فى منتصف عام 2010 الماضى، كنت أتحدث مع صديقى "العم يحيى" والذى كان يكبرنى بـ35 عاما، حيث كان عمرى وقتئذ 29 عاما، وبعد أن انتهينا من صلاة الظهر، وقد كنا نتحدث عن قرب شهر رمضان، فدار بيننا الحوار التالى:
العم يحيى: تيجى ننوى الحج السنة دى يا مصطفى؟
أنا مندهشا جدا: ننوى الحج!؟
العم يحيى: أيوة هو فى حاجة بعيدة على ربنا.
أنا: لأ بس ازاى؟ .. الحج عاوز فلوس كتير وأنا معنديش اللى أسافر بيه.
العم يحيى: يا عم انوى بس.. لو مسافرناش يبقى نوينا وخدنا الأجر بالنية.
أنا: ماشى ننوى!! وأنا مش مقتنع ولا متصور ولا متوقع أصلا.
الحوار انتهى ولكن قدرة الله ليس لها حدود، فقد تمكنت أنا من الحج هذا العام ولم يتمكن العم يحيى من أداء الفريضة.. أظن أنك تود أن تعرف كيف حججت.. صح؟
هحكيلك يا عم.. بعدها بفترة كان لى صديق يعمل مهندسا بالسعودية، وأبلغنى أن إحدى الجرائد تريد صحفيين للعمل لديها، مكدبتش خبر.. تحدثت مع الأستاذ خالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، وكنت لم أعين بعد، بارك خطوتى وأبلغنى بأن الجريدة مكانى عندما أعود فى أى وقت، وقد كان .. سافرت وعملت وكتب الله سبحانه وتعالى لى الحج فى هذا العام، وكأن الله أرد أن يرسل لى رسالة بقدرته ومشيئته التى كنت مندهشا من تحقيقها.. فالحمد لله على حج بيته الحرام، فكل شىء بقدر الله ومشيئته، فاحمد الله ولا تبتئس أبدا.
منذ ساعات قليلة قررت المملكة العربية السعودية قصر الحج هذا العام على عدد محدود من المقيمين داخل المملكة سواء أكان سعوديا أو أجنبيا مقيما بها.
قرار السعودية ترتب على أزمة فيروس كورونا وتفشى الوباء وانتشاره عالميا وتخطى أعداد ضحاياه الـ9 ملايين مصاب، وأكثر من 473 ألف وفاة.
دار الإفتاء المصرية دعمت قرار المملكة، وبشرت من نوى الحج بحصوله على الأجر، حيث قالت: "مَنْ عزم مِن المسلمين الحج هذا العام وحيل بينه وبين الذهاب لأداء الفريضة فهو مأجور بنيته كأنَّه ذَهَب لأدائها"، فيا من نويت الحج ولم تحج أبشر أخذت الأجر بنيتك.
دار الإفتاء المصرية أكدت أيضا اتفاق القرار مع أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية حفظا على أرواح وسلامة الحجيج وضيوف الرحمن وسعيها الدءوب للحفاظ على حياة الحجاج والمعتمرين وضيوف الرحمن".
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، ناشد المسلمين ممن كانوا ينوون أداء فريضة الحج هذا العام بالتصدق بنفقاته قائلاً: "أدعو كل من نوى الحج هذا العام للتصدق بنفقته لعلاج المرضى ومساعدة المحتاجين".
غرفة شركات السياحة برئاسة حسام الشاعر، أعلنت دعمها للقرار السعودى وما تضمنه من حرص المملكة على إقامة الفريضة بشكل آمن صحيا وتحقيق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي، مشيرة إلى أن حفظ النفس البشرية أولوية بكل الشرائع السماوية فى ظل انتشار جائحة كورونا وأن القرار قدم سلامة وصحة المسلم على أداء الفريضة.
الجميع رحب بقرار الحكومة السعودية ودعمها فى درء المفاسد على جلب المصالح، فكما أن الحج عرفة، أيضا الحج نية، فيا من نويت الحج ولم يقدر الله لك أن تؤدى الفريضة، لا تبتئس فأنت حاج بنيتك، فرب قاعد حج بنيته، ورب حاج لم ينل من سفره وطوافه إلا المشقة والتعب، فاصبروا فإن فرج الله قريب، واعلموا أن الأجر على الله.. قال الله تعالى: "وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة