أصدرت الدائرة الجنائية الإثنين "د" – بمحكمة النقض – حكماَ مهماَ رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن "دليل العذر" المرتبط بالشهاة المرضية، قالت فيه إن: "التقرير بالاستئناف بعد الميعاد بواسطة "وكيل" لا ينال من مرض المتهم الذي منعه من التقرير فى الميعاد القانوني، ولزاماَ على محكمة الموضوع تحقيق الدليل المقدم كعذر قهرى مانع عن التقرير بالاستئناف فى الميعاد المقرر له، وتقضى بنقض حكم طرح دليل العذر المقدم من الطاعن دون تحقيقه تحقيقا تستجلى به حقيقة الأمر، للوقوف على مدى صحة هذا العذر القهرى المانع من التقرير بالاستئناف فى الميعاد".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 25154 لسنة 88 القضائية، برئاسة المستشار رضا القاضى، وعضوية المستشارين عاطف خليل، والنجار توفيق، وأحمد حافظ، ومصطفى فتحى، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض محمد الدليل، وأمانة سر أحمد سعيد خطاب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى القضية الجنحة رقم 153 لسنة 2015 جنح اقتصادية القاهرة، وذلك لأنه فى يوم 19 من سبتمبر لسنة 2014 بدائرة قسم النزهة – محافظة القاهرة – حمل حال خروجه من البلاد أوراق النقد الأجنبى الذى جاوزت قيمتها العشرة ألاف دولار أمريكى، وطلبت عقابه المواد 116/2، 118، 126/1، 4، 129، 131 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون 93 لسنة 2005.
وقضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية غيابيا فى 27 من أبريل لسنة 2015 بتغريم المتهم "أحمد.س"، مبلغ 5 ألاف جنية ومصادرة المبلغ المضبوط وإلزامه بالمصاريف الجنائية، وعارض وقضى فى معارضته بتاريخ 16 من نوفمبر لسنة 2015 بقبول المعارضة شكلاَ وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه والمصاريف، واستأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم 308 لسنة 2016 جنح مستأنف اقتصادية القاهرة، ومحكمة استئناف القاهرة – قضت حضورياَ بتاريخ 6 من سبتمبر لسنة 2016 بعدم قبول الاستئناف شكلاَ للتقرير به بعد الميعاد المقرر قانون، فقرر المحكوم عليه بوكيل عنه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاَ للتقرير به بعد الميعاد قد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن مانعاَ قهرياَ وهو المرض حال بين الطاعن وبين التقرير بالاستئناف فى الميعاد وهو ما ابداه المدافع عنه بجلسة المحاكمة وقدم شهادة مرضية تفيد ذلك بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ووفقا لـ"المحكمة" – تبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تقدم بشهادة مرضية تدل على أنه كان مريضاَ بالتهاب الفقرات القطنية العمود الفقرى، أدى إلى ملازمته الفراش فى المدة من 6 نوفمبر 2015 حتى 6 أبريل 2016 غير أن المحكمة لم تعترف هذه الشهادة بما مفاده أنها لا تطمئن إلى ذلك الدليل ولا تأخذ به سيما وأن المتهم استأنف حكم أول درجة بوكيل، وكان أولى به أن يقوم بذلك الإجراء فى ميعاد الاستئناف، وحيث أن الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاَ من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، إلا أن المحكمة متى أبدت الأسباب إلى من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة، فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التى رتبها الحكم.
ولما كانت المحكمة لم تعرض لفحوى الشهادة دون أن تورد أسباباَ تنال منها أو تهدر حجيتها حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صلاحيتها لترتيب النتيجة التى خلصت إليها ودون أن تمحص التوكيل الذى تم التقرير بالاستئناف بموجبه للوقوف على إجراءات وتاريخ تحريره وعما إذا كان فى فترة ادعائه المرض من عدمه، ذلك أن التقرير بالاستئناف بواسطة وكيل هو حق خوله القانون للطاعن، فلا يسمح أن يؤخذ حجة عليه إذا رأى عدم استعماله التقرير بالاستئناف بشخصه، وكانت المحكمة إذ لم تأخذ بالشهادة الطبية بناء على أن وكيله كان يجب عليه التقرير بالاستئناف فى الميعاد، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباَ بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.