم تكن تحدث فى الأيام الأخرى، وهى واقعة اغتصاب فتاة وتدشين هاشتاجان تصدرا تريند مصر على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، "حق منة عبد العزيز"، و"القبض على المغتصب مازن إبراهيم"، ليكشفا فى تفاصيلهما روايات متضاربة عن كارثة جديدة تسبب فيها الاستخدام السيئ لتطبيق "تيك توك" بين الشباب، حيث ادعت المراهقة منة عبد العزيز تعرضها للاغتصاب على يد شاب استدرجها بمساعدة صديقاتها - حسب روايتها - حتى اغتصبها واعتدى عليها بالضرب.
4 جرائم لـ "التيك توك" خلال الفترة الماضية أبرزها حنين حسام وسما المصرى
واقعة منى عبد العزيز تؤكد بوضوح ودون مواربة ما أصدرته النيابة العامة منذ 30 يوما بالتمام والكمال وتحديد يوم 23 أبريل الماضى بشأن التحقيقات مع حنين حسام، حيث أكد النائب العام المستشار حمادة الصاوى خطورة مواقع التواصل الاجتماعى بأنه استُحدِث لبلادنا حدود رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية تؤدى بنا حتماً إلى تغييرات جذرية فى سياسة التشريع والضبطيات الإدارية والقضائية، حيث أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية، مما يحتاج إلى ردع واحتراز تام لحراستها كغيرها من الحدود – بحسب البيان.
في التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى منتهى الأهمية بشأن واقعة اغتصاب الفتاة منه عبد العزيز – حسب روايتها – والتى تباينت الآراء حولها بأنها هى المتسببة فى كل ما حدث لها لو صحت ادعاءاتها وترديد مقولة" "إيه وداها هناك؟!"، وبين رأى آخر يرى ضرورة القبض على المتهم ومحاسبته على جريمته الشنعاء، ومن هذا المنطلق نتناول هل ينطبق على الواقعة جريمة الاغتصاب كما تدعى الفتاة؟ مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب أن تتوافر للجريمة الركنين المادى والمعنوى – بحسب الخبير القانونى والمحامى حسام الجعفرى.
القاعدة: الجريمة عار مرتكبها وليست عار ضحيتها
فى البداية – يجب أن نعلم عدة مبادئ عامة من الناحية القانونية أن الجريمة عار مرتكبها، وليست عار ضحيتها هذه واحدة، أما الأخرى العهر ليس مبرر لجريمة الاغتصاب، وأن الفتاة التي تقبل إقامة علاقة معك مرة ولا توافق ثانية، فتواقعها رغما عنها جريمة اغتصاب كاملة الأركان، وكما هو متعارف عليه فإن الاغتصاب هو اتصال رجل بامرأة اتصالا جنسيا كاملا دون رضاء صحيح منها بذاك، ويعتبر انتهاكا صارخا لحرية المجنى عليها الجنسية واعتداء على عرضها وعلى شرفها وتعد إضرارا بحالتها النفسية بل اعتداء على حياتها ككل، إذ قد تؤثر على استقرار حياتها الزوجية إن كانت متزوجة أو على فرص زواجها في المستقبل، وقد تفرض عليها أيضا أمومة غير شرعية – وفقا لـ"الجعفرى".
ونصت المادة 267 من قانون العقوبات المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 على أنه: "من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم تبلغ سنها 18 سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب أو تعدد الفاعلون الجريمة"، فلابد من توافر ركنين بجريمة الاغتصاب ركن مادي، وركن معنوي.
أولا: الركن المادي يتكون عنصرين: "فعل الوقاع وعدم رضاء المرأة"
1-فعل الوقاع: "يمثل فعل الوقاع العنصر الذي يميز جريمة الاغتصاب عن جريمة هتك العرض بالقوة ويقصد بفعل الوقاع اتصال رجل بامرأة اتصالا جنسيا طبيعيا غير مشروع".
2-عدم رضاء المجني عليها: "لا تقع جريمة الاغتصاب إلا في حالة عدم رضاء المجني عليها".
هل يختلف الوضع لو كان هناك رضاء المجني عليها؟
نعم، لا تقع جريمة الاغتصاب إلا إذا كانت مواقعتها بغير رضاها، وينعدم الرضا إذا أكرهت المجني عليها إكراها ماديا أو معنويا على الاتصال الجنسي.
ثانيا: الركن المعنوي:
وهو القصد الجنائي، حيث إنه لا يتصور قيام الجريمة بخطأ غير عمدي، ويعد القصد الجنائي متوافرا في حالة توافر العلم والإرادة لدي الجاني.
ما هى الحالات التى تلتزم بها المحكمة الحكم بالإعدام على المغتصب ؟
تشدد عقوبة جريمة الاغتصاب إذا اقترنت بإحدى الظروف المشددة الواردة في القانون على سبيل الحصر، وهذه الظروف تتحقق إما لسن المجني عليها أو لتوافر صفة معينة في الجاني أو بسبب ما يتمتع به من نفوذ على المجني عليها فيسيء استعماله، وقد رصد المشرع عقوبة الإعدام إذا توافر أحد هذه الظروف، وفيما يأتي نوضح حالات التشديد:
1-إذا كانت المجني عليها لم تبلغ سنها ثماني عشر سنة ميلاد.
٢- إذا كان الجاني من أصول المجني عليها.
٣ - إذا كان الجاني من المتولين تربيتها أو ملاحظتها.
٤- إذا كان الجاني خادما عند المجني عليها أو عند من تقدم ذكرهم.
ما هى الدلائل التى تشير إلى الاغتصاب وإثبات الواقعة ؟
بناء على البينة والقرائن والتفتيش والمعاينة والدليل الفني بمعني تحقيقات النيابة وتقرير الطب الشرعي وسؤال المجني عليها وتحريات المباحث، فليست كل وقائع الاعتداء الجنسي يتم وصفها أو تصنيفها إلي اغتصاب، فجميع التعدي على الأطفال الذكور يعتبرها القانون هتك عرض ويعتبر القانون الاغتصاب جريمة تقع على الإناث فقط بدون رضاها.
ما هو دور الطب الشرعي فى قضايا الاغتصاب؟
غالبا فى جرائم الاغتصاب مظاهر إصابية عامة سواء بجسد المجنى عليها أو جسد المتهم نتيجة المقاومة، وعدم وجود إصابات لا يعنى استبعاد جريمة الاغتصاب حيث توجد أسباب عديدة لعدم ظهور الإصابات مثل :
1-إخضاع المجني عليها بالتعامل العاطفي معها أو بالتهديد بالعنف أو القتل.
2- أن يكون العنف المستخدم من الجاني أو مقاومة المجني عليها غير كاف لإحداث الإصابات.
3-قد لا تظهر الكدمات قبل مرور 48 ساعة من لحظة وقوع الاعتداء, وقد لا تظهر نهائياً.
4-تأخر المجنى عليها فى الإبلاغ عن الجريمة قد يؤدى إلى اختفاء أو شفاء الإصابات.
التهديد أو الإكراه :
وينعدم الرضا إذا حدث الجماع الجنسى تحت التهديد أو الإكراه كما فى الحالات التالية :1-تهديد المرآة بأداة بقتلها أو قتل طفلها أو ما شابه ذلك.
2-تهديد المرآة من رئيسها بفصلها من العمل.
3-تهديد الفتاه من زوج والدتها بطردها من المنزل.
4-تهديدها بصور أخذت لها أو رسائل سبق لها كتابتها
الغش والتدليس:
وينعدم الرضا إذا حدث الجماع الجنسى بالغش مثل الزواج الصورى بإحضار مأذون وشهود مزيفين
فقدان الوعى والإرادة:
-وقد يعطى الرجل المرآة مادة مخدرة أو مسكرة للجماع معها وهى غير قادرة جسديا أو ذهنيا لتعطيه الموافقة على الاتصال الجنسى, وفى تلك الحالات يصعب تحديد ما إذا كان الكحول قد أزال موانعها لتعطى الموافقة - أى تكون الموافقة برضاها - أو كانت قدرتها على الرفض شلت " أى يكون الجماع بدون رضاها ".
- المرآة التى تعانى من تخلف عقلى أو تلف عقلى شديد تعتبر موافقتها على الاتصال الجنسى غير قانونية مهما كان عمرها لأنها لا تملك الإرادة على القبول أو الرفض.
-إذا كانت المرآة تحت تأثير التنويم المغناطيسى تعتبر إرادتها مسلوبة وليس لديها القدرة على القبول أو الرفض.
وماذا عن نشر فيديوهات إباحية على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة بالمجنى عليها ؟
الغرض من تجريم الأفعال الفاضحة العلنية المخلة بالحياء حماية الشعور العام بالحياء وصيانة إحساس الجمهور من أن تخدشه مشاهدة بعض المناظر العارية أو المظاهر الجنسية التي تخل بالحياء أو تخالف الآداب العامة وتقع تلك الجريمة تحت جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء والتي تقع بين السر والعلانية ولها أركان وشروط تحدد الاتهام، وقد تعرض القانون لجريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وجرم كل فعل يخل بحياء الغير .
ما هى صور جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء؟
يوجد صورتان لهذه الجريمة:
الأولي: إذا وقع الفعل الفاضح المخل بالحياء في علانية، حيث نصت المادة 278 من قانون العقوبات أن: "كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة او بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه".
