أحد علامات الأدب المصرى له إسهامات عديدة فى الأدب، ينتمى لأعرق العائلات المصرية، هو ثروت أباظة، الذى تمر اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد فى مثل هذا اليوم 15 يوليو من عام 1927م، ونشأ فى أسرة أدبية قدمت للأدب العربى عمالقة من الأدباء على رأسهم والده الأديب دسوقى أباظة، وعمه الشاعر عزيز أباظة والكاتب الكبير فكرى أباظة.
ثروت أباظة الذى بدأت موهبته الأدبية فى سن مبكرة، حيث كان فى الـ 16 من عمره، واتجه إلى كتابة القصة القصيرة والمسلسلات الإذاعية، وبدأ اسمه يتردد بالإذاعة، ثم اتجه إلى القصة الطويلة فكتب أول قصصه وهى "ابن عمار"، كما كتب مسرحية تحت عنوان "الحياة لنا"، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول عام 1950م، وبدأ حياته العملية بالعمل بالمحاماة.
ثم تولى رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون عام 1974، ورئاسة القسم الأدبى بصحيفة الأهرام بين عامى 1975 و1988 وظل يكتب فى الصحيفة نفسها حتى رحيله، كما أنه شغل منصب رئيس اتحاد الكتاب، وقد تولى منصب وكيل مجلس الشورى.
من أكثر أعمال أثارت جدلا واسعا هو روايته " شيء من الخوف" التى تحولت لفيلم سينمائى، والتى آثارت غضب نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فالرواية التى صدرت عام 1960 عن دار المعارف المصرية، وتستعرض الرواية دور فؤاده الفتاة التى تحب عتريس الفتى البرىء النقى لكن عتريس الذى ينقلب إلى وحش كاسر ويعيش على القتل والنهب يعاقب البلدة ذات يوم بأن يمنع عنها الماء، فلا يجد من يقف له سوى فؤادة، حبه القديم ونقطة ضعفه الوحيدة، ولما لم يستطع أن يقتلها كان عليه أن يمتلكها بالزواج.
وترفض فؤادة ويتم تزوير الوكالة وتنتقل إلى العيش مع عتريس دون شرعية، وتقاوم البلدة محاولات عتريس انتزاع الشرعية، وترفض فؤادة الاستسلام لعتريس حتى الموت، عندما تحرقه البلدة، ويفر رجاله، وتنضم فؤاده للبلدة لتوديع الشهيد محمود.
وعندما تحولت الرواية إلى فيلم اعترضت الرقابة عليه بحجة أن شخصية عتريس ترمز إلى الزعيم جمال عبد الناصر، الذى شاهد الفيلم بنفسه وسمح بعرضه أمام الجمهور، قائلا : "لو كنت بتلك البشاعة فمن حق الناس أن يقتلونى".
لكن السؤال هنا ما العرف من وراء كتابة ثروت أباظة لرواية "شىء من الخوف"، وهذا ما أجاب عنه بنفسه الأديب الراحل فى فى كتابه "ذكريات لا مذكرات"، وحكى قائلا : "إنه أثناء لقاء بالأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، فى مقهى عرابى بميدان الجيش بالعباسية، مع الحرافيش من أصدقائه، وأثناء الحديث فى الشئون السياسية، قال "أباظة" لنجيب محفوظ "نجيب بك، إن أحدًا لم يتكلم حتى الآن فى شرعية حكم الطاغية"، فصمت نجيب لحظات ثم قال "فكرة جيدة" ليرد عليها الأول "ربما حاولتها".
ويكمل الكاتب، وما لبثت الأيام إلا وجدت نفسى أميل كل الميل أن أرمز إلى الشرعية بالزواح، وهكذا كان لابد لى أن أقرأ الفقه على المذاهب الأربعة، وأركز فى قراءتى على عقد الزواج، فوجدت أبا حنيفة وهو الذى نطبق مذهبه فى أحوالنا الشخصية يقول إن الفتاة إذا لم تعط الوكالة لمن يزوجها يكون الزواج باطلاً نسبيًا، والبطلان النسبى يختلف عن البطلان المطلق، فالطلاق النسبى يمكن أن يزول ويصبح العقد صحيحًا إذا زال سبب البطلان أما البطلان المطلق فلا يصح أبدًا"، ويكمل: "ويقول أبو حنيقة فى حالة زواج البنت بتوكيل باطل: يزول البطلان إذا عادت البنت وقبلت الزواج فأنه فى هذه الحالة يصبح زواجًا صحيحًا خاليًا من البطلان، موضحًا وكتبت رواية "شىء من الخوف" معتمدًا على هذه القاعدة الشرعية حتى فرغت منها وكتبها عى الآلة الكاتبة".
كتب ثروت أباظة عدة قصص وروايات، تحول عدد منها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية، كما كتب أكثر من 40 تمثيلية إذاعية، و40 قصة قصيرة و27 رواية، منها "هارب من الأيام، شيء من الخوف، أحلام فى الظهيرة، الضباب، الغفران، طارق من السماء وغيرها الكثير.
وحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1958، كما نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ثم جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1982م، ورحل عن عالمنا يوم 17 مارس من عام 2002م، بعد صراع طويل مع المرض إثر إصابته بورم خبيث فى المعدة.