أكرم القصاص

حسنين كروم.. ورقة تبقى من شجرة الصحافة والكتابة والإنسانية

الخميس، 02 يوليو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أكثر الأخبار الصادمة، رحيل الكاتب العظيم حسنين كروم، وهو واحد من آخر جيل عمالقة وأساتذة كنا محظوظين بالاقتراب منهم وتلقى الكثير من القيم والأفكار، لم تنقطع صلتى بالأستاذ حسنين كروم طوال ثلاثة عقود، وكثيرا ما كان يفاجئنى باتصال للسؤال. 
 
الأستاذ حسنين كروم كنت سعيد الحظ أن تعرفت عليه فى جلسات ولقاءات مع أساتذة كبار، رحلوا جميعا وكانوا يشتركون فى مجموعة من القيم والأفكار الأساتذة، عبدالعظيم منتاف ويوسف الشريف ومحمد عودة، وكلهم كانوا أصحاب بشاشة وابتسامة لا يتأخرون فى تقديم النصيحة والمصدر والمعلومة، وكانوا يشتركون كل بطريقته فى الحكى وكل منهم تاريخ يمشى على الأرض، وكان الأستاذ حسنين كروم واحدا من الكتاب الناصريين الذين واجهوا حملات الهجوم على التجربة الناصرية من السبعينيات، وكان كروم لا يكتفى بردود عاطفية او كلام إنشائى، لكنه كان يقدم دائما عملا بحثيا موثقا يبذل فيه جهدا كبيرا، ولهذا حظى باحترام مخالفيه وموافقيه. 
 
له كتب مهمة منها الصامتون يكذبون ردا على «الصامتون يتكلمون» وكتاب فى الرد على الكاتب الكبير توفيق الحكيم، وكتاب صلاح نصر الأسطورة والمأساة، ثم إن حسنين كروم كان خبيرا فى العلاقات السياسية لتنظيم الإخوان وله كتاب «التحركات السياسية للإخوان المسلمين.. 1971 - 1987»، وهو واحد من أهم الكتب عن علاقة الجماعة وتحركاتها السياسية والنقابية فى عهد الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك، وفيه يقدم شهادات ووثائق مهمة عن لقاءات قيادات التنظيم بالرئيس مبارك والوزراء ومحاولات تأسيس حزب، ومناورات الجماعة. 
 
إنسانيا كان الراحل الأستاذ حسنين كروم، متسع العلاقات، ارتبط بصداقات ومعارف واسعة، مع شخصيات من تيارات وانتماءات سياسية مختلفة، وهى أحد علامات جيل كان يختلف من دون ان يقطع العلاقات بل انهم انخرطوا فى حوارات ومواجهات، تمثل علامات فى الحوار السياسى والثقافي.
 
حسنين كروم كاتب وصحفى موسوعى، وله عدة كتب مهمة تمثل علامات ودروس فى التوثيق والبحث، ثم إنه كان مديرا لمكتب جريدة القدس من التسعينيات، وظل يقدم صفحة يومية يستعرض فيها الصحف والمقالات اليومية والأسبوعية، مثلت خدمة مهمة وتلخيصا يوميا للصحف المصرية لمن يعيشون فى الخارج، وبالرغم من تغير الملكية فقد ظل باب الصحافة المصرية مهما ومستمرا بشكل منتظم.
 
إنسانيا كان حسنين كروم شخصية تمتلك الكثير من الود والجدعنة والمساندة وتعرفت عليه مع أساتذة تعلمنا منهم الكثير، محمد عودة وصلاح عيسى ويوسف الشريف وعبد العظيم مناف، وكانوا أكثر من أساتذة، ما أن تلتقى بهم أو أحدهم حتى تشعر أنك فى بيتك، لا يتأخرون عن تقديم المعلومة وأكثر، ويعاملون من هم أصغر منهم بندية ومن دون تعال أو ادعاء، يقدمون دروسهم عمليا ومن دون خطابة أو ادعاء، ودائما حكاياتهم حاضرة وابتسامتهم ونكاتهم جاهزة وودهم ظل مفرود على العالم. 
 
وأتذكر أنه بعد صدور كتابى «عولم خانة» قبل سنوات، تلقيت اتصالا من الأستاذ حسنين كروم يهنئنى، وشعرت بتقصير أننى لم أرسل له نسخة، لكنه أكد لى أنه قرأه، فى حين تجاهل بعض ممن أرسلت لهم الكتاب، وأسرنى وهو يتحدث عن كتابى ويشير إلى نقاط مهمة واستفسارات وكان درسا من أستاذ كبير، ينتمى لجيل كنا محظوظين أننا عاصرناه، وأشعر بخسارة كبيرة لورقة من شجرة الصحافة والمعرفة ، والعزاء أنه ترك كتبا وأفكارا وإنسانية نتعلم منها دائما. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة