واحد من الأعمال التاريخية التى لا يزال لها صدى واسع حتى الآن بين الشباب والكبار، هو ديوان "مثنوى" للعلامة الصوفى مولانا جلال الدين الرومى، والذى صنف ضمن أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور، وفقا لتصنيف مكتبة بوكلوين العالمية الصادر عام 2002.
والمثنوى هو ديوان شعر باللغة الفارسية يعنى بالعربية النَّظْم المزدوج، وهو النظم الذى يُقَفِّى فيه الشاعر شطرَا البيت، ويتحرر من وحدة القافية فى القصيدة، ومن الجدير بالذكر أن للمثنوى شهرة أدبية عريضة، وقد ترجم إلى لغات عدة، وتناوله العديد من الكتب والدراسات الأدبية والنقدية.
تعني كلمة المثنوي بالعربية النظم المزدوج في القصيدة، إذ يتّخذُ شطرا البيت الواحد قافية خاصة ويكون لكل بيت قافيته الداخلية، وبذلك تتحرر القصيدة من القافية الموحدة.
يعد المثنوى أحد أهم الكتب الصوفية وأعظمها تأثيرا، حتى أن فى إيران من يسميه "القرآن الفارسى" وهو عند كثير من النقاد والأدبيين أعظم قصيدة صوفية فى الأدب، وقد بلغت عدد أبيات المثنوى 25632 بيتاً، موزعة على أجزاءه الستة، وفيه 424 قصة تسرد معاناة الإنسان للوصول إلى حبه الأكمل الذى هو الله .
صاحبه هو جلال الدين الرومي: شاعر صوفى انتزع بحُسن ديباجته الشعرية مقاليد الاعتراف من المستشرقين الذين أقروا بأنه الشاعر الصوفى الأعظم فى كل الأزمان؛ ولا عجب فى ذلك فهو أعظم شعراء الحب الإلهي. وهو المُنَظِّر القانوني، والفقيه الدينى الذى لُقب "بخداوند كار" التى تعنى (شيخنا)، والأديب الماهر الذكى الذى ستظل عبقريته حديث الإبداع فى كل الأزمان، وقد لقب بالرومى لأنه قضى جُلَّ حياته فى حضرة سلاجقة الروم فى تركيا الحالية.
وقد أثرى جلال الدين الرومي المكتبة الإنسانية بالعديد من المؤلفات الشعرية ومنها: ديوان شمس الدين التبريزي، ومثنوية المعاني، والرباعيات. ولم يحرم النثر من بديع بيانه القلمي؛ فقد قدَّم لفن النثر العديد من المؤلفات منها: "الرسائل"، و"المجالس السبعة" وقد أعلنت شمس الروحانية الصوفية مغيبها عن الأفق عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى عام ١٢٧٣م.