أكرم القصاص

كورونا ولعبة الإحصائيات وخدعة الأرقام المتقاطعة

الإثنين، 01 يونيو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك عادات اقترنت بفيروس كورونا لدى قطاعات من معلقى عالم التواصل الاجتماعى منها إدمان عدد وافر من سكان فيس بوك ومواقع التواصل تحليل أو نشر إحصائيات ومقارنات والخروج منها باستنتاجات بعضها «خزعبلى» يجلس الخبراء يوميا وينتظرون إعلان أرقام المصابين والمتوفين بكورونا ليبدأوا عمليات تحليل وجمع وطرح ومقارنات، ويعلن بعضهم استنتاجات أو يكتفون بشهقات وفزعات أو يعلنون أحكاما واستنتاجات، تبدو «كأنها» حقيقة، وبعضهم مع الوقت واللايكات يعلن نفسه خبيرا يعطى نصائح أو يوجه اتهامات أو تقييمات لطريقة المواجهة، بينما كل ما يفعله مجرد كلام بعضه منقول من آخرين أو نتيجة مبنية على مقدمات غير موجودة أصلا.
 
وبعض ما يقدمه خبراء العمق لاعلاقة له بالإحصاء ولا بالطب ومجرد رغبة فى الظهور بصورة العارف بالكورونا والفاهم باستراتيجيات وتكتيكات المواجهة، وهم فى الواقع مثلنا مواطنون عاديون يعرفون أن العالم كله مكشوف لبعضه، وأن كورونا وباء بلا سوابق، ولا يزعم أى طرف أنه يمتلك كتالوج التعامل وخطط المواجهة بشكل نهائى. وحتى العلماء والعالمون ببواطن أبحاث الفيروس لا أحد منهم يمتلك يقين مستخدم على باب فيس بوك يمارس هواية الادعاء بكل ثقة.
 
وبعض من ينتظر يوميا إعلان أرقام الإصابات والوفيات ويعيد نشرها مع همهمهات تضاعف من الفزع ولا تساعد فى تفهم أو إدراك، حتى لو تضمنت لوما أو مدحا للجهات المسؤولة ونصائح، تفترض أن من يديرون الأمر لا يطلعون على نفس ما يعرفه خبير الإحصائيات والتحليلات الرقمية المتقاطعة.
مثلا منذ بدء إعلان الأرقام المرتفعة للإصابات والتى تخطت الألف يوميا ظهرت حالة من الهلع الافتراضى وتحذيرات وتوصيات ويجب أن، ويفترض، يوم والثانى وتراجع الهلع، بالرغم من أن الخطر لم يتراجع وكأن حالة من الاعتياد تصنعها كثرة النشر مثل اعتياد مشاهد العنف.
 
ولسنا فى مقام توجيه اللوم لمعتادى الفزع ونشر الكآبة، ففى العالم الافتراضى الكل خبير، يشكو أو يهاجم أو يصفق، مع أن الدول التى تواجه الخطر والفيروس لا تزعم أنها توصلت لأفضل الحلول حول المواجهة والفتح والإغلاق، وتجارب الولايات المتحدة وإيطاليا أو إسبانيا وبعدها البرازيل وأمريكا اللاتينية تشير إلى وجود اختلاف فى حجم وخطورة الإصابات وأعداد من يتوفون أو ينجون من الفيروس.
 
فقط على بعض صناع الفزع أو مروجى الاستهانة أن يتواضعوا وهم يتحدثون بيقين فى أمر حتى الخبراء حائرون فيه وليس لدى أى منهم إجابات واضحة عن ذروة أو انحسار الفيروس، هناك سيولة فيما يتعلق بحاضر الفيروس ومستقبله وتضارب التحليلات والدراسات التى تنسب كل منها إلى عالم أو مركز علمى، فى الولايات المتحدة أعلنت شركة دواء قبل أسبوعين عن توصلها لعلاج حاسم يشفى بعد أربعة أيام، لكن أنباء الدواء تاهت وظلت الإصابات مرتفعة، والحديث الآن عن لقاح بريطانى تراجع، ومؤخرا أعلن فى الصين لقاح لكن مثل هذه الأنباء تظل مجرد عناوين لا تكتمل طالما لم يظهر اللقاح ويستخدم.
 
وإذا كان هذا هو الواقع الذى يفرض نفسه فليس هناك سوى الالتزام بقواعد الوقاية المعروفة من احتراز ووقاية وكمامة وتباعد، ومن يصاب يحصل على العلاج فى منزله أو فى العزل حال تدهورت حالته، وهناك حالات لمرضى غير قادرين على تطبيق العزل المنزلى وهؤلاء يفترض أن تراعيهم بروتوكولات العلاج من يسكنون فى أماكن يصعب تطبيق العزل المنزلى فيها، وهؤلاء يفترض أن يراعى ظروفهم مع الأخذ فى الاعتبار أن ترك مصاب واحد يحوله إلى مركز عدوى ينقل الفيروس ويفسد أى ظروف لمحاصرته.
 
كل هذا أهم من التوقف عند الأرقام ومحاولة تحليل الإحصائيات وعقد مقارنات بلا فائدة، القصة هنا ليست فى تحليل أرقام أو نشرها، بقدر ما هو الالتزام بإجراءات الوقاية والتوعية من قبل هؤلاء الذين اعتادوا الجلوس خلف الكيبوورد وإلقاء خطب أو إفيهات أو تعليمات لا يعملون بها، والأمر هنا أكبر من تصفيق أو تصفير لأنه يتعلق بخطر لايستثنى أحدا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة