دينا شرف الدين

" إلتزموا بيوتكم و تجنبوا الإختلاط"رسالة ( ابن سينا) منذ عشرة قرون

الجمعة، 08 مايو 2020 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شاهدت منذ أيام عدة مشاهد متداولة من فيلم باللغة الروسية يرجع إلي خمسينيات القرن الماضي يدور حول نظرية  أبو علي الحسين ابن سينا الشهير ب( إبن سينا) ،

 

إذ كان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، ولُقِّب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي،

كما عرف بأمير الأطباء وأرسطو الإسلام،

 

و ظل كتابه ( القانون في الطب )  المرجع الأساسي للطب في أوربا طوال القرنين الخامس والسادس عشر، حتى بلغت طبعاته في أوربا وحدها أكثر من أربعين طبعة.

 

فقد كان ابن سينا سابقاً لعصره ، إذ كشف لأول مرة عن طرق العدوى لبعض الأمراض المعدية كالجدري والحصبة، وذكر أنها تنتقل عن طريق بعض الكائنات الحية الدقيقة في الماء والجو، وقال:

 {إن الماء يحتوي على حيوانات صغيرة جدا لا تُرى بالعين المجردة، وهي التي تسبب بعض الأمراض، وهو ما أكده “فان ليوتهوك” في القرن الثامن عشر والعلماء المتأخرون من بعده، بعد اختراع المجهر}.

 

هذا و قد كان الحوار بأحد مشاهد هذا الفيلم عن تلك الاكتشافات العظيمة المتفردة آنذاك  و وجود مخلوقات متناهية الصغر لا تُري بالعين المجردة تصيب الإنسان بمعظم الأمراض ،

و غالباً  ما تستقر  هذه الكائنات علي الملابس و الشعر و اللحية و الأيدي ، و نصح الناس باستعمال محلول الخل للتعقيم و الوقاية من أضرارها .

 

و ما زاد من دهشتي ما نصح  به العالم الجليل من خلال شخصيته التي تم تجسيدها في الفيلم بعدم  الإختلاط الكبير بين الناس اذ أن تلك الكائنات غالباً ما تنتقل من شخص لآخر خاصة بالأماكن المزدحمة و أن مريض أو مصاب واحد قد ينقل العدوي لمائة آخرين علي الأقل

حتي إن أحد المشاهد كان بها المنادي ينادي بتوصيات ابن سينا بالتزام البيوت و عدم الصلاة بالمساجد آنذاك و التي غالباً ما كان يجتاح بها البلاد أحد الأوبئة .

 

حقاً ، فالتاريخ يعيد نفسه مراراً و تكراراً  ، فما قاله ابن سينا هو بالحرف ما يقال الآن بعد عدة قرون قطع بها بني البشر  شوطاً كبيراً بطريق العلوم و الإكتشافات و المعارف التي تصور من خلالها الإنسان أنه قد تملك زمام الأمور كافة ،

 

و لكنه ،

سرعان ما يكتشف أن كل ما حققه من تقدم  و ما اكتشفه من معارف و ما طوره من تكنولوجيا  و ما انتصر عليه من أمراض بلقاحات و علاجات ما هو إلا قطرة مياه  بالمحيط و ما امتلأت به نفسه من غرور المعرفة  ما هو  نقطة بسطر  لا نهاية له ،

 

فقد وضعت أزمة كورونا  الإنسان  بمأزق كبير ، ليواجه عجزه و حدود علمه  الضيقة بعد أن ظن كل الظن أن لها من الرحب و السعة ما  يزهو به و يفخر .

 

فلعله يكبح جماح  غروره بالقليل من الحكمة و يكبل تكبره في الأرض ببعض التضاؤل و الإستصغار و يراود أطماعه الغير محدودة بالقليل القناعة

 

فيسعي و يجتهد و يواصل بحثه و اكشافاته  و هو يعلم تمام العلم  أنه

  " فوق كل ذي علم عليم " .

 

نهاية :

أوصيكم و نفسي بالحذر دون الهلع ، و الصبر دون الجزع ، و الرضا دون الطمع

 

و بما أنني قد استشهدت بأمير الأطباء و فيلسوف الإسلام ، فسأختتم مقال اليوم بأحد أشهر أقواله المأثورة و التي أجد بها من الحكمة ما ينبغي علينا الآن التحلي بها ، و هي  :

  " الوهم نصف الداء ، و الاطمئنان نصف الدواء ، و الصبر أول خطوات الشفاء"

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة