يتحدثون عن الوعى وينسون أنفسهم، حال كثيرين ممن يسكنون عالم التواصل الافتراضى ولا يكفون عن لوم الآخرين بينما يمارسون نوعا من الإفزاع ويدعى بعضهم معرفة لم يدع العلماء والأطباء والخبراء امتلاكها.. وقد نعذر شخصا بسيطا لا يمتلك أدوات المعلومات بينما يصعب التماس الأعذار لكتائب من المدعين يتعاملون مع فيروس كورونا مثلما يفعلون مع كل القضايا باستخفاف واستعراض متجاهلين أنهم أمام جائحة عالمية وفيروس يهاجم العالم ويصيب حتى الأنظمة الطبية حتى فى أكثر الدول تقدما، ولا نقصد من ينتقدون أو يطالبون بناء على معطيات أو خبرة، وإنما هؤلاء الذين يستسهلون إصدار الأحكام او الادعاء بالقرب من مصادر معلومات وهمية.
هناك أفراد ومجموعات من الجمهور على مواقع التواصل، لم يتوقفوا عن المطالبة بفرض حظر شامل طوال اليوم ولمدة طويلة لتجنب الإصابات والعدوى بفيروس كورونا، لكن للمفارقة فإن نفس هؤلاء أو لنقل بعضهم أول من يخالف إجراءات السلامة ويسارعون فى نشر أى أرقام أو إحصائيات مبالغ فيها أو حتى مفبركة، وإذا بنا أمام حالة من الازدواجية، ومن يطالبون بالوعى وينتقدون وعى الآخرين هم أنفسهم يمارسون تصرفات ضد الوعى وضد حتى أنفسهم فى بعض الأحيان.
وأبرز مثال على هذا اللهاث غير المبرر هو حجم الاحتفاء بأرقام الإصابات اليومية والوفيات، ومعها عبارات «استر يارب والأمر خطير كارثة ماهذا» بل إن بعض السادة الفسابكة تورطوا أمس الأول فى نشر بوست مزيف بأرقام مضاعفة من الإصابات والوفيات، وبدا الرقم مفزعا لكنه لم يكن منسوبا إلى وزارة الصحة ولا أاى جهة، واتضح بعد أقل من ساعة أن البوست مفبرك ومزور، وهنا عدد قليل فقط هو من اعتذر على أنه نشر الأرقام المزيفة والباقون تجاهلوا الأمر وواصلوا حياتهم وحاول بعضهم تبرير النشر بأنه لاشك أن هناك تقليلا للأرقام وبالرغم من أن هذا لم يثبت طوال أسابيع إلا أن من نشروا الأرقام المزيفة لم يريدوا الاعتراف أنهم مغفلون. ويواصلون لعبة الأرقام وتحليل الإحصائيات كأنهم يتابعون مباراة كرة قدم وليس حدثا وتهديدا لهم ولغيرهم.
وما يهم فى هذا أن شخصا أو جهة ما تلاعبت بعقول مئات وربما آلاف من المستخدمين بعضهم من ذوى الادعاءات بالخبرة والمعرفة، واعتادوا أن يكتبوا كلاما عميقا واسعا وتحليلات خرافية لما يجرى، بينما هم فى أفضل الفروض مجرد مغفلين يسهل التلاعب بهم، ولن نسأل عمن يكون وراء التلاعب فى نشر إحصائيات مضروبة وأرقام مفبركة، أو التفنن فى إنتاج بوستات تحمل تصريحات لمسؤولين أو وزراء غير صحيحة وأغلبها منسوب لمواقع إخبارية كبرى، وبالرغم من أن هذه البوستات تبدو من اللحظة الأولى مفبركة لكنها تجد سبيلها إلى النشر بالشير والتعليق سواء بحسن نية ورغبة فى ادعاء المعرفة والاتصال بالمصادر العميقة أو تعمدا للمساهمة فى لعبة اللجان المعروفة.
وهناك نسبة معتبرة من المستخدمين يسهل التأثير فيهم من خلال البوستات والتحليلات المفبركة لدفعهم إلى مواقف معينة أو إثارة الخوف والغضب، ونعود إلى تذكر رقم مستخدمى أدوات التواصل وأن هناك 40 مليون مستخدم لفيسبوك وحده بمصر وهو رقم ضخم هؤلاء يمثلون رأيا عاما كبيرا وإن كانوا ليسوا كلهم منتجى أخبار أو بوستات وإنما 5 % فقط من ينتجون محتوى فيس بوك فيما الباقون مقسمون بين متفاعلين أو مجرد مصفقين ناقلين من دون تفكير وهنا تنبع خطورة الأمر وإمكانية تسريب بوستات ومعلومات، بل وفيديوهات مفبركة يمكنها التأثير فى رأى جمهور افتراضى يضم نسبة كبيرة تصفق أو تضع لايكات أو تعيد نشر البوستات والمعلومات. عجزوا عن تمييز بوست مفبرك ويزعمون أنهم عمقاء بما يكفى ألا يكونوا مغفلين.