زكى القاضى

أردوغان "الديك الأعرج" فى ليبيا

الثلاثاء، 16 يونيو 2020 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
 
ما يحدث في ليبيا يمس كل الأطراف والدول المجاورة، ولا سيما تلك الدول التي ترتبط بحدود  مباشرة معها، ربما تكون تلك الجملة الأكثر تقليدية في معظم الحوارات الإعلامية، لكن المفهوم الأشمل لتلك التركيبات اللغوية، يضم كثير من الأبعاد، أهمها أن ما يمس الدول ليس بالضرورة مرتبطا بالشريط الحدودى، بمعنى مثلا  أن مصر لا تبدأ حدودها مع ليبيا، كحدود جغرافية على الخريطة، لأن هناك متسع وزخم مرافق لتلك الحدود، يجعل أمنها القومى يتعداها لمديات أكبر.
 
وارتباطا بما يحدث في ليبيا، يبقى ذلك الصراع بين قوات الشرق وقوات الغرب، ولكل طرفا منهم قوى خارجية تدعمه، ويتنوع ذلك الدعم طبقا لاحتياجات الدولة نفسها، وللقوى المتلقية لذلك الدعم من جهة أخرى، إلا أن ما يحدث في الغرب هو الأخطر أمنيا بشكل كبير، حيث أن السراج وحكومة الوفاق، ارتضيا كليا الارتماء في حضن أردوغان بشكل كامل، ومن وراءه قطر، فأصبحت حكومة الوفاق أداة جديدة في المنطقة للقوتين.
 
ويظهر فى الخلفيات تلك التوزيعات الإقليمية، حيث يبدو أن هناك توافقا غير مرئي لبعض القوى العظمى والإقليمية، بحيث يصنع من أردوغان قصة يمكن تسميتها بقصة "الديك الأعرج"، وهى تتلخص في ديك يطلق كثير من الصيحات في عشه، ومجرد اقتراب صاحب الحظيرة منه يكتشف أنه ديكا أعرج، لا يقدر على الحركة، ويكتفى فقط بالصياح، وهو عمليا ما يحدث على الأرض في ليبيا، بحيث صار رجب طيب أردوغان، ديكا أعرج يصيح يمينا ويسارا، وهو يعلم يقينا أنه بمجرد الاقتراب منه، سيظهر مدى الضعف والهوان الذى يمتلكه، لكن في تلك المساحة تقف تلك القوى العظمى لجعل " الطابق مستور"، فيظل أردوغان على نفس أرضيته، لايريد فيها زيادة ولا نقصان، ويظل مستمرا في الصياح دون قدرة عسكرية على التحرك.
 
القضية الأخرى المتعلقة بالشأن الليبي، وهو الصراع الإقليمي على الهلال النفطي، وهو الواقع تحت يد قوات المشير خليفة حفتر، وهو المثلث الذى يضم آبار البترول، والذى كان تحت سلطة ميليشيات، ثم استطاع حفتر أن يبقيه تحت سلطته، وهو الصراع أيضا الواضح والصريح بين السراج وقوات الشرق.
 
ومابين الصراعات على الخريطة الميدانية بين قوات الشرق والغرب، سيظل ذلك الوضع متأرجحا لكلا الطرفين، بحيث يسعى كلاهما لتحريك على أكبر قدر للسيطرة على الأرض، وذلك التحرك تحكمه التدخلات الدولية والإقليمية، مع الإشارة أن هناك دولا كبيرة لديها انقسامات داخلية في التعامل مع الملف الليبي، فتجد مؤسسات تقف مع، ومؤسسات تتجه إلى نسق آخر، ويبقى الحل في ليبيا معتمدا على إشكاليات ربما لا يمكن حلها في الوقت القريب.
 
وفي ذلك المشهد المعقد بتركيبته، تقف مصر في موضع الرؤية الثاقبة للأمور، وتعلم أن تحرك المشهد على الخريطة، في وقت بعينه، يستدعى تدخلا لإحداث التوازن المطلوب، وذلك التحرك قد يكون سياسيا ودبلوماسيا، وقد يحمل أشكالا أخرى.
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة