مؤخرا أعلنت الشارقة إطلاق "صندوق الأزمات للناشرين الوطنيين"، بمليون درهم إماراتى (قرابة خمسة ملايين جنيه مصرى)، بهدف دعم الناشرين المتضررين من جائحة كورونا، ومساندتهم لاستكمال مشاريعهم الإبداعية والثقافية.. هذا ما فعلته إمارة بحجم الشارقة، فماذا فعلت الحكومة المصرية لحماية صناعة النشر العريقة وأحد أذرع القوة الناعمة المصرية من الانهيار أو التوقف الكامل إذا استمرت تداعيات كورونا عدة شهور أخرى؟.
الدراسات تحذر من أن 40% من الناشرين وربما أكثر سوف يخرجون قريبا من السوق لعدم قدرتهم على استمرار تحمل الخسائر التى طالت أصل رأس المال.
مع جائحة كورونا توقفت 9 معارض للكتاب على مستوى العالم العربى، كانت تمثل العمود الفقرى لحركة بيع الكتاب لكل الناشرين، ومع توقف المعارض توقفت بالتبعية حركة النشر، إذ أنها دائرة مرتبطة ببعضها البعض فليس من المنطقى ان يطبع الناشر من حر ماله ثم يضع الكتب فى مخازنه، هذه الدائرة الجهنمية التى سببها وباء كورونا طالت بالتأكيد الكثير من الصناعات.
ولكن الدولة مشكورة قامت بكثير من الإجراءات لتخفيف الأعباء والأضرار التى لحقت بالعاملين فى تلك الصناعات، بل وقامت بإلغاء أو تقليص بعض الموارد التى كان سيتم تحصيلها حتى يعبر الجميع الأزمة، ولكن هذا الإجراء المحمود للحكومة سقط منه صناعة فى غاية الأهمية، وتعد أحد أقدم وأهم الصناعات التى تتميز وتتفرد بها مصر، وهو النشر الذى للأسف لا تتعامل معه الدولة إلى الآن باعتباره صناعة، وبالتالى يتلقى القائمون عليها حوافز تتيح لهم البقاء وعدم الخروج من السوق كما تتيح لهم الاستفادة من حوافز ودعم المشروعات الصغيرة.
للأسف الكتاب غائب عن حسابات الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير، وإلى يومنا هذا ووزارات مثل التربية والتعليم والشباب والرياضة والتعليم العالى والثقافة توقفت عن اقتناء الكتب من دور النشر، وإتاحته للشباب والطلاب فى المكتبات التابعة لها .. وتعامل البعض مع الكتاب باعتباره رفاهية او كماليات رغم ان كل معاركنا التى نخوضها مع أسوأ عدو وهو الارهاب الأعمى اساسه فكر ضال لم يجد فى المقابل من يتيح له صحيح الفكر والدين بإتاحته فى كتب رخيصة وفى مكتبات تنتشر على مستوى الجمهورية كما كان سابقا.
الكتاب يحتاج إلى دعم مثله مثل رغيف العيش، وأولى خطوات دعمه المحافظة على صناعته من انهيار مرتقب ووشيك. الحل بالتأكيد ليس فى عشرات الآلاف من الجنيهات منحتها وزيرة الثقافة لوضعها فى صندوق كوارث الناشرين لمساعدة بعضهم على أن يجد قوت يومه وليس إنتاج كتاب، ولكن الحل بداية أن تنظر الدولة للنشر باعتباره صناعة استراتيجية تستحق الحماية وان تقف بجانبها وتدعمها دعما لمستقبل هذا الوطن وبعدها فالاقتراحات والحلول كثيرة المهم هونظرة الدولة للنشر ومستقبله.
أتمنى إعلاء للقيم المتفردة لهذا الوطن ان يضع رئيس الوزراء النابه الدؤوب إنقاذ صناعة النشر على اجندته هو بالتأكيد يعمل على دعم صناعة المستقبل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة