ظهر الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، بعد 20 يوما من الاختفاء، لينسف مئات الأخبار فى كبريات الصحف والفضائيات الأمريكية والعالمية التى أعلنت وفاته وتولى شقيقته أمور الحكم، مع تحليلات للشقيقة الزعيمة وصفاتها العنيفة وقدراتها على القتل والقمع لكن كل هذه التقارير اتضح أنها مجرد «هبد تكرارى» بلا أصل ولا فصل.
ولسنا فى سياق إعلان موقف سياسى أو جيوبولوتيكى من جونج أون، لكننا أمام نموذج صارخ للفبركة الصحفية والإعلامية، لأن كم ومضامين الأخبار والتقارير والتحاليل فى صحف ووكالات أنباء وقنوات أمريكية معتبرة اتضح كذبها يشكك فيما يبثه الإعلام الأمريكى والغربى، الذى يحظى بتقديس لدى قطاعات معتبرة من نخب سياسية وإعلامية ونشطاء يقدسون إعلاما تظلله الفبركة والتلفيق.
فقد ظهر جونج أون فى افتتاح مصنع بكوريا الشمالية مبتسما ابتسامته البلهاء الشهيرة، لينسف أسبوعين من الفبركة، نفس الإعلام الذى كان قبل شهور يمتدح حكمة جونج أون لأنه وافق على التقارب مع كوريا الجنوبية ولقاء ترامب استعدادا لتخفيف أسلحته النووية. وفشلت المفاوضات وقالت أمريكا إنها لم تلمس حسن النية لدى جونج أون وأعلنت بيونج يانج أن أمريكا وحلفاءها يريدون تجريد كوريا الشمالية من أسلحتها من دون مقابل.
مؤخرا وبعد أسبوعين من الهبد الإخبارى واختراع تقارير تؤكد وفاة جونج أون نشرت وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية، نقلا عن وكالة الأنباء المركزية فى كوريا الشمالية صورا لجونج أون يقص شريط انتهاء أعمال بناء مصنع لإنتاج الأسمدة شمالى العاصمة بيونج يانج، وبدا ظهور الرجل صدمة لإعلام أمريكى أفرط فى اختراع ونشر قصص وهمية عن وفاته وهى أدوات ليست من صحف الفضائح، لكنها سى إن إن، ورويتر وواشنطن تايمز ونيويورك تايمز وقنوات وصحف أوروبية.
المفارقة المضحكة أنه بالتزامن مع ظهور جونج أون نشرت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية أن كيم كان متحصنًا فى مخبأه الفاخر المطل على البحر فى مدينة ونسان الساحلية، مع 2000 من النساء، وأفرطت الصحيفة فى وصف ما أسمته نساء المتعة ومن دون أى دليل أو مصدر كالعادة، ويبدو أن الصحيفة وباقى القنوات والوكالات أرادت غسل أيديها من فضيحة مهنية وأخبار مفبركة، أفقدتها الكثير من المصداقية ومرغت مهنيتهم فى الأرض، حيث أفرطوا فى نشر معلومات وقصص كما العادة مع خصوم الولايات المتحدة، بلا أصل.
وقد سبق للإعلام الأمريكى أن شيطن خصوم أمريكا بدءا من سلفادور الليندى فى شيلى قبل انقلاب واشنطن عسكريا عليه، إلى زعماء فيتنام ومنهم هوشى منه، وصولا إلى صدام حسين والذى تم اختراع أدلة على امتلاكه لأسلحة دمار شامل اتضح أنها قصص مفبركة واعترف وزير الخارجية الأسبق كولن باول فى مذكراته بأنها مفبركة وأنه يشعر بالعار كلما تذكر كلامه أمام مجلس الأمن. وكان خبر مرض ورحيل زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون قبل عودته من الموت مثالا للإلحاح التكرارى لتمرير الكذب.
وكالات أنباء عالمية مثل رويتر وصحف أمريكية وقنوات كبرى مثل سى إن إن، كلها نقلت عن مصادر مجهولة تأكيدات بوفاة كيم جونج أون، وتولى شقيقته ثم ظهر أن الأمر كله فبركة من بنات وأبناء أفكار الإعلام الأمريكى، الذى نجح فى بناء صورة للرجل لا علاقة لها بالواقع، وباعتراف الإعلام أيام شهر العسل بين بيونج يانج وواشنطن كثيرا ما فبركوا معلومات عن جونج أون. والهدف ليس تبرئة أو إدانة جونج أون لكنه دعوة لإعمال العقل فى ما تنشره هذه المنصات من تقارير ومعلومات مفبركة بهدف الابتزاز أو الحرب بالوكالة.