وصل فيروس كورونا المستجد إلى أوساط السجون في جمهورية الكونغو الديموقراطية، منذراً بـ"كارثة" في منشآت "غير صحية ومزدحمة" يموت فيها عشرات المعتقلين سنويا.
ونقلت قناة فرانس 24 ، أنه ثبتت إصابة 43 معتقلا بالفيروس، يومي الخميس ، والجمعة فى سجن ندولو في وسط العاصمة كينشاسا، ثالث أكبر مدينة في افريقيا ويقطنها عشرة ملايين نسمة على الاقل.
ومن المرجح ان ترتفع الحصيلة إذ "يجري فحص جميع المعتقلين"، بحسب آخر نشرة عن الوباء صدرت عن السلطات الصحية الجمعة، ويضم سجن ندولو العسكري بين 1900 إلى 2000 سجين، بحسب المصادر.
وتسجل جمهورية الكونغو الديمقراطية رسميا بين 10 إلى 20 حالة كمعدل يومي منذ ظهور الفيروس على أراضيها في 10 مارس، ويبلغ إجمالي الإصابات 604 حتى الآن، بينها 579 حالة في كينشاسا، و32 وفاة.
ولفت وزير الصحة إيتيني لونجوندو، الذي ينوي عزل المصابين وتعقيم الزنزانات، إلى أن الفيروس تسرب إلى السجن "عبر سيدة جاءت لإيداع الطعام".
وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان فى 17 ابريل، من أن "السجون المكتظة وغير الصحية في جمهورية الكونغو الديمقراطية تشكل خطرا كبيرا لانتشار وباء كوفيد-19".
وأضافت المنظمة الحقوقية أن "السجون الكونغولية هي من بين أكثر السجون اكتظاظًا في العالم" ويبلغ "متوسط تجاوز طاقتها الاستيعابية نحو 432 بالمئة"، مشيرة إلى سجن غوما الذي يستوعب أكثر من 600 بالمئة من طاقته، أو سجن ماكالا المركزى الذى يتحمل ما يفوق طاقته بنسبة 461 بالمئة وهو سجن آخر في كينشاسا.
وتضمن بيان هيومن رايتس ووتش صوراً لسجناء ينامون على الأرض في زنزانة في مكالا، "متشابكون مثل السردين في المعلبات"، حسبما وصف سجين.
وقال أحد السجناء لمنظمة هيومن رايتس ووتش ،"في البناء الذي كنت فيه حتى وقت قريب، كان يوجد 850 شخصا على الأقل في مساحة مخصصة لاستيعاب 100 شخص"، مضيفا "عند الخلود للنوم، لا يمكن لأحد أن يشغل أكثر من متر مربع من المساحة. وفي حال وصل الفيروس إلى ماكالا، فلن يبقى أحد على قيد الحياة".
وأكد وزير الصحة عدم تسجيل أي إصابة في ماكالا.
ونقلت فرانس 24 ، أن مصدر في السجن أشار إلى وفاة 11 سجينا على الأقل قبل تفشي الوباء، في مطلع يناير، بسبب نقص الغذاء والدواء. وأشارت مصادر أخرى إلى وفاة 25 شخصا.
ويموت مئات المعتقلين سنويا في السجون الكونغولية (201 في عام 2017 و 223 في عام 2018، بحسب الأمم المتحدة)، بسبب نقص الغذاء والرعاية.
ويقول أوجستين الذى حكم عليه بالإعدام عام 2005، ومحتجز في سجن أغينجا في شمال غرب البلاد، في تقرير أعدته منظمة معا ضد عقوبة الإعدام ونشر أواخر 2019، أن "كمية الطعام لا تكفي حتى لطفل يبلغ من العمر عامين".
وأضافت المنظمة "في معظم السجون التي تمت زيارتها، أوضح المحتجزون أنه باستثناء الباراسيتامول وعلاج الملاريا والسل، لا يوجد أي دواء".
كما شجبت عدم وجود مرافق صحية، حيث لا يتوفر سوى "ثلاثة مراحيض لتخديم 500 شخص" في غوما أو "ثلاثة مراحيض لتخديم 200 شخص" في كيندو (شرق).
وتعاني السجون، شانها شأن جميع الإدارات في البلاد، من مشاكل في الميزانية وتأخر الخزانة العامة بالسداد. واتهم وزير العدل، في وقت سابق من هذا العام، زميله وزير المالية بتجميد الأموال المخصصة لتحسين حالة السجون.
وتضم السجون الكونغولية 500 محكوما بالإعدام في بلد جمد فيه تنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 2003، وفقا لمنظمة معا ضد عقوبة الاعدام.
ويختلط السجناء المحكوم عليهم بالإعدام مع معتقلين آخرين، معظمهم رهن الحبس الاحتياطي بانتظار محاكمتهم.
وتقول هيومن رايتس ووتش، إن "في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما زال 71 بالمئة من المحتجزين ينتظرون محاكمتهم".
وأفاد وزير العدل سيليستين توندا في 8 إبريل بأن "ما لا يقل عن 1200 محتجز" غادروا السجون الكونغولية "للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد"، كما من المرجح إطلاق سراح سجناء آخرين الاثنين.
ولم يتم "وضع أي إجراء مالي لدعم هذه التدابير"، بحسب المنظمة الحقوقية الكونغولية "جوستيسيا" التي اتهمت الحكومة الجمعة ب"الإهمال" إثر إصابة 43 شخصا بالفيروس في سجن ندولو العسكري، وحذرت المنظمة غير الحكومية من أن "الحكومة يجب أن تتحرك لتجنب المجزرة".