انتشار فيروس كورونا فى مختلف دول العالم أثر على العديد من الصناعات، ومن ضمن ذلك صناعة النشر فى العالم العربى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة، نتيجة إلغاء معارض الكتاب الدولية التى تعد المصدر الوحيد للنشر فى عرض وبيع إصدارته، ولهذا نستعرض خلال التقرير التالى أزمة الصناعة من جانب أهلها "الناشرين والمطابع"، إلى جانب آليات الحال من وجهة نظرهم.
فى البداية تواصلنا مع الناشر محمد رشاد، رئيس مجلس إدارة دار المصرية اللبنانية ورئيس اتحاد الناشرين العرب، والذى قال: إن الوضع مؤسف للغاية، فكل دور النشر سواء فى مصر أو العالم العربى متوقف نشاطها نظرًا لانتشار هذا الفيروس الذى من الممكن أن يقضى على صناعة النشر، ويتسبب فى غلق العديد من دور النشر التى لا تستطيع تحمل أعباء والتزامات مالية لضمان استمرارها، وقد تصل حجم دور النشر هذه إلى 30%.
وأوضح رئيس اتحاد الناشرين العرب، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، المعرض الدولي للكتاب وحركة الشحن متوفقة، فكيف ينتج الناشر وهو لا يعلم مصير تلك الإصدارات، كما أنه لا يوجد مكتبات بالعدد الكافى الذى يستطيع تغطية حجم الكثافة السكانية، إلى جانب غلق جميع المكتبات التى توجد فى المتاجر "المولات"، ونتيجة لحظر التجول لعدم تفشى الفيروس.
إنتاج دور النشر فى زمن كورونا صفر%
ومن جانبها قالت الدكتورة فاطمة البودى، صاحبة دار العين للنشر والتوزيع، إذا أجرينا مقارنة بين إصدارات الدار قبل كورونا وبعد كورونا، فنستطيع أن نقول صفر%، فبعد انتشار الفيروس لا يوجد دار نشر واحدة قامت بطبع كتب جديدة، فكان النظام الجارى عقب معرض القاهرة هو تجهيز العديد من الإصدارات المتنوعة لعدد من المعارض العربية مثل معرض أبو ظبى والرياض، والبحرين، ولكن مع توقف تلك المعارض لم يتم طبع أى إصدار جديد.
وأوضحت الدكتورة فاطمة البودى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن دور النشر لا تقدم على طبع إصدارات جديدة وهى لا تعلم مصير السوق المصرى ولا العربى فى الوقت الحالى، فما كان يتم فى المعارض هو بيع عدد من الإصدارات لمجموعة من المكتبات بنظام الأجل، ويتم تحصيل تلك المبالغ من خلال المعارض الدولية، ففى الوقت الحالى لا تحصل دور النشر مستحقاتها لدى المكتبات، فمن أين يتم طبع الإصدارات الجديدة، كما لا يوجد بيع للكتب فى الوقت الحالى إلا ما رحم ربى، ورغم الأزمة إلا أن هناك عدد من القراء حريص على اقتناء الكتب من خلال خدمة التوصيل بالدار، ولكن نسبة البيع الفردى لا تذكر، فلكل دار التزامات من حيث إيجار المكان والمرتبات، والبيع الفردى لا يغطى أى شيء على الإطلاق.
فيروس كورونا يهدد أصحاب دور النشر الصغيرة بالإغلاق
وفى السياق نفسه قالت الناشرة منى سيد حسن، مديرة دار الصحفى للنشر والتوزيع، إن أعمال طبع الإصدارات داخل الدار متوقفة تمامًا عقب انتشار فيروس كورونا المستجد، فى مختلف دول العالم، فهناك مخاوف كبيرة من التعامل مع الورق خلال الفترة الحالية، وخصوصًا أن هناك العديد من الصحف العربية توقفت عن الطبع، نظرًا لنقل الفيروس عن طريق الورق.