الثانية: "إذا وقع الفعل الفاضح المخل بالحياء في غير علانية ولكن في حضور امرأة غير راضية عن هذه الأفعال، وقد قصد القانون من تجريم الأفعال الفاضحة المخلة بالحياء ولو ارتكبت في غير علانية ولكن في حضور امرأة حماية شعور المرأة والمحافظة علي حيائها – الخاص - من كل ما يخدشه أو يخجله لأن الفعل في هذه الحالة يعد عدوانا علي حريتها الجنسية لأنها أكرهت علي معاناة فعل له معني جنس وهو حسب المجري الطبيعي للأمور تمهيدا لأفعال أكثر فحشا"، فقد نصت المادة 279 من قانون العقوبات "يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة امرأ مخلا بالحياء ولو في غير علانية".
ما المقصود بكلمة علانية؟
لم تحدد المادة 278 من قانون العقوبات المقصود بالعلانية في جريمة الفعل الفاضح العلني، ولم تحيل هذه المادة إلى نص المادة ١٧١من قانون العقوبات والتي أشارت الي طرق العلانية في جرائم النشر، والعلانية هي الجهر بالشيء أو إظهاره، أي إحاطة الناس علما به، وقد استقر الفقة والقضاء على أن العلانية تتحقق في جريمة الفعل الفاضح العلني إذا شاهد الغير فعل الجاني أو كان في استطاعته مشاهدته، وتكون العلانية في هذه الحالة الأخيرة علانية حكمية تعادل العلانية الفعلية، ولثبوت تلك الجريمة لابد من توافر القصد الجنائي، ويتحقق ذلك باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة علنا عالما بأن من شأنه أن يخدش الحياء.
النيابة العامة تحذر من استخدام مواقع التواصل دون ضوابط
يشار إلى أن النيابة العامة سبق لها وأن أهابت فى بيان لها الشهر الماضى بمستخدمي تلك المواقع من الشباب والبالغين، أن يسهموا بدورهم الفاعل في معاونة أجهزة الضبطية القضائية والإدارية لحراسة تلك الحدود المستحدثة والتي تضم ملايين المواقع، مما لا يتسنى حصر الضار منها وما فيه من شرور، ورفع للقيود، وتستر وراء شخوص مستعارة وحقائق مزيفة؛ إلا بوعي شامل وتفاعل متكامل من كافة طوائف المجتمع.
ووفقا لـ"بيان" النيابة العامة - أن تلك الحراسة ليست دعوة لتتبع الناس أو حرماتهم الخاصة، ولا استطالة على الحريات أو تقييداً لها، ولا دعوة إلى الرجعية ورفض التطور؛ إنما هي تصدٍ لظواهر من ورائها قوى للشر تسعى لإفساد مجتمعنا وقيمه ومبادئه، وسرقة براءته وطهارته، فتتسلل إليه مستغلة ظروفه وضائقته؛ لتدفع شبابه وبالغيه إلى الهلاك بجرائم تكتمل أركانها في فلك عالم إلكتروني افتراضي جديد، فهكذا يُسْتَغَل الناس عامة والشباب خاصة، فهل يروَّج للفسق إلا في دعوات للترفيه والتسلية، وهل يوقَع بالفتيات في فخاخ ممارسة الدعارة إلا باستغلال ضعفهن وضائقاتهن الاجتماعية.
وعليه فإن النيابة العامة تؤكد على التزامها بدورها في حراسة تلك الحدود المستحدثة، وتصديها الحازم لمثل هذه الجرائم ومرتكبيها الهادفين للتغرير بشباب هذه الأمة، وتبديل مبادئها وقيمها الراسخة؛ ذلك باتخاذ كافة الإجراءات القانونية المقررة لملاحقتهم وتتبعهم وتقديمهم إلى محاكمات جنائية ناجزة.
وتهيب النيابة العامة بالجميع حكومة ومؤسسات ومجتمع آباء وأبناء، الحذر والتصدي لمستحدثات أمور في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، شرور غايتها تبديد القيم وتزيين الفواحش وجعل السيئات من الـمُسَلَّمات، حافظوا على قيم هذا البلد العريق ومبادئه، وكافحوا الفساد بشتى صوره وأشكاله، واصبروا وصابروا، واعلموا أنه إذا حُمِل الحق على الناس جُملة دفعوه جملة، ويكون من ذلك فتنة، فالصرح العظيم يبنى لبنة لبنة، وما الإصلاح إلا تَدَرُّج وتَؤدَة، وإنه لخير أن يأتي علينا كل يوم من أيام الدنيا فنُمِيت فيه بدعة، ونحيي فيه سُنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة