كيف تتعرف إلى الشرير؟!
بص يا سيدى ..
- حينما تجد العالم منكوبا حائرا متضامنا للبحث عن مخرج من أزمة كورونا، بينما أحدهم يستغل تلك الظروف ويوجه أسلحة دولته الإعلامية والعسكرية لنشر الفوضى والتدخل فى شؤون دول أخرى، أنت إذن أمام الشيطان ذاته وليس مجرد شرير، وهذا تحديدا ما يفعله أردوغان بتدخلاته العسكرية فى سوريا وليبيا وتحريضه المستمر ضد مصر.
- حينما يترك رئيس دولة شعبه يعانى مع انتشار فيروس كورونا دون تقديم دعم كافٍ للفئات المتضررة، بينما يوجه ملايين الدولارات للإنفاق على عشرات المرتزقة الذين يجملون وجهه ويلقبونه بالخليفة ويمارس كل أنواع القمع ضد معارضيه فى الداخل والخارج.. أنت إذا فى حضرة الشيطان.. والشيطان هنا أصبح يسمى بأردوغان.
- حينما تجد رئيس دولة وهو ينفق ملايين الدولارات لإقناع العالم بوهم خوفه على ليبيا بينما هو جالس مع السراج وحكومة الاتفاق لوضع خريطة سرقة النفط الليبى ويدفع بآلاف المرتزقة لإشعال نار الفوضى والدمار فوق رأس الشعب الليبى.. فأنت إذا فى حضرة شيطان العالم الجديد.. رجب طيب أردوغان.
الرئيس التركى الذى يروج له أراجوزات الإخوان بكلمات الخلافة والقوة، يفعل ذلك وما هو أكثر بحثا عن مجد شخصى وأوهام لقب الخليفة، ليس فى ذلك أدنى مبالغة إن كنا أمام شخص أنفق ملايين من أجل صورة شهيرة يقف فيها وسط كومبارسات يرتدون أزياء عسكرية من عصور مختلفة للدولة العثمانية طمعا فى ايهام نفسه انه الخليفة حقا.
أجمل ما فى أردوغان أنه مادة مسلية على المستوى السياسى والفكرى، وربما يكون أكثر ورقة ساهمت فى تعرية أفكار وتناقض وانتهازية عموم أبناء التيار الإسلامى فى المنطقة العربية، كلما نفخوا فى بالونة السلطان العثمانى يخرج هو بتصريح أو موقف سياسى ويفجره فى وجوههم كاشفا عن زيفهم وكذبهم وتزويرهم.
كيدا فى مصر والمصريين يخرج الإخوان لرسم هالة من القداسة حول أردوغان رجل الديمقراطية، وتركيا التى ينعم فيها الناس بالحرية ولا تعرف معنى القمع، كما هو الحال فى البلدان العربية، وقبل أن يكمل الإخوان كذبتهم حول الرئيس التركى الديمقراطى يفاجئهم أردوغان بما يكشف كذبتهم، وهو يصدر قرارات بإغلاق الصحف المعارضة واعتقال الصحفيين بشكل موسع، دفع كل المؤسسات الدولية لتصنيف تركيا كواحدة من أكثر البلاد قمعا لحرية الصحافة، ثم يفاجئهم بقرارات التضييق وإغلاق منصات السوشيال ميديا، ثم يصدمهم بتلاعبه فى نتائج الانتخابات الأخيرة والتلاعب من أجل إعادة الانتخابات مجددا للاحتفاظ بإسطنبول فى قبضة حزبه، ليجد الإخوان أنفسهم عرايا فى ساحة نفاق السلطان العثمانى.
يفعلها الإخوان مجددا عن طريق رموزهم، وعلى رأسهم يوسف القرضاوى، يرسمون صورة لأردوغان حامى حصون الإسلام «واللى منيم إسرائيل من المغرب»، ويعايرون العرب بأن حكامهم يسعون نحو العدو الصهيونى، فيخرج أردوغان عليهم بوصلات تعاون اقتصادى وعسكرى علنى مع إسرائيل، بل ويكتشف العالم أجمع أن شركة تركيا تسعى لإنشاء السفارة الأمريكية فى القدس، فتخيب كذبة الإخوان وينفضح كذبهم، ولكنهم لا يرتجعون.
يظهر الهاربون فى تركيا من رجال الإخوان مثل معتز مطر ومحمد ناصر وغيرهما للحديث عن أردوغان السلطان الزاهد الذى أسس دولة قوية واقتصادا لا ينهار، ويؤلفون القصص عن السلطان العثمانى الذى يمنح البنك الدولى قروضا، ثم فجأة يفضحهم أردوغان ويطل على العالم بوجه الديكتاتور المتمسك بالسلطة، وهو يعدل الدستور للسيطرة والبقاء الدائم، ثم يفضح أكذوبتهم أكثر وهو يقف عاجزا عن إنقاذ اقتصاده المنهار وليرته التى خسف بها الدولار الأرض، فيلجأ للأمير القطرى شريكه فى الإرهاب لإنقاذه، ويتعرى الإخوان أكثر وأكثر وهم يصفون الدعم القطرى لتركيا بأنه دعم واجب لإنقاذ دولة مسلمة، بعد أن صدعوا وعيّروا المصريين بأن الدعم الخليجى للقاهرة ما هو إلا «شحاتة وعجز».
حتى صورة القوة المزيفة التى حاول دراويش أردوغان تصديرها للسلطان العثمانى فضحها أردوغان بتعنته ورعونته وفشله مرتين، الأولى بخضوع واضح أمام بوتين، والثانية فى أزمة القس الأمريكى برانسون الذى تحول إلى سبب مارس من خلاله دونالد ترامب حملة تأديب مهينة لأردوغان ودولته، وفتح السلطان العثمانى صدره كما عادة أهله من الإخوان دوما، وكسب «الشو» وخسر المعركة كالعادة.
تلك هى أزمة أردوغان كما أزمة الإخوان يمارسون الغباء السياسى برعونة تفقدهم القدرة على قراءة المشهد، لدرجة دفعت أردوغان للتوهم قبل عام ونصف العام من الآن أنه قادر على استغلال القس الأمريكى فى مساومة ترامب والضغط عليه، حينما طلب تسليم خصمه فتح الله كولن مقابل الإفراج عن القس برانسون، وكانت النتيجة خسارة أردوغان وإهانة هيبة السلطان العثمانى، إن كانت له هيبة أصلا.