وأوضحت منى سيد حسن، أن هناك عددا كبيرا من دور النشر الحديثة تواجه أزمة الاستمرار فى الصناعة، نظرًا لعدم قدرتهم على الوفاء بالالتزامات، فكيف تقبل على طبع إصدارات جديدة ولا توجد خطة واضحة لتسويق الكتب، كما أن عودة المعارض الدولية للكتاب والتى تعد المنفذ الوحيد لبيع الكتب، لم يحدد مصيرها، نظرًا لعدم معرفة متى تنتهى أزمة تفشى الفيروس فى العالم.
وفى نفس السياق قالت الناشرة بهيرة أبو الفتوح، صاحبة ومديرة دار هلا للنشر والتوزيع، إن أعمال النشر بالطبع متوقفة عقب نفشى فيروس كورونا، نظرًا لعدم وجود رؤية واضحة للعارض الكتاب الدولية، وكيفية تسويق الكتاب الورقى، ولكن خلال تلك الأيام نقوم بتجهيز عدد من الكتب لإعدادها للطباعة عقب وضوح الرؤية، أو طرحها للبيع عبر الإنترنت، لافته إلى أنه من الممكن أن تطبع الدار ما يقرب من 5 عناوين جديدة بكميات قليلة، مقارنة لما كانت تقوم الدار بطباعته قبل الأزمة والذى كان لا يقل عن 30 عنوانا جديدا فى العام.
بهيرة أبو الفتوح
وأشارت بهيرة أبو الفتوح، إلى أن الناشر العربى لا يوجد أمامه إستراتيجية واضحة عقب انتهاء أزمة تفشى فيروس، حال السماح بفتح المعارض، حيث إنه فى الوقت الحالى سمحت عدد من المعارض بتسجيل الاشتراك، ولكن هل سيقبل عليها القراء، وهو الأمر الذى يسبب قلق لدى أصحاب دور النشر، وهنا عليه أن يختار من أن يشارك لضمان التواجد فقط وعدم اعتماده على بيع الكتب، أو أن يتم توضيح الرؤية من قبل إدارة المعارض عن كيفية إدارة المعرض حال فتح المعارض الدولية للكتاب ومازال الفيروس منتشر.
30% من الدور ستغلق.. فماذا تفعل مطابع الكتب فى زمن كورونا؟
ونجد أن تأثر حركة النشر لدى الناشرين وما يواجهونه من مشكلة جراء انتشار كورونا، بالطبع يعكس ذلك على المطابع، ولهذا تواصلنا مع عدد من أصحاب المطابع للوقوف على الوضع الراهن.
قال شريف عبده قاسم، صاحب مطبعة لينكس، إنه عقب انتشار فيروس كورونا فى مختلف دول العالم ومن بينهم مصر توقفت حركة طباعة الكتب بشكل كامل، ونستطيع أن نقول إن طباعة الكتب صفر%، نظرًا لمخاوف دور النشر بعد طباعتهم أين سوف يعرضون هذه الإصدارات مع قلة عدد المكتبات وقلة ساعات النهار نظرًا لحالة حظر التجوال منعًا لانتشار الفيروس، إلى جانب إلغاء وتأجيل جميع معارض الدولية للكتاب، والذى يعد المنفذ الأساسى لبيع كتب الناشرين.
وأوضح شريف عبده قاسم، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إن المطبعة مغلقة لعدة أسباب منها عدم وجود طلبات على طباعة الكتب فى الوقت الحالى، إلى جانب عدم إمكانية تحصيل النقود فى هذا الوقت، لافتًا إلى أنه يقوم بالفتح على فترات متباعدة حال وجود طلابيات لطبع دفاتر على سبيل المثال، مع العلم أن أجور العاملين بالمطبعة يتم صرفه بانتظام، ولكن لا أحد يعلم إذا طالت تلك المرحلة ما الذى سيتم، مع وجود احتمال لعدد كبير من المطابع أن تغير نشاطها خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه قال عماد سالم، صاحب مؤسسة يسطرون للطباعة والنشر، إن العمل فى المطبعة يسير بمعدل منخفض عن ما كان عليه قبل انتشار فيروس كرونا فى متلف دول العالم، وهذا ما تشهد كل الصناعات فى الوقت الحالى، والمطبعة تعمل فى الوقت على طباعة عدد قليل من الكتب، حيث تأتى الطلابيات بطباعة 10 نسخ على سبيل المثال، لمشاركة الكتاب فى المسابقات وعضوية النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر.
وأوضح عماد سالم، بالطبع هذه الكميات التى يتم طباعتها فى الوقت الحالى لا تغطى المصروفات المطلوبة من إيجار للمكان والمرتبات والمصروفات الثابتة مثل النور والكهرباء والمياه، حيث أن عمل المطبعة أصبح 50% مقارنة بالأعمال السابقة قبل كورونا، لافًتا إلى أن هناك عدد كبير من المطابع التى ستتخذ قرار بالغلق مثل العديد من الأنشطة التى تكون رأس مالها منخفض ولا تستطيع استكمال عملها، ونحن فى الوقت الحالى نعمل على طباعة عدد من الكتب المدرسية لتغطية المصروفات المطلوبة.
ناشرون يقدمون حلولاً لضمان استمرار صناعة النشر فى العالم العربى
أما عن الحلول، فقال الناشر محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، إن إلغاء المعارض الدولية للكتاب بالطبع أثرت على جميع دور النشر سواء فى الوطن العربى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة، حيث تعد الطريق الوحيد الذى يقوم به الناشر بعرض إصداراته أمام الجمهور بشكل مختلف.
وأوضح رئيس اتحاد الناشرين العرب، أن هناك عدة حلول يجب تفعيلها منها فتح العديد من المكتبات العامة التى تستطيع أن تغطى حجم الكثافة السكانية فى كل بلد عربى، وهذا يساعد على توزيع الكتاب بشكل جيد.
ولفت الناشر محمد رشاد، كما يجب أن يتم تخصيص جزء من مخصصات الوزارات لصالح الناشرين من خلال عمل مناقصات لشراء العديد من الإصدارات، فعلى سبيل المثال أن مخصصات وزارة التربية والتعليم يصل إلى 362 مليار جنيه، فلماذا لا يتم تخصيص مبلغ 100 مليون لصالح صناعة النشر، كما يجب أن يكون تطبيق ذلك فى كل دولة، لضمان استمرار صناعة النشر التى تساعد على تنمية الفكر والوعى لدى المواطنين، لخلق جيل يستطيع أن يعمل على استكمال بناء المجتمعات العربية.
وقالت الدكتورة فاطمة البودى، صاحبة دار العين للنشر والتوزيع، هناك العديد من الحلول التى يجب أن تفعل لضمان استمرارية قوة مصر الناعمة، فهناك دور من وزارة الثقافة من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة، التى يجب أن تقتنى العديد من الإصدارات من جميع دور النشر، إلى جانب دور وزارة التربية والتعليم بشراء إصدارات جديدة، بالإضافة إلى وزارة الشباب والرياضة بشراء الكتب وتوزيعها على جميع مراكز الشباب بكل المحافظات.
ومن جانبه قال الناشر حمدى محمد منصور، صاحب ومدير دار الصحفى للنشر والتوزيع، على اتحاد الناشرين المصريين إنجاز مشروع فتح المكتبات فى معظم شوارع جمهورية مصر العربية، بشكل أكبر، نظرًا لعدم تناسب أعداد المكتبات الحالية مع عدد السكان فى الوقت الحالى، وهذا يساعد على عرض الكتب فى أكثر من مكان يستطيع القارئ أن يصل إليه دون عناء.
وأوضح حمدى محمد منصور، كما يجب تنظيم عدد كبير من المعارض المحلية بدعم من الحكومة المصرية من خلال مؤسساتها المتمثلة فى قطاعات وزارة الثقافة والشباب والرياضة والتعليم والتعليم العالى، لمساعدة شباب الناشرين وخصوصًا الجدد فى استمرارية نشاطهم، وعدم الاعتماد بشكل كامل على المعارض الدولية.
فدوى البستانى
وقالت الناشرة فدوى البستانى، صاحبة ومدير دار البستانى للنشر والتوزيع، إن الحل هو وضع استراتيجية واضحة لتصريف الكتاب الجديد لجميع دور النشر، لضمان عدم تكدس الكتب فى المخازن بدون فائدة، مع التوسع فى المعارض المحلية والمكتبات العامة.