"شغالين يا فندم"، عبارة شهيرة أسمعها باستمرار من الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، فالرجل دائمًا ما يرددها ولا يقدم معلومة، أو يأت بخبر، بل يزين عباراته الإنشائية باستمرار بمصطلحات متقعرة، وكلمات صعبة، وكأنه يحدثنا من العصر الجاهلى، حيث الناقة والأطلال وبكاء الديار، فلا يملك ما يقدمه للجمهور عبر وسائل الإعلام بكل أشكالها وألوانها، حيث اعتاد الظهور على الشاشات، حتى وإن لم يكن لديه ما يقدمه، ولم يعد يهتم سوى ببرامج الزووم وسكايب، التى يطل علينا من خلالها فى الفضائيات المحلية والأجنبية.
نموذج "شغالين يافندم" موجود بدرجات مختلفة وصور شتى، ودائما ما تكون وظيفته تعطيل المراكب السايرة ومعاداة الصحفيين والإعلاميين، ولو حصلت على معلومة جديدة أو قصة صحفية مختلفة سيسعى بكل جهده إلى تكذيبك والتشهير بما تنشر، بل وإثارة رفقاء المهنة ضدك لاتهامك بالكذب والفبركة والتدليس، فهو لا يقتنع أن الصحافة وظيفتها توصيل صوت المواطنين، وحل مشكلاتهم، والتعبير عن وجهة نظرهم، دون أن يعبر عن وجهة نظر رسمية أو حكومية.
لا أنكر أن الحكومة تعمل بجد ودأب وأغلب وزرائها أسرع فى الرد والتفاعل والنقاش عن صغار المسئولين فى الصفين الثانى والثالث، بل إنهم أكثر شعورا بالمسئولية وأكثر اهتماما بمشكلات الناس، إلا أننى أتصور أن نموذج "عويجة أفندى" فى وزارة التنمية المحلية، والمستنسخ فى العديد من الوزارات الأخرى مازال السبب الرئيسى فى كل الروتين الذى نتابعه يوميا، نتيجة "فذلكته" المعهودة، ومحاولته الدائمة التأكيد على أنه الوحيد صاحب القرار، ويمكنه المنح والمنع كما يشاء، اعتمادا على منطق "بمزاجى"، لذلك على الحكومة أن تتخلص سريعا من هذه النماذج الفاشلة، كما تتخلص من الأبراج المخالفة، وتلاحق التعديات على أراضى الدولة، فالأمر بنفس درجة الخطورة، خاصة بعدما تغولت هذه الفئة وباتت تتعارض أهدافها مع ما يتمناه المواطن.
العمل العام لا يستهدف سوى خدمة الناس، ورعاية مصالحهم، فكل مسئول راع على مصالح المواطن، وودوره أن يتفانى في خدمته، ويسعى لتحقيق ما يأمل ويتمنى، ومن ينكر أو يخطئ فى هذا التعريف لا يمكن أن يمارس العمل العام أو ينخرط فيه، فإرضاء المنتفع بالخدمة يجب أن يكون غاية كل عمل، ويجب أن يخضع كل من يعمل فى الشأن العام لمعايير واضحة وشفافة قبل تقديمه للجمهور، فغير مقبول أن يكون من يخاطب الجماهير هو نفسه من يسيء لهم، فالأمر يحتاج إلى مهارات عديدة، أولها فن التواصل مع المجتمع، إلى جانب المقومات البشرية والفروق الفردية، التي تختلف من شخص لآخر، لذلك من المهم أن تكون اختيارات المتحدثين الرسميين في الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية على أعلى درجة من الدقة، حتى تصل الرسالة للجمهور بالطريقة الصحيحة والصورة التى نرضاها جميعا.