هناك وجهتا نظر فى الأجواء، إحداهما أن فيروس كورونا وصل إلى ذروته فى مصر خلال هذه الأيام، وأنه فى طريقه للتراجع خلال أسبوعين على الأكثر مع منتصف مايو، وهذا فى حال التزم الجميع بإجراءات الوقاية والتباعد، بما يضمن عدم تشكل بؤر جديدة، مع تزايد أعداد المتعافين وخروجهم، لتبدأ الحياة فى العودة تدريجيا لطبيعتها.
وأنصار هذا الرأى يستندون إلى تفاوت عدد الإصابات بشكل يرتفع وينخفض، بما يعنى الاقتراب من نقطة تراجع قد تنهى الفيروس تماما، أما وجهة النظر الثانية فتتوقع سيناريو متشائم لانتشار المرض، أو على الأقل استمراره لفترة أطول من شهرين، وربما تزايد أعداد المصابين بشكل هندسى أو حدوث انفجار فى العدوى يجعل من الصعب تراجع الفيروس، وبالتالى فهناك احتمال لاستمرار التزايد وصولا إلى ذروة بعد أسابيع.
هناك رأى بين الرأيين يرى أن الفيروس يصل ذروته خلال الأسبوعين القادمين ليبدأ بعدها فى التراجع أو التوسع، وفى كل الأحوال، فإن كورونا مستمر لفترة، وحتى لو تراجع فى الصيف فسوف يعاود الظهور فى الخريف أو الشتاء القادم، وهو رأى يستند لأراء علماء فى أوروبا والولايات المتحدة، وقرار دول كثيرة بالعودة إلى استئناف الأعمال والنشاط الطبيعى مع اتخاذ الإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعى بشكل حاسم، بما يعنى أن الحياة سوف تعود، لكن العودة لن تكون مثلما كانت قبل كورونا، حيث تستمر الإجراءات الاحترازية لأسابيع قادمة.
اللافت للنظر أن كل من يتناول نظرية «الذروة» يتمسك برأيه، كالعادة حتى لو لم يكن متخصصا فى أى من جوانب الطب أو العلم، لكنها عادات السوشيال ميديا التى تنتج خبراء من كل نوع يوميا، يدلى الواحد برأيه عن ثقة ويقين كأنه من خبراء هذا الفرع، وبالرغم من أن كورونا يتعلق بعلوم الفيروسات والطب والمناعة، فإن خبراء الهبد الدائم اندمجوا كالعادة وكل منهم أصبح خبيرا كأنه ولد فى بيت الفيروسات أو معامل البيولوجيا الدولية، ونظرة واحدة على يوتيوب تكشف عن مئات الفيديوهات لخبراء يتحدثون فى عالم كورونا ويشرحون الموضوع ويحللون الذروة والسفح، وتراكيب الفيروس، وكلهم غالبا ينقلون من مواقع وبوستات ويتناولون مصطلحات ربما لم يسمع الواحد منهم بها قبل ساعة من حديثه فى الفيديو، لكن مع الوقت اكتشف هؤلاء أن الموضوع سهل، مجرد رص كلام بشكل منظم واستعمال إحصائيات ومنحنيات وبيانات عن بوستات أخرى منقولة بعضها بلا مصادر.
ومع كل هذا الكلام، تبدو الاختلافات واسعة وحيرة المواطنين تزداد أمام تناقضات لا يصنعها المختصون وإن كان بينهم اختلافات، لكن يصنعها هواة عينوا أنفسهم خبراء طب وفيروسات وكورونا. بعضهم يبالغ فى الرعب والبعض يبالغ فى التفاؤل ويقدم خبراته فى علاج فيروس عجز العالم عن حسم الرأى حوله حتى الآن.
والخبر الأكيد أن فيروس كورونا لا يفرق بين غنى وفقير ولا بين دولة متقدمة وأخرى متخلفة، والخبر الثانى أن دولا كثيرة قررت العودة للعمل واستئناف أنشطة رياضية وتجارية وصناعية وسياحية من دون أن يعنى ذلك التوصل لعلاج أو لقاح، لكنه يعنى استمرار القلق، خاصة من استئناف السفر لأنه يحمل مخاوف انتقال العدوى بين الدول لتبدأ دورة جديدة. وكل هذا لاعلاقة له بخبراء الذروة هنا أو هناك، ولكن له علاقة بمخاوف من الجوع والاضطراب الاجتماعى.