جدل كبير حول فتح المساجد وعودة الصلوات "الجمع والجماعات" بصورة منتظمة، في ظل أزمة الفيروس المستجد "كوفيد 19"، وعلى الرغم من أن الموضوع ليس عاجلا ولا يؤثر على حياة الناس بصورة مباشرة، إلا أنه يحتل نسبة كبيرة جدا من الجدل في وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، لدرجة أن البعض يصور الموضوع باعتباره قضية "حياة أو موت".
سماحة الإسلام جعلت الصلاة فى كل مكان طاهر، وقد أخبرنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قائلا:" جعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً فإيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل"، فالجامع أو المسجد أو الزاوية ليست شرطا لصحة الصلاة في الأوقات والظروف العادية، فما بالنا بالظرف الاستثنائى الذى يعيشه العالم الآن، والمحنة العصيبة التى نمر بها جميعا.
يجب أن نقلق على غلق المدارس، والحضانات والمصانع والمطاعم والأماكن التي توفر للناس فرص عمل، ويتكسبون منها عيشهم، بينما غلق المسجد لا يقلقنا في شيئ خاصة إن كانت عودة الصلاة بنفس النمط السائد قبل فيروس كورونا ستساهم في انتشار العدوى، لذلك يجب ألا يحتل هذا الأمر جزء من تفكيرنا ونتركه للجهات المختصة لتعالجه وتعطينا النتائج والقرارات الصحيحية.
ممارسة الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لم تعد مقبولة فيما يخص مصلحة الناس، ويجب أن تخضع كل الأمور إلى المعلومات الدقيقة والدراسة الجادة، فلا يمكن أن نضغط في الاتجاه الخاطئ، مع العلم أن قضية المساجد لا تتوفر فيها أى صفة عاجلة، وحياة الناس لن تتوقف كما أن الصلاة لن تتوقف إذا أغلق المسجد أبوابه، فيمكننا أن نصلى حيث شئنا، لذلك يجب ترك الأمر إلى أهل الخبرة والاختصاص، الذى يمتلكون خريطة واضحة لأعداد المساجد في مصر، وروادها والتجهيزات الموجودة بها، وأعداد العاملين فيها، ومستويات التعقيم والتطهير ضد الفيروسات، والبنية الأساسية والمرافق، حتى نخرج بكلام محترم ُمحقق، قائم على الدارسة والتحليل، وليس عشوائيا أو تحت ضغط من هنا أو هناك.
كلنا نأمل أن تعود الحياة لطبيعتها مرة أخرى، وكل الأنشطة تعود إلى ماكانت عليه، وتفتح المساجد والكنائس أبوابها للمصلين، يتعبدون ويتضرعون إلى الله، إلا أننا يجب أن نترك الحكومة ووزارة الأوقاف في اتخاذ القرار السليم الخاص بعودة نشاط المساجد لطبيعته مرة أخرى، دون الترويج لأخبار كاذبة أو التلاعب بمشاعر الناس، وأنا أثق أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، لديه خطة واضحة لكل ما يخص عودة نشاط المساجد في مصر، تعتمد بصورة رئيسية على توصيات وزارة الصحة والجهات المختصة حول انتشار وباء كورونا خلال الفترة المقبلة، ولن يكون هناك أى قرار جديد في هذا الملف إلا بما يخدم الصالح العام، ويضمن الحفاظ على صحة الناس.