محمد ثروت

مبادئ غائبة عن حركات الإسلام السياسي

السبت، 30 مايو 2020 02:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاعترافات التي بثتها إحدى القنوات الفضائية اللبنانية لأعضاء تنظيم داعش الإرهابي من داخل أماكن احتجازهم بسوريا تحتاج إلى الوقوف عندها للتأمل والتحليل. يعترف التكفيري أبو صعب، وهذا درس للمغفلين والمخدوعين في تلك الجماعات التكفيرية قائلا: خدعونا بمسميات عقدية براقة مثل: الجنة هاهنا والشريعة مصدر السعادة، وعودة الخلافة الراشدة على الأرض، ولكن الحقيقة أن أمراء داعش قسموا الناس إلى طبقات وعاملونا كالعبيد،
 
مبررين السرقة والظلم والوحشية، وما رأيناه فى إصداراتهم على الإنترنت هو كذب فى الواقع، فعندما نتحدث عن ظلم وقع على زميل لنا، يخرج علينا أحد الأمراء في التنظيم في تجهم وحدة: لا تتدخل فيما لا يعنيك،  وإلا سيكون عقابك عظيم".
إن هذا الشاب المخدوع وغيره الكثيرين من المخدوعين أفاقوا من الوهم الكبير، ليروا أنفسهم بين الموت المجاني أو السجن والمحاكمة عند العودة  إلى بلادهم الأصلية. 
 
لقد عكس تشدد تلك الجماعات التي شوهت صورة الإسلام الحقيقية، تناقضاتها بين التنظير والممارسة على أرض الواقع، حيث افتقد التطبيق إلى مبادىء الفكر الإسلامي من مصادره الأصيلة ومنها:
 
1-مبدأ الحرية الدينية "لكم دينكم ولي دين"( الآية 6الكافرون)، "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (الآية 99يونس)، "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" (الآية 125 النحل).
 
ويترتب على الإيمان بمبدأ الحرية الدينية التلاؤم بين الإسلام في أصوله والمجتمع الحديث، كما يترتب على ذلك إعادة بث روح التسامح والاعتدال والعقلانية واحترام العقائد الأخرى.
 
2-مبدأ التعددية السياسية: هي التي يعبر عنها باحترام الهويات المتعددة للشعوب في المجتمع الحديث أو الدولة القومية أو القطرية. كما قال تعالى في القرآن الكريم: "ولو شاء لجعلكم أمة واحدة" (الآية 93 النحل) وقوله: "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الآية 13 الحجرات).
3-مبدأ احترام حقوق الإنسان: بغض النظر عن لونه أو عقيدته أو جنسه، وتأكيد حرمة دم الإنسان، و اعتبره جريمة قتل وهي من أكبر الكباءر "أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"(الآية 32 المائدة).
 
4-مبدأ الشورى في القرآن: الذي يعبر عنه في العصر الحديث بالديمقراطية لأن جوهر مبدأ الشورى يعني عدم إبرام أمر دون التشاور لقوله: "وأمرهم شورى بينهم" (الآية 38الشورى). وسلوك المسلمين أثر وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في اجتماع سقيفة بني ساعدة، للتداول فيمن يخلفه في الوظيفة السياسية والحكم.
ودور الشورى جعل الإمام على يقبل التحكيم في الخلافات بينه وبين خصومه. وغيرها من الشواهد في التراث الديني الذي لم يقرأه هؤلاء المغرر بهم قراءة متعمقة بغية الفهم والتحرر من الاستلاب العقلي.
 
5-مبدأ التفاعل والاندماج في المجتمع: دعا القرآن للتفاعل بين جميع أفراد المجتمع مسلمين وغير مسلمين في قوله:" اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامهم حل لكم". (الآية 5 المائدة). والطعام هو أساس الحياة، وهذا ينطبق على فلسفة التعامل في جميع مناحي الحياة.
 
إن هذه المبادئ الخمسة التي غابت عن تيارات الإسلام السياسي في الممارسة تتطلب أن يعاد نشرها لمواجهة هذه الأفكار الظلامية وفضح تناقضاتها مع روح الإسلام السمحة، وترك القشور التي تسببت في تخلفنا عن ركاب الدول المتقدمة، وتقديم صورة مشوشة عن الإسلام للعالم كدين مختصر في الجهاد والاستشهاد.
وهذا يتطلب تطوير الفقه السياسي الإسلامي الذي ظهر في مراحل الغزوات والحروب مثل مصطلحات دار الحرب ودار السلام والردة والجهاد والولاء والبراء وأهل الذمة وغير ذلك.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة