أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان تقرير بعنوان "حالة حقوق الإنسان في تركيا.. هبوط المنحنى يصل إلى حافة الهاوية"، يشمل الفترة من يناير وحتى يونيو 2020، بمناسبة مرور 4 سنوات على ما تسميه حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة انقلاب فاشلة، وتعتبره المعارضة أمرا مدبراً من قبل الحزب الحاكم، والتي وقعت أحداثها في الخامس عشر من يوليو 2016، وذلك لرصد وتحليل الأوضاع الحقوقية في تركيا من وقائع للتعذيب ومحاكمات للصحافيين وحبس المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الرأي واعتقالات جماعية للمواطنين وانتهاكات ضد الأقليات واعتداء على مسيرات سلمية وتدخلات في الدول الخارجية والعنف المنزلي ضد المرأة وانتهاك الحريات الأكاديمية والتضيق على حرية الأنترنت وعدم مراعاة حقوق العمال.
وأكد التقرير على هبوط منحنى حالة حقوق الانسان في تركيا خلال النصف الأول من عام 2020 بشكل كبير، حيث عمدت السلطات التركية إلى تنفيذ عمليات اعتقال واسعة النطاق شملت توقيف وإقالة الآلاف دون أي سند قانوني، كما اعتقلت واحتجزت الآلاف من الأتراك لأسباب زائفة ما بين معارضين سلميين وسجناء سياسيين لمجرد اختلافهم في الرأي مع بعض ممثلين الحزب الحاكم، كما يتعرض نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين في السجون ومراكز الاحتجاز بشكل روتيني للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة الوحشية، وذلك في ظل الحصانة من المسائلة التي يتمتع بها أفراد الأجهزة الأمنية، ورأي التقرير أن محاولة الانقلاب وفرت شرعية لأفراد الأجهزة الأمنية في تركيا لممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من تعذيب وسوء المعاملة دون وجود آليات محددة للمساءلة والملاحقة القانونية.
وأشار التقرير إلى أن عدد السجناء في تركيا وصل الي حوالي 300 ألف سجين 17% منهم لأسباب سياسية وبتهم لها علاقة بدعم الإرهاب والتطرف، كما وصل عدد المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب حتى الآن حوالي 50 ألفاً شخص ما بين عسكريين سابقين ومدنيين وصحافيين وغيرهم من فئات المجتمع المعارضين لسياسات الحكومة التركية، كما تم عزل 4634 قاضي ومدعي عام وفصل 24419 شرطي من جهاز الأمن العام وفصل 16409 طالب عسكري من الأكاديميات الحربية بالإضافة إلى عزل 5210 محافظ وإداري مع استبعاد 6168 موظفًا من وزارة العدل.
وأوضح التقرير أن تركيا تحتل المرتبة 154 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020، واصدرت السلطات التركية قرارات بغلق 53 جريدة، و34 قناة تليفزيونية، و37 محطة إذاعية (راديو)، و20 مجلة، و6 وكالات أخبار، و29 دار نشر، فضلًا عن فرض حظر على العديد من المواقع الإخبارية التي تقوم بالبث الرقمي عبر الإنترنت. كما يوجد ما لا يقل عن 103 من الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي خلف السجون التركية، إما في الحبس الاحتياطي أو يقضون عقوبة.
ومن ناحيته أكد أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن النظام التركي اتخذ من محاولة الانقلاب ذريعة لارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الانسان، حيث تم احتجاز وحبس الآلاف من منتقدي ومعارضي الحكومة السلميين، بما في ذلك الصحفيين والبرلمانيين السابقين والأكاديميين والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والديمقراطية.
كما تعرض بعضهم للاختفاء القسري، واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لشهور في أماكن غير معروفة، دون أي مبرر قانوني، ووجهت لهم اتهامات فضفاضة.
وأضاف عقيل ان الحكومة التركية عملت على اضعاف دور السلطة القضائية ووظفت قانون الإرهاب بشكل منهجي لإضفاء الشرعية على الحملة المستمرة لإسكات واستئصال المجتمع المدني المستقل ومواجهة الصحفيين والأحزاب السياسية من خلال الانتهاكات الوحشية والواسعة النطاق لحقوق الإنسان.
واستخدمت قانون الطوارئ على نطاق واسع لتبرير الحملة الواسعة لإسكات كل أصوات المعارضة.
واكد عقيل على أن نظام أردوغان استخدم محاولة الانقلاب كذريعة للتقاعس عن تحسين ظروف الاحتجاز المتردية والقاتلة في تركيا، حيث أدي التعذيب والمعاملة المهينة والإهمال الطبي والظروف غير الإنسانية إلى وفاة العديد من المحتجزين في السجون.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أنه منذ محاولة الانقلاب يواجه أكاديميون، وصحفيون، وكتاب، إحالات إلى التحقيق الجنائي، وملاحقات قضائية، وألوانًا شتى من الترهيب والمضايقة والرقابة المستمرة. كما تشمل الانتهاكات التضيق على الحريات العامة وإصدار قوانين من شأنها تقييد حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى حجب المواقع، الأمر الذي يخالف الأعراف والمواثيق الدولية، وخاصة المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأضاف عبد الحميد أن التعديات التركية على معايير حماية حقوق الانسان لا تقتصر على الداخل فقط، وإنما امتدت أيضا للدول الأخرى، خاصة بعدما شنت السلطات التركية العديد من العمليات العسكرية خارج أراضيها لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية، على حساب حقوق واشلاء مواطنين هذه الدول.
وأوضح مدير وحدة الأبحاث أن تركيا تدخلت في كل من سوريا وليبيا والعراق، وارتكبت أبشع الجرائم في هذه البلدان والتي تصل إلى حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وذلك بالمخالفة لقرارا الأمم المتحدة رقم 36/103، والذي ينص على عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول، وبمخالفة للمادة الثانية الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على عدم التدخل الخارجي في شئون الدول أي كان نوعه.