بثت قناة "الأجواء" الجزائرية، تقريراً مصوراً عما أسمته "إنجاز مقبرة جديدة بمواصفات تقنية وعصرية"، وهو الإنجاز الذى وُصف بـ"السابقة المهمة"، خصوصاً مع قدرة استيعابها التى تبلغ "40 ألف قبر" فى محافظة سوق أهراس الواقعة شرقى الجزائر.
وفى الوقت الذى تتحدث فيه السلطات الجزائرية عن مخططاتها لعصرنة عدة قطاعات ومواكبتها مع التطورات التكنولوجية، صُدم الجزائريون بـ"عصرنة للقبور"، و"إنجاز قبور 5 نجوم" على حد وصفهم، ولم تكن تلك "المواصفات العالمية" لتلك المقبرة التى اختير لها اسم "دار السلام" إلا تزويدها بخدمة المياه والإنارة وممرات خاصة لمرور مواكب تشييع الجثامين، ومساحة خاصة بدفن الأطفال، مع "قابلية توسعتها إلى قبور أخرى".
كما أن محافظ الولاية وصف تدشين المقبرة للمحطة التلفزيونية، بأنه "فأل خير"، وتحدث عن "تطوع رجال أعمال لبناء المقبرة"، غير أن القناة التلفزيونية أشارت إلى أن سكان المدينة "لم يجدوا مكاناً لدفن موتاهم فى المقبرة القديمة التى يعود تاريخها إلى فترة الاستعمار الفرنسى للجزائر".
وسادت التعليقات الساخرة مواقع التواصل الاجتماعى بالجزائر، مما أسموه "عصرنة القبور"، وتنوعت منشوراتهم بين الاستياء والسخرية، حيث كتب سالم: "لأول مرة.. حكومة تفكر فى الحياة البرزخية لمواطنيها وتقرر توفير مقابر بمواصفاة عصرية"، وقال بشير حربى، فى تغريده، "وسوف يدفنون فى مقابر عصرية ومكيفة".
وقالت أخرى، فى تعليق ساخر، "بوتفليقة بنالنا السجون بمقاييس عالمية.. تبون يبنى مقابر بمواصفات عصرية"، ومن بين التعليقات الساخرة ما قاله أحد المغردين عندما تساءل عن "سبب غياب الإنترنت والمكيف الهوائى حتى يشعر الأموات بالراحة"، وآخرين وصفوا ذلك الانجاز بـ"القبر 5 نجوم" و"مشروع القرن".
فيما اعتبر آخرون أن ذلك "مؤشراً على حالة الإدارة الجزائرية"، وانتقدوا ما أسموه "غياب استراتيجيات لعصرنة قطاعات مختلفة مثل الصحة والتعليم والإدارات، والترويج لمشاريع القبور بدل الاهتمام بالمشاريع التى تنقذ الأحياء مثل بناء مستشفيات ومدارس وجامعات عصرية وسكنات ووظائف وغيرها" على حد تعبيرهم.
وتساءل آخرون عما يحدث فى بلدهم معتبرين أن الترويج لهذه المشاريع "يسيء للموتى قبل الأحياء"، وأنه تثبيط لعزائم الأحياء فى وقت كانوا ينتظرون الكشف عن مشاريع تنفع البلاد، غير أن اختصاصيين فى مجال الأعلام ومتابعين لحالة الصدمة الشعبية من "إنجاز قبر عصرى"، حمّلوا المسئولية للمحطة التلفزيونية على "العنوان الذى اختارته لموضوعها"، وأشاروا إلى أن السلطات المحلية فى محافظة سوق أهراس، لم تصف تلك المقبرة بـ"الإنجاز العصرى"، بل كان "سوء تقدير من القناة التلفزيونية"، وذلك وفقًا لما نقله "العين الإخبارى".
ونوهوا إلى معاناة سكان المدينة مع دفن موتاهم بعد أن بلغت باتت المقبرة القديمة غير صالحة للدفن بسبب صغر مساحتها وبعد أن ضاقت بالموتى، وحديث أهلها عن "لجوئهم إلى دفن 3 موتى فى قبر واحد"، ويبدو – وفق الاختصاصيين – أن انتهاء أزمة الدفن بالمدينة وحالة الارتياح التى عبر عنها سكان المدينة قد "أدت إلى سوء فهم لدى القناة التلفزيونية" وانطبق عليها المثل القائل "جاء يكحلها عماها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة