بما يمثل رقصة الثعلب العرجاء، خرجت تصريحات مشبوهة لقيادات من حزب أردوغان، حول شروط للحوار مع مصر، حيث مثل الأمر صدمة مدوية لم يستفق منها عناصر الإخوان فى تركيا حتى الآن، وذلك بعد التصريحات المتواترة لعدد من المسئولين الأتراك عن ضرورة فتح المجال لإجراء حوار مع مصر وعودة العلاقات مرة أخرى، وربما تكون تلك الدعوات تمثل جزءا من برجماتية النظام التركى، الذى يسعى لضرب وتقويض حركة مصر فى المنطقة.
التصريحات جاءت من المسئول الأول عن ملف السياسة الخارجية فى تركيا مولود تشاويش أوغلو، وكذلك ياسين أقطاى مستشار الرئيس التركى، فيما عقدت الصدمة لسان مذيعى الإخوان، حتى أن حمزة زوبع قال فى برنامجه إنه عجز مع فريق إعداده على تفسير هذه التصريحات.
الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن هذه التصريحات يجب أن تفهم فى سياقها وهى تصريحات لا تستند إلى أى أسس أو مرجعيات، والحديث حول أن هناك اتصالات تمت فى فترة معينة مع مصر أو غيره هذا كلام غير موثق وغير معترف به، ولم يتم على أى مستوى من المستويات باستثناء بعض التصريحات التى أطلقها أردوغان وبن على يلدريم حين كان رئيسا للوزراء، عندما قالوا إن لديهم مصالح مشتركة مع الشعب المصرى على المستوى الاقتصادى فيما يخص السياحة والاستثمارات والاتفاقيات التجارية، مشيرا إلى أن هذا الكلام لا علاقة له بالسياسة ولا علاقة له بأى محاولات فى هذا الإطار.
وأكد فهمى أن توقيت إطلاق هذه التصريحات يجب أن يفهم فى سياق شعور تركيا بحالة من العزلة واستمرار الانتقادات الموجهة لها من الدول الإقليمية والولايات المتحدة وروسيا، وبالتالى يسعى أردوغان وحكومته إلى طرح فكرة الحوار مع مصر.
وأوضح أن هذا الطرح ليس جديدا وسبق أن أعلنه أردوغان شخصيا حينما دعا مصر ودول شرق المتوسط لإجراء حوار فى ملف الغاز باستثناء قبرص، بسبب عدم الاعتراف المتبادل بين تركيا وقبرص.
وأشار إلى أنه فى كل الأحوال يمكن لنظام أردوغان أن يضحى بالإخوان، فهذه حكومة نفعية وبراجماتية ومصلحية، ويمكن أن يضحوا بأى طرف، وتاريخ حزب العدالة والتنمية يشير إلى هذا حتى فى تعاملهم مع قيادات الحزب وسياساتهم المصلحية المتقلبة وفقا للمصالح ووفقا للنفعية، فالإخوان ليسوا بعيدين عن هذا، حيث سبق وفعلها أردوغان وهو يتعامل مع الملف الكردى وبالتالى ليس مستبعدا التضحية بالإخوان فى أى مسار للعلاقات التركية.
من ناحيته اعتبر كرم سعيد، الباحث فى الشأن التركى، أن هذه التصريحات للتغطية على ما يحدث فى ليبيا، ودليل ذلك أن ذات التصريحات تحمل كلاما متناقضة.
ولفت إلى أن مولود تشاويش أوغلو وياسين أقطاى أكدا أهمية العلاقة مع مصر وضرورة الانخراط بين تركيا والقاهرة فى تسوية سياسية للازمة الليبية، لكن كلاهما تحدث بشكل معادٍ لثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 وأن جماعة الإخوان لابد أن تكون موجودة فى السياق المجتمعى والسياسى للدولة المصرية.
وأكد أن هذه التصريحات تأتى عشية المبادرة المصرية التى استطاعت أن تحقق اختراقا للازمة الليبية، وحظت بتأييد أقليمى ودولى وعربى كبير، والولايات المتحدة الأمريكية تحدثت عن دعمها لهذه المبادرة والرئيس الروسى أعلن دعمه لها لحلحلة الأزمة فى ليبيا، وبالتالى فى هذا السياق جاءت تصريحات مولود تشاويش أوغلو وياسين أقطاى وكأنهما يقولان للعالم إننا نريد أيضا مثلما تريد مصر تسوية سياسية للازمة الليبية، لكن أتصور أن ظاهر التصريحات يختلف تماما عن باطنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة