هبّت مصر فى 30 يونيو تنشد هويتها ضد حكم إرهابى فاشيستى لم يستمر أكثر من عام، ولم تتحمل الهوية المصرية أكثر من ذلك بُعداً عن طبيعتها وهويتها الثقافية.
ودون تفكير ناشد الشعب جيشه للوقوف مع ثورته وإنقاذ الدولة من براثن حكم التنظيم الإخوانى الإرهابى العصابى، ولبى الجيش النداء كالعادة، وطالب الشعب بقائد الجيش ووزير دفاعه وقتها الفريق عبدالفتاح السيسى الذى قبِلَ مهمة حماية الشعب وثورته من مؤامرة حيكت بليل على مصر وشعبها وجغرافيتها وإنهاء تاريخها الممتد قبل ظهور التاريخ نفسه.
فكرت مصر فى مشرع يعيد لها هويتها، فى «بطل» لتولى المهمة الأصعب فى أحلك وأدق فترة عاشتها مصر على مدار تاريخها الحديث، وهنا لابد أن نتحدث عن هذا البطل الذى كان يحتاجه هذا البلد القديم المنهك متهدل الجسد والذى شارف على الموت، لكنه يصارع الموت رغم ما به من أمراض كان آخرها حكم جماعة إرهابية فتحت مسامه لكل الميليشيات وأجهزة الاستخبارات لتتصارع داخل هذا الجسد تمهيداً لتقسيمه وتقطيع أوصاله وصولاً للحظة إعلان الموت الكلى.
لكن رغم كل هذه الأمراض والقروح المليئة بالدم الفاسد اجتمع الشعب على «الفكرة» التى ستخلصه من كل هذه الآلام، اجتمع على استدعاء الابن البار «البطل» الذى فدى وطنه برقبته شاهراً سيفه مدافعاً عن وطنه وشعبه.
هنا بدأت «الفكرة» الجمعية للشعب المصرى، وهنا تحول حديث النفس إلى فكرة، وتحول التاريخ بكل خبراته إلى خبير يفرز بين أبنائه، وتحول العقل الجمعى لخبير يبحث عن «البطل» الذى يحقق له توقعاته المستقبلية وآماله وطموحاته واستعادة هويته.
وجد الشعب ضالته فى قائد الجيش الذى وقف فى وجه الجماعة الإرهابية التى كانت تسعى إلى تغيير طبيعة السياسة المصرية وتحويلها لصالح أجندات دولية، لكن المصريين انتفضوا.
الفكرة باتت ذات قابلية عالية لتتحول إلى مشروع، ولا تتحول الفكرة إلى مشروع إلا إذا كُتِبت واتُخِذَ القرار ووجِدت العزيمة لتنفيذها فى مشروع معين، ونحن هنا لا نريد التركيز على أنها تحولت لمشروع، بل أصبحت فى ذهن الشعب مشروعاً يعيد لها مجدها الذى كان.
كان إصرار الشعب قوياً، وزاد تبنى صاحب المشروع لمشروعه فاختلط بنفسه وروحه، حتى وصل لدرجة أنك لا تستطيع التفريق بين الفكرة والمشروع، وبين المشروع وصاحبه، فالمشروع هو عنوان الشخص كما أن عنوان الشخص هو المشروع، ومتى وصلت فكرة إلى هذه الدرجة حتى أصبحت «الفكرة» واقعاً ملموساً معاشاً.
ومع اكتمال «الفكرة» ونجاحها بثورة ٣٠ يونيو تحولت الفكرة لمشروع وطنى فى شخص البطل، فطالب الشعب بطله بالترشح وحقق له مطلبه وقَبِلَ الرئيس عبدالفتاح السيسى التكليف من الشعب بحكم مصر وهو يحمل لمصر مشروعاً قومياً فى توقيت استثنائى ومرحلة حرجة للغاية فى ظل تهديدات إقليمية وحرب شرسة ضد الجماعات الإرهابية المسلحة والتى خرجت من عباءة الإخوان، واستطاع تخطى أزمات دبلوماسية مع الدول الكبرى التى لم تقبل فى البداية رحيل الإخوان عن الحكم، ليثبت للعالم كله أنه الرجل القوى القادر على السيطرة على مقاليد الحكم وأنه الابن البار لمصر.
