يبدو أن العرب على موعد مع مهمة تاريخية للكوكب الأحمر قريبا، حيث تطلق الإمارات مسباراً إلى المريخ لتصبح أول بلد عربي يشرع في مهمة مماثلة لاستكشاف مناخ الكوكب في حدث تاريخي، يعزز قوتها الناعمة ويدخلها أحد أكثر نوادي دول العالم خصوصية.
وكان من المقرر أن يقلع مسبار "الأمل" الآلي غدا من مركز تانيجاشيما الفضائي الياباني باستخدام منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، ولكن أعلنت وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون والتشاور مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المسؤولة عن صاروخ الإطلاق تأجيل موعد إطلاق المهمة ليكون يوم الجمعة.
وسيستغرق "الأمل" سبعة أشهر للسفر لمسافة 493 مليون كيلومتر إلى المريخ، ليبلغ هدفه تزامناً مع احتفال الإمارات بمرور 50 عاماً على قيام الدولة الموحّدة. وسيقوم المسبار بالدوران حول الكوكب لسنة مريخية كاملة أي 687 يوماً.
ومن المتوقع أن ينفصل المسبار عن صاروخ الإطلاق بعد نحو ساعة، وبعد ذلك تبدأ "الإثارة الحقيقية"، بحسب مسؤولين إماراتيين.
محمد بن راشد وفريق مسبار الأمل
وقالت سارة الأميري، نائبة مدير مشروع بعثة المريخ ووزيرة الدولة لشؤون العلوم المتقدمة: "أتطلع إلى أول 24 ساعة بعد الانفصال، وهنا سنرى نتائج عملنا .. عندما نحصل على الإشارة لأول مرة، عندما نتأكد أن كل جزء من المركبة الفضائية يعمل، عندما يتم نشر الألواح الشمسية، عندما نصل إلى مسارنا ونتجه نحو المريخ".
و قال كيجي سوزوكي، رئيس بعثة منصة ميتسوبيشي إن توقعات الطقس الحالية "لا تنذر بعواصف رعدية شديدة على طول الطريق، ولذا فإنّ تقييمنا الحالي هو أنّ هناك فرصة للإطلاق" في الموعد المحدّد مسبقاً.
وتعتبر الولايات المتحدة والهند والاتحاد السوفيتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية نجحت في إرسال بعثات إلى مدار الكوكب الأحمر، في حين تستعدّ الصين لإطلاق أول مركبة فضائية للمريخ في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتضغط الإمارات المعروفة بناطحات السحاب والجزر الاصطناعية، التي بنيت على شكل أشجار نخيل، للانضمام إلى صفوف هذه الدول في أول خطوة من نوعها في العالم العربي.
وفي حين أن هدف المهمة تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية، فإن المسبار جزء لهدف أكبر هو بناء مستوطنة بشرية على المرّيخ خلال المئة عام المقبلة.
أهداف استراتيجية
وأكد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، أن دولة الإمارات بقيادتها وشعبها، بإرثها وتاريخها، نجحت في تحويل المستحيل واقعاً ملموساً ومصدر فخر للعرب جميعاً، وغرد عبر «تويتر» أمس: «يوم تاريخي يقترب مع رحلة مسبار الأمل إلى المريخ.. نقف على بعد خطوات من تحقيق حلم زايد فمبارك لنا جميعاً هذا الإنجاز».
على صعيد متصل، أكد علماء الفلك أنهم ينظرون إلى مهمة المسبار كفرصة استثنائية في مجال استكشاف كوكب المريخ، مشيرين إلى أن المهمة الأبرز له تتمثل في الحصول على أول صورة كاملة وشاملة للكوكب الأحمر وطبقات الغلاف الجوي، فيما أكد خبراء فضاء وفلك أردنيون لـ«الخليج» أهمية إطلاق المسبار كمنجز عربي من شأنه تغيير مسار علم الفضاء على المستوى العالمي ليس لدوره في اكتشاف خفايا كوكب المريخ فحسب ولكن لما ستعكسه النتائج على الأبحاث العلمية الدقيقة.
وثمن خبراء علوم فضاء مصريون التجربة الإماراتية لاستكشاف الفضاء، مشيرين إلى أنها تعد «نقلة نوعية كبيرة» من شأنها أن تدفع بعلوم الفضاء في الوطن العربي إلى آفاق أرحب، مؤكدين أن المشروع الإماراتي لاستكشاف المريخ، يضع المنطقة العربية برمتها في موقع علمي متقدم.
تكامل المعدات والبرمجيات
أعربت عالمة الفضاء اليابانية ناوكو يامازاكي، في لقاء مع «الرؤية»، عن دهشتها لما وصلت إليه دولة الإمارات، مؤكدة أنها تتمنى النجاح لرحلة الفضاء الإماراتية «مسبار الأمل» إلى المريخ.
وأشارت يامازاكي، التي تعد ثاني امرأة يابانية تطأ قدماها الفضاء، عندما اختيرت عضواً ضمن طاقم مكوك الفضاء «أتلانتس» لتصبح أول أم يابانية تجوب الفضاء، إلى أن إرسال المسبار الإماراتي إلى المريخ يمثل فرصة رائعة للإمارات لتُظهر تفوقها في جميع المجالات، مبينة أن المسبار يعكس تكامل عدة تكنولوجيات متطورة، بما تتضمنه من المعدات والبرمجيات والعلم.
وأردفت الرائدة التي تشغل حالياً عضوية لجنة سياسة الفضاء الحكومية اليابانية، ومنصب المدير الممثل لإدارة الميناء الفضاء الياباني، أن جهود العلماء والمهندسين تندمج في مهمة استكشاف المريخ، إذ طالما كان استكشاف الفضاء هو أفضل دمج للعلم والتكنولوجيا.
وبالإشارة إلى تكتيكيات عملية مسبار الأمل، قالت يامازاكي، إن وضع مسبار حول المريخ تحدٍّ بالغ الصعوبة، مضيفة أن روسيا وأمريكا ووكالة الفضاء الأوروبية والهند فقط، هم من نجحوا في زرع مسابير في محيط المريخ حتى الآن.
وذكرت أن نجاح هذا التحدي في مهمة الإمارات سيسهم في إظهار تقدمها في المجالات العلمية وإثبات قدرتها على المنافسة.
وعن خطة استكشاف المريخ والخطوات المهمة لذلك، قالت إن دراسة الغلاف الجوي للمريخ أمر بالغ الأهمية لاستكشاف الفضاء الخارجي، ولا سيما أن الإنسان سيحط على سطح المريخ خلال العقود القادمة، بل قد يستقر هناك.
وأشارت أن إنجاز هذه المهمة يتطلب العديد من الخطوات أهمها دراسة الغلاف الجوي للمريخ والهبوط في نهاية المطاف على سطحه بشكل علمي قدر المستطاع قبل إرسال البشر إلى هناك.
وتابعت : "من الرائع أن نرى دولة شرق أوسطية تقدم إسهاماً عظيماً في هذا المجال".
تعاون إماراتي ـ ياباني
وأعربت الرائدة عن سعادتها لإطلاق مسبار الأمل من منصة يابانية، مبينة أن هذا التعاون ليس الأول بين الإمارات واليابان في مجال الفضاء، مؤكدة تطلعها إلى رؤية المزيد من التعاون بين البلدين في المجالات كافة.
وقالت إنه في السنوات الماضية تعاون البلدان في مجال الفضاء بعدة مناسبات بدايةً من عام 2018 عندما صممت الإمارات القمر الصناعي خليفة سات بأيادٍ إماراتية وتم إطلاقه بنجاح من مركز «تانيغاشيما» الفضائي في اليابان، ومرة أخرى في عام 2019 عندما صعد أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى محطة الفضاء الأوروبية.
إشادات دولية بالتجربة
حظيت التجربة الاماراتية فى مجال الفضاء بتقدير وإشادات من العالم ، وسلطت عليها الصحف الاجنبية الضوء، فكتبت نيويورك تايمز تقرير تناولت فيه النتائج المنتظرة من مسبار الأمل مؤكدة أنه سيقدم مساهمات للأبحاث على الكوكب الأحمر، والحكومة الإماراتية تأمل أن يكون مصدر إلهام للمدارس المستقبلية
وأشارت الصحيفة إلى المساهمات السابقة لدولة الإمارات فى مجال الفضاء حيث قامت ببناء وإطلاق ثلاثة أقمار صناعية لرصد الأرض ، بالتعاون مع مصنع كوري جنوبي حتى أن لديها برنامج رحلات فضائية بشرية ناشئة، و في العام الماضي ، أرسلت الإمارات أول رائد فضاء هزاع المنصوري على صاروخ سويوز الروسي ، لمدة ثمانية أيام في محطة الفضاء الدولية.
نيويورك تايمز
وبالنسبة لمهمة المريخ ، اتخذت الدولة نهجًا مشابهًا للأقمار الصناعية السابقة من خلال العمل مع مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو بولدر ، حيث تم بناء مسبار الأمل قبل إرساله إلى دبي للاختبار.
وقامت الإمارات سابقًا ببناء وإطلاق ثلاثة أقمار صناعية لرصد الأرض ، بالتعاون مع مصنع كوري جنوبي وتولي تدريجياً حصصًا أكبر من الهندسة. حتى أن البلاد لديها برنامج رحلات فضائية بشرية ناشئة. في العام الماضي ، الإمارات العربية المتحدة اشترت مقعدًا على صاروخ سويوز الروسي وأرسلت أول رائد فضاء ، هزاع المنصوري ، لمدة ثمانية أيام في محطة الفضاء الدولية. بالنسبة لمهمة المريخ ، اتخذت الدولة نهجًا مشابهًا للأقمار الصناعية السابقة من خلال العمل مع مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو بولدر ، حيث تم بناء Hope قبل إرسالها إلى دبي للاختبار.