محمد ثروت

دعاة وكاذبون أيضا!

الأحد، 21 يونيو 2020 04:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طلب مني الداعية المودرن، الذي ملأ الدنيا ضجيجا بأنه فارس التنوير وداعية التجديد- التوسط لإحدى السيدات الأجنبيات للحصول على تجديد إقامتها في القاهرة، وهي خدمة عادية ومشروعة، لكن غير العادي أنه كتب في ورقة-لازالت أحتفظ بها: "عزيزي محمد، أرجو إنجاز إقامة السيدة(..) بالتحايل أو بالمال أو بالواسطة".

 

بالطبع لم أفعل ما ذكره لي الداعية المودرن، واكتفيت بإحالة بيانات تلك السيدة إلى صديق محامي-أعرف أخلاقه جيدا، يستطيع حل تلك المشكلة بالطرق القانونية.

في كل مرة أطالع فيها صديقي القديم على شاشات التليفزيون وفي الصحف،  أتذكر تلك الواقعة، وأردد أمام نفسي المثل الشعبي القائل: " أسمع كلامك أصدقك..أشوف أفعالك أتعجب". وهو المثل الذي يضرب فيمن يقول ما لا يفعل.

  إن مشكلة ذلك الداعية وغيره تتمثل في الكذب اليومي على الناس باسم الدين والقيم والأخلاق أحيانا، وباسم الوعي والتنوير والتثوير ولاهوت التحرير أحيانا أخرى، إنه كمثل من يحرس لافتة ولا يعرف معناها الحقيقي، أو أنه يعرف ولكنه يدمن الكذب على الناس وخداعهم، كيف لا يستطيع مثلا النجاح في علاقاته الاجتماعية داخل بيته وعائلته وبين أصدقائه، ويفشل في حل مشكلاتهم، فيضطر لإقامة مجتمعات أخرى لا تذكره بهم،  ثم يبشر الآخرين بأنه رسول الإصلاح؟ وكيف يطالب غيره بالنزاهة والشفافية والحرص على المال العام، وهو يجمع الثروات بأي طريقة أو وسيلة لا فرق بين تمويل محلي أو أجنبي؟  وبين الغرض الذي يوظفه ممولوه من أجله،  المهم عنده شراء السيارات الأحدث موديل والساعات الفاخرة وإدمان السفر حول العالم في الدرجة الأولى.إنه يأمر بعض الدعاة السلفيين بالزهد والتقشف والتوقف عن البذخ وبناء العمارات وركوب السيارة الفخمة، بما يناقض دعوتهم للتمسك بأصول الحياة الأولى في الإسلام،  وينتقد تلقيهم تمويلات من هنا وهناك، ويفعل مثلهم وكلاهما يمثلان نموذجا واحدا، وإن اختلف الرداء- لداء عضال استشرى في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ألا وهو الكذب والنفاق باسم الدين في أمام الناس، وإخفاء الهدف الأساس لدعوتهم من تربح وشهرة وخلافه من منافع دنيوية.     

لقد تحدث القرآن الكريم عن هؤلاء في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" (الصف2-3) أي أن هؤلاء الذين يفصلون بين القول والفعل، والعلم والعمل به، ويخلفون ما وعدوا به، فعظم مقت وبغض الله لتصرفاتهم.

وورد هذا المعنى في أكثر من موضع من القرآن،  ففي جزء من الآية 44 من سورة البقرة: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ"، كما جاء على لسان النبي شعيب عليه السلام في قوله: "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ". (هود88)

سوف تزداد شهرة صاحبنا وتربحه باسم الدين، وربما حصل على جوائز وتكريمات هنا وهناك، إلا أن صورته أمام نفسه وأمامي ستظل الصورة الحقيقية الكاشفة لقناع الكذب على الله وعلى الناس.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة