أكرم القصاص

مصر وليبيا.. السلام تحميه القوة والفوضى يصنعها التهاون

السبت، 18 يوليو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك قواعد فى السياسة الدولية وآليات إدارة الصراع الإقليمى والدولى، تغيب عن بعض من يتابعون الشأن الإقليمى وتحركات وتصريحات مصر خلال الأسابيع الأخيرة، وأهم هذه القواعد أن السلام لا يقوم بمجرد الإعلان عن السلام، لكن السلام يحل فى أى قضية عندما يعرف كل طرف أنه غير قادر على هزيمة الخصم، وأن الفوضى يصنعها الاختلال فى موازين القوى القائمة، لأن الطرف الانتهازى أو الغازى يستغل ضعف الطرف الآخر ليبدأ فى التقدم للاحتلال أو الغزو.
 
ومن هنا فقد كانت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الخطوط الحمراء فى ليبيا تتعلق بهذه القواعد، لأن مصر لا تسمح للميليشيات أو التنظيمات الإرهابية بتهديد الأمن القومى، والأمن لا يقف عند الحدود، لأن مصر واجهت آلاف السيارات المفخخة والمحملة بالأسلحة طوال السنوات الأخيرة منذ بدأت الفوضى فى ليبيا، وما تزال التنظيمات الإرهابية تمثل تهديجا لأمن ليبيا ومصر، ولهذا فقد كان الرئيس السيسى حريصا على تأميد أن مصر ليس لها أهداف غير استقرار ليبيا، لأن هذا الاستقرار هو استقرار لمصر. 
 
تركيا أردوغان اعتادت الدخول فى مناطق الفوضى، استغلالا لضعف الأطراف أو انشغالها بصراعات داخلية، بل يمكن القول إن تركيا وقطر ساهمتا فى إشعال الحرب فى سوريا، بالتعاون مع حلف الناتو والولايات المتحدة وإدارة باراك أوباما، ثم استغلت الحرب لتحتل أجزاء من سوريا، ونفس الأمر فى العراق تركيا تعتدى على حق العراق فى الأنهار وتتشارك مع إيران فى نهب نصيب العراق وسوريا فى المياه.
 
وبالرغم من الضجيج الذى يثيره الرئيس التركى رجب أردوغان، فإن الأتراك لم يدخلوا فى مواجهة مباشرة فى سوريا أو العراق، ولكن من خلال تدعيم داعش والقاعدة، ولما تراجعت هذه التنظيمات بفعل الهزيمة، كان على تركيا وقطر الراعيان الأساسيان أن يوفرا ملاذات للإرهابيين والمرتزقة، وأعلن أردوغان ذلك بوضوح وتم رصده وما يزال ينقل المرتزقة من سوريا الى ليبيا.
 
مصر تدرك كل هذا، ولديها معلومات كاملة عن خرائط وتحركات المرتزقة والقوات التركية التى تغزو ليبيا بحجة عقد اتفاق مع حكومة منتهية الصلاحية، على عكس إرادة البرلمان والقبائل، والمفارقة أن أردوغان يقول إن رفض مصر لتحركات تهديد أمنها القومى غير شرعى بينما يعتبر غزو ليبيا تحركا شرعيا، بل إن قنوات الجزيرة وتوابعها فى قطر وتركيا فى ظل محاولات تبرير الغزو التركى، تزعم أن القبائل الليبية لا تمثل الشعب الليبى، وأن الجيش الوطنى الليبى لا يمثل الليبيين، وأى طرف ليبى لا يمثل الليبيين حسب الجزيرة وتوابعها باستثناء الغزاة الأتراك وميليشيات المرتزقة الأجانب، وهى محاولة للهروب من حقيقة المواجهة الفعلية الجارية على الأرض.
 
مصر من جهتها موقفها واضح وأعلنه الرئيس السيسى فى كلمته لقبائل ليبيا التى تمثل كل الجهات والمناطق، مصر مع وحدة ليبيا ومؤسساتها وضد التدخلات الخارجية، وأنها قادرة على حسم عسكرى سريع، ومع هذا فإن خطوطها الحمراء هى من أجل السلام، وحتى لا تضطر للتدخل لحماية أمنها القومى، مصر لديها مطالب من كل الأطراف الليبية، ومع هذا تحرص على تكرار مبادرتها السياسية للأطراف المختلفة، وأن القوات المصرية إن دخلت فسوف تدخل بطلب من الليبيين، ولا ترفع إلا علم ليبيا. 
 
وضوح الموقف المصرى يربك جبهم تركيا والميليشيات، لعلمهم بقدرة مصر على الحسم، وتعانى الميليشيات من أزمة، لأن السراج يقع تحت ضغط تركيا، والجانب التركى والقطرى لا يملك سوى إطلاق ترهات وتخاريف فى قنوات الجزيرة وتوابعها، التى تضطر للكذب، والمبالغة، بينما على الأرض تدرك الأطراف الأوروبية الفاعلة أن الجدية المصرية قادرة على الحسم، الولايات المتحدة وباقى الأطراف يدركون الحقيقة، وهى أن مصر تمتلك القوة، القادرة على حماية السلام والأمن القومى، وهى قواعد يدركها من يتابع السياسة الدولية، فالحرب قائمة من سنوات، والردع هو الذى يحقق الحسم قبل الصدام المباشر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة