-1 يغيب عنا فى مصر أن نقرأ موقف الطرف الآخر من وجهة نظره هو، لأن هذه القراءة قد تساعدنا على مساعدته فى تبديد مخاوفه وبناء الثقة بما يسهل عملية الوصول إلى حلول وسط.
-2 تعتقد إثيوبيا أن صفقة سد النهضة، فى حال إبرامها، ستكون شذوذًا فى مجال الاتفاقيات الدولية، ذلك أن الاتفاقات الدولية تكون من أحد نوعين: اتفاقيات النوع التعاقدى والاتفاقيات المعيارية، اتفاقات النوع التعاقدى تفرض التزامات متبادلة بين الموقعين عليه، تدخل الأطراف فى هذه الاتفاقات فى ترتيب «الأخذ والعطاء» على أساس المعاملة بالمثل، مثل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بموجبها تعود الأراضى المحتلة إلى مصر مقابل أن تعترف مصر بإسرائيل قانونيا، وأن تمتنع عن أى أعمال عدوانية تجاهها.
-3 من ناحية أخرى هناك الاتفاقيات المعيارية التى تلتزم الدول بتطبيق قواعدها دون توقع المعاملة بالمثل، مثل معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية وحقوق المرأة وحقوق الطفل، وينبغى على الدولة الوفاء بالتزاماتها فى هذه المعاهدات المعيارية، بغض النظر عما إذا كانت الأطراف والدول الأخرى ستلتزم أم لا، على الرغم من الاختلافات فى طبيعتها يعد كل من النوع التعاقدى والاتفاقيات المعيارية مصدرًا لالتزامات موحدة لأطرافها.
-4 ومع ذلك، ترى إثيوبيا أن صفقة سد النهضة ستكون فريدة من نوعها لأنها لا هذا ولا ذاك، لأنها ستفرض على إثيوبيا معظم الالتزامات الجوهرية فى صفقة بشأن القواعد والمبادئ التوجيهية والميعارية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة دون التزامات جوهرية على مصر أو السودان، أى هى صفقة تضع التزامات وقيود على اثيوبيا فقط.
-5 ويرى الباحثان «كينيث أبوت» و«دنكان سندال»، أن أى اتفاقية دولية تتضمن درجة من درجات ثلاثية: الالتزام والدقة والتفويض.
-6 أولاً، فيما يتعلق بالالتزام، سيتعين على الدول أن تقرر ما إذا كانت ستجعل الاتفاقية معاهدة ملزمة بكل بنودها أم مجرد إعلان نوايا غير ملزم لأطرافه.
-7 ثانيًا، سيتعين على أطراف الاتفاق التفاوض واتخاذ قرار بشأن تضمين التزامات مفصلة للغاية ودقيقة أو ببساطة وضع مبادئ عامة.
-8 أخيرًا، سيكون عليهم أن يقرروا إلى أى مدى يجب تفويض مراقبة التزام الأطراف بمواد الاتفاق وتسوية المنازعات بشأنها بموجب هذه الاتفاقية لطرف ثالث «مثل التحكيم الدولى أو محكمة العدل الدولية»، أم ستحل بين الأطراف الموقعة على الاتفاق عبر التفاوض والمساعى الحميدة.
-9 عادة، عندما يفرض الاتفاق التزامات صارمة، تكون الدول أقل ميلاً للدفع نحو قواعد دقيقة للغاية وآلية للمراقبة أو تسوية المنازعات مع تفويض كبير.
-10 يرى الإثيوبيون أنه بسبب طبيعة الصفقة المحتملة حول ملء وتشغيل السد التى تجعل الالتزامات الجوهرية على عاتق اثيوبيا، فإن مصر والسودان تدفعان لتحقيق نتائج قصوى فى جميع الأبعاد الثلاثة المشار إليها أعلاه، تفضل مصر والسودان أن تتضمن اتفاقية السد التزامًا صارمًا «معاهدة ملزمة»، ولديهما دقة عالية «قواعد تفصيلية بشأن التعبئة والتشغيل»، وتفويض عالٍ «تسوية النزاعات مع نتيجة ملزمة عبر التحكيم من قبل طرف ثالث».
-11 اقتراحى أن يكون التركيز فى الفترة القادمة على فكرة «خذ وهات»، بمعنى البحث عن مساحة من المكاسب المشتركة بين الطرفين، بحيث لا تتصرف إثيوبيا وكأنها الطرف المحمل بالالتزامات دون أن عوائد محتملة.
هذا ما أمكن إيراده، وتيسر إعداده وقدر الله لى قوله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة