احتلال الهكسوس لمصر منذ 3600 عاما، من الموضوعات المثيرة ومادة دسمة للباحثين، لما تحمله من ألغاز كثيرة أبرزها عدم معرفة من أين جاء الهكسوس؟، كما لأنه هذا الاحتلال يعد الأول لمصر، والذى استمر لفترة طويلة لأكثر من 100 عام، ولكن قصص كفاح الشعب المصرى وملوكه المصريين القدماء وقفوا بكل شجاعة ضد هذا الاحتلال من أول الملك شقنن رع مرورًا بـ"كامس" وحتى تم طرتهم على يد الملك أحس الأول.
"فاجأ الهكسوس المصريين وهجموا عليهم بأعداد كبيرة لم يستطع المصريون مقاومتها، فحرقوا المدن والمعابد ودخلوا إلى مصر واتخذوا عاصمة لهم فى شرق الدلتا أطلق عليها زوان، وانتشروا تدريجياً حتى سيطروا على شمال مصر"، هكذا قال المؤرخ مانيتون، عن احتلال الهكسوس مصر منذ 3600 عاما، والتى تعد من الموضوعات التى تشغل جميع الباحثين، وسبب قد يكون السبب لأنه أول احتلال لمصر، وظل لأكثر من 100 عام، أو قد يكون عدم معرفة من جاء الهكسوس من الأساس، وخلال التقرير التالى نستعرض المواقع التى تمت فيها معركة تحرير مصر.
الملك سقنن رع
الملك سقنن رع يطلق عليه العديد من الأسماء منها "رع تاعو" أو سقنن رع تاعا الثانى، وهو أحد ملوك الأسرة الـ 17، وهى من حكمت جنوب مصر من طيبة "الأقصر حاليًا.
وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه فى بداية حكم الأسرة الـ 17، بقيادة الملك سقنن رع الثانى، قاومت احتلال الهكسوس، الذى كان يحتل جزء كبير من الأرضى المصرية ولفترة زمنية تيلغ القرن من الزمان، حيث كان هناك سيطرة كاملة على شمال مصر، ويمتد نفوذهم إلى المنطقة الوسطى.
وأشار، إلى أن هناك قصة على إحدى البرديات المصرية تبين بداية الصراع بين الهكسوس وحكام طيبة، الذين أعلنوا تحالفهم مع جيرانهم من امراء مصر فى الشمال والجنوب، ودونوا أسماءهم على خراطيش تسبقها الألقاب نكاية فى الهكسوس، والتعبير عن قوتهم المصرية ضد الهكسوس.
ولفت حسين عبد البصير، أن القصة تحكى محاولة ملك الهكسوس أبو فيس الاشتباك مع الملك سقنن رع، فأرسل له خطابا يحمل بين طياته أسباب مضحكة تدعو للفكاهة، وتبين مدى رغبة ملك الهكسوس الاحتكاك بسقنن رع، وهو أنه يشكو فيه أصوات أفراس النهر التى تسبح فى البحيرة المقدسة بمعبد الإله آمون بمنطقة طيبة، وأنها تزعجه للغاية، ولا يستطيع النوم بسببها داخل عاصمته أفاريس التى تبعد مئات الكيلو مترات عن طيبة، ولكن سقنن رع رد عليه بذكاء يثبت فيه أنه يدعو للسلام وليس للحرب.
وقامت حرب تحرير مصر من احتلال الهكسوس، والتى استشهد فيها الملك سقنن رع وهو يدافع عن أرض مصر بكل شرف، وتوضح المومياء الخاصة بالملك والموجود بقاعة المومياوات بالمتحف المصرى الإصابات التى لحقت به، والتى تبين أيضا سوء التحنيط لها نظرًا لسرعة أعمال التحنيط وسط المعركة.
الملك كامس
الملك كامس هو آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة فى طيبة، وربما حكم ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، وهو البطل الثانى من الملوك الأبطال أصحاب ملحمة تحرير مصر من الهكسوس، وجاء كفاح هذا الملك من خلال ثلاثة وثائق أكملت كل واحدة منها الأخرى مما أنتج لنا في النهاية قصة شبه كاملة عن ثانى أبطال حرب التحرير.
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، إن الوثيقة الأولى هى نص كتبه تلميذ مصرى قديم على لوح يعرف بلوح كارنارفون، والوثيقة الثانية مكتوبة على لوحة تم العثور عليها عام 1928 وتحكى أن "كامس" ضاق بعد وفاة والده وصعوده على العرش بالاحتلال الهكسوسى لأرض مصر الطاهرة، فطلب دعوة رجال بلاطه وقادة جيشه كى يشاورهم فى الأمر.
كامس شعر أن رجاله لا يميلون إلى الحرب وأنهم موافقون على الوضع الحالى، غير أن كامس رفض ذلك وصمم على قتال الأعداء، وكان على يقين من أن البلاد كلها سوف تهتف له.
وأشار الدكتور حسين عبد البصير، إلى أن الوثيقة الثالثة عبارة عن لوحة كاملة من الحجر الجيرى عثر عليها فى معابد الكرنك عام 1954 وتكمل أحداث الوثيقتين السابقتين، وتروى لنا قصة استمرار انتصارات كامس على الهكسوس وعن الرعب الذى أدخله جيش مصر العظيم إلى قلوبنا أعدائنا من الهكسوس المحتلين لأرضنا المباركة.
الملك أحمس الأول
الملك أحمس الأول محرر مصر من الهكسوس ومؤسس الأسرة الثامنة عشرة، عصر الإمبراطورية المصرية المترامية الأطراف فى الشرق الأدنى القديم، ولم يتم العثور على وثيقة ملكية من عهده تحكى لنا قصة طرده للهكسوس، غير أننا عرفنا قصة هذا النضال المجيد من خلال السيرة الذاتية لقائدين من القادة العسكريين لهذا الملك.
وأكد كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، أن القائدان هما القائد البحرى أحمس ابن إبانا والقائد البرى أحمس بن نخبت "أى المنحدر من مدينة الكاب فى أسوان"، وسجلا على جدران مقبرتيهما فى الكاب ما قام به من أفعال بطولية فى الحملات الحربية تحت إمرة أحمس الأول الذى تمكن بعد سقنن رع تا عا الثانى وكامس من الاستيلاء على عاصمة الهكسوس أفاريس "أواريس" واقتفاء أثرهم شرقًا إلى جنوب فلسطين حيث تحصنوا فى حصن شاروهين المنيع "فى غزة".
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير، قام أحمس الأول بحصار هذا الحصن لثلاث سنوات حتى تمكن من الاستيلاء عليه بعد أن أوقع بهم هزيمة نكراء أظهرت عظمة وبسالة المقاتل المصرى فى مواجهة أعدائنا، وشتت هذا الملك المقاتل شملهم فى بقاع الأرض واختفوا بعد ذلك من التاريخ ولم يعد لهم أى ذكر وكأنهم لم يكونوا موجودين من قبل.