تمر اليوم 6 سنوات على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حكم مصر (2190 يوماً) ليتوقف عندها التاريخ طويلاً ليشهد للرجل أنه اختصر مئات السنين فى هذه الفترة الأصعب بكل ظروفها الداخلية؛ اجتماعياً إذ كانت ماتزال فى فترة الحراك الثورى، واقتصادياً كانت على وشك الإفلاس، وسياسياً كانت تابعة لدولة إقليمية أخرى، ودوليا تنازلت عن دورها فى كل الملفات، وبكم المؤامرة ضدها دخلت بالفعل العناية المركزة.
تعامل الرئيس عبدالفتاح السيسى بمشرط الجراح فى علاجه لمشكلات مصر الداخلية ولم يعتمد على المسكنات واعتمد على الجراحة الدقيقة معتمداً على شعبيته التى جعلت له رصيداً لدى المصريين يسمح بتقبل إجراءات لم ولن يتم قبولها من أى رئيس آخر، فاعتمد على تنظيف الجرح الغائر فى المجتمع اقتصادياً واجتماعياً، وقام بفتح الملفات الأصعب واتخذ القرارات بشجاعة قرار حرب أكتوبر، وتحمّل الشعب حباً فى السيسى ليس إلا.
أثبتت الأيام الأخيرة من أزمة كورونا أنه كان على حق فى اختيار هذه الإجراءات التى حمت مصر من الضياع والانهيار.
2190 يوماً فى حكم مصر كان السيسى يحمل السلاح ليحمى مصر من إرهاب يريد أن ينال من شعبها، وأطماع خارجية تريد النيل من حدودها، ودخل البطل المعركة وانتصرنا ولانزال نحقق الانتصارات، فقدمت مصر خيرة أبنائها من الجيش والشرطة ثمناً للاستقرار، وهنا يتحقق كلام السيسى بأن الجيش والشرطة سيتلقون الرصاص بديلاً عن الشعب.
2190 يوماً كان السيسى كل لحظة يعطى القدوة ويضرب المثل فى «جبر خواطر الناس» خاصة الضعفاء، وثبت حرصه الشديد على التواصل مع كل فئات الشعب، والتجاوب مع مشكلاتهم بل وتلاحمه مع قضاياهم اليومية واهتمامه بالإنصات إلى هموم المواطنين، وهو الأمر الذى عكس إنسانية الرئيس السيسى التى بدت واضحة من خلال حرصه على دعم الفئات المختلفة بالمجتمع ورفع الروح المعنوية لدى أمهات الشهداء وأطفالهم وكذلك الفقراء وذوى الهمم من أبناء مصر، فهو مقاتل شرس على أعداء الوطن وإنسان عطوف على أبناء وطنه.
2190 يوماً كان يسابق فيها الزمن، فكل يوم كان يمثل البدء أو الانتهاء من مشروع لخدمة المواطن المصري، ولن تكفى الجريدة أو حتى كتاب لحصرها فى مجالات الإسكان والصحة والتعليم، لكن يكفى ضخ 600 مليار جنيه فى سيناء فقط.
6 سنوات كان الرئيس السيسى يتعامل مع السياسة الخارجية بشرف واعتمد دبلوماسية الشرف مع عالم السياسة الذى يعز فيه الشرف، لكنه فى الوقت نفسه يمتلك الدهاء السياسى ما جعل دول العالم أجمع يحترم مصر وقائدها، واستطاع الاستقلال بقرارها السياسى الذى ينبع من مصلحتها الوطنية فقط، واستطاع استرداد دور مصر الإقليمى والدولى، بل جعله الدور الأقوى فى المنطقة العربية والشرق الأوسط والمتوسط وأفريقيا.
كانت مصر على حق عندما استجمعت قوتها وتاريخها وأخرجت «الفكرة» وقدمت ابنها وبطلها السيسى ليتقدم الصفوف وتثبت للعالم أن لا أحد يستطيع هزم بلد بكل هذا التاريخ وهذه الحضارة، فالبلد قد يمرض لكنه أبداً لن يموت، فـ«الفكرة» دائماً فى خدمته و«البطل» ينقذه.