يظل الجدل حول بناء الأهرام مستمر طوال الوقت، حيث ظهر اسم الأهرامات بين أكثر الموضوعات تداولا فى بريطانيا فى الساعات الماضية وسط حالة من الجدل حول من قام ببنائها، وسط مزاعم عن أن العبيد هم البناة وليسوا مصريين أحرارا، وجاء هذا بعد اعتراض البعض على إطاحة متظاهرين بتمثال لتاجر رقيق فى مدينة بريستول البريطانية، الأحد الماضى، قبل أن يلقوا به في نهر ايفون، وهو ما دعا عدد كبير من الأثريين للرد على تلك المزاعم الباطلة، ولكن خلال التقرير التالى نستعرض دليل من أحوال الدفتر اليومى للعمالة خلال أعمال بناء الأهرام إحدى عجائب الدنيا السبع.
أولا يجب أن نوضح أن نظام الزراعة فى فى مصر القديمة وحتى بناء السد العالى، كان يمارس مرة واحدة فى العام مع الفيضان، ويقعد الفلاح بعد ذلك طوال العام بدون عمل، فجاء العمل فى الهرم فى هذا الوقت من السنة ليزيد من دخل الفلاح، وهذا ما ذكره كتاب "إعادة قراءة التاريخ" للدكتور والباحث ياسر شحاتة والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ومن خلال رصد لعدة معاملات للأفراد خلال أعمال بناة الأهرام، مما يؤكد عدم خضوع العمال للسخرة على الإطلاق، فيضيف الباحث الدكتور ياسر شحاتة، أنه كان يوجد متابعة طبية ذات مستوى عال للعمال كدليل على الاهتمام بهم وبأحوالهم، وهو العثور على آثارًا لوحدات صحية متخصصة لعلاج العمال المصابين فى العمل أو الذين يمرضون، كما وجدت آثار تدل على مخابز قديمة للخدمة على العمال، مما يدل على أن الدولة كانت تهتم بتوفير الغذاء للعمال.
وأشار كتاب "إعادة قراءة التاريخ"، إلى أنه من أهم ما وجد هو كشوف مقسمة إلى خانات متعددة، فيها خانة للاسم، وخانة لعدد أيام الغياب، وخانة إن كان سبب الغياب مقبولاً أو غير مقبول، مما يعنى أن الغائبين كانوا يسجلون ويسجل عدد أيام غيابهم، وأن بعض أسباب الغياب كانت تقبل أى يدفع لها أجر وأسباب كانت ترفض أى لا يدفع لها اجر.
ومن أعجب الأسباب وأجمالها التى ذكرت فى دفتر الجوال اليومية للعمال، أشار الكتاب هى التى ذكرت لغياب أحد العمال كان الاحتفال بعيد ميلاد ابنه، وللأسف لم تكشف القائمة التى وجدت إن كان هذا العذر قبل أم لا، ولكن ما يلفت النظر فى هذا العذر، وهو أن الاحتفال بعيد ميلاد الابن لا يكون فى تقاليد العبيد، بل هى من تقاليد طبقة على درجة جيدة من العيش والفكر، واللافت للنظر أن يذكر العامل فى الهرم هذا العذر وأن يأخد به بشكل جدى ويسجل فى الدفاتر فهذا يعنى أن ذلك التقليد كان متبعًا ومعروفًا ومعتبرًا.
وأكد الباحث ياسر شحاتة، أنه ليس من المنطق إطلاقًا أن نتصور أن الهرم فى ظل هذه المعطيات بنى بالسخرة أو من عبيد، بل كان عملا مجزيًا لأحرار يعاملون معاملة لا نستطيع انتقادها إنسانيًا أبدًا.