لا أستغرب وقوف مصر بجانب الشقيقة ليبيا، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يتحدث عن الشعب الليبى، كما يتحدث عن الشعب المصرى.. ولما لا؟ فلدينا علاقات تاريخية، وحدود مشتركة، وقبائل مصرية ليبية منتشرة فى البلدين، فهناك مصريون من أصول ليبية يقدرون بنحو 25 مليون مصرى ينتشرون فى كل ربوع مصر، يرتبطون بالقبائل الليبية بعلاقات نسب ومصاهرة وفروع قبائلية مشتركة.
القبائل التى زارت مصر مؤخراً كبيرة، ولها إرث وتاريخ ممتد ودور فعال لا يستطيع أحد إنكاره، كما لا يستطيع أحد إنكار دور القبائل فى دعم الجيش الوطنى الليبى، وهذه القبائل هى التى طلبت بعد طلب برلمانها المنتخب الاستقواء بالجيش المصرى الأقوى عربياً وأفريقياً.
كان الرئيس واضحاً معهم «لن نذهب إلى ليبيا كمحتلين أو مستغلين أو طامعين فى ثرواتكم بل لنصرتكم، وأن هذا الدخول سيكون بطلب ليبى، وأن الخروج سيكون بأمر ليبى»، وهنا كان الرئيس حريصاً على المشاعر الليبية، وهذا الحرص على السيادة الليبية، وبالطبع لاحظنا إجلالاً وإكباراً لمشايخ القبائل الليبية، خاصة عندما جلس حفيد المجاهد عمر المختار على يمين الرئيس، وتحدث عن العلاقة التى من خلالها لا يحتاج صاحب البيت أن يستأذن فى الدخول، وكان التمثيل القبلى الليبى على أعلى المستويات، وكانت تصريحاتهم واضحة لا تقبل التأويل، بما يتناسب مع قوة العلاقات المصرية الليبية، فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التى ساعدت على حركة السكان والمبادلات الاقتصادية والحضارية بين البلدين، مما يؤكد وحدة الدم والمصير، لذلك تكتسب ليبيا اهتمامًا كبيرًا من الشعب المصرى، الذى يعلم أنها جزء لا يتجزأ من أمنها القومى.
الشعب الليبى يعلم أن ما يجرى فى ليبيا عبارة عن احتلال عثمانى جديد، حيث لا يخفى الخليفة المزعوم «القردوغان» طموحه الكبير ليس فى ليبيا فقط، لكن فى تونس وفى الجزائر وفى شمال أفريقيا، فلا يخجل وهو يتحدث عن الإرث العثمانى، ويحاول أن يقسّم الشعب الليبى إلى أناس من أصول تركية، وأناس من أصول غير تركية، الليبيون يعلمون أن كل هذه المحاولات عبارة عن محاولات استعمارية جديدة عن طريق حكومة الوفاق غير الشرعية، التى لا يعترف بها البرلمان أو القضاء الليبى، الذى لم يصدر حكماً واحداً لهذه الحكومة، فيما يقارب من 20 قضية، لأنه يعتبرها غير ذى صفة، أيضاً المجلس الرئاسى منقوص بعد ابتعاد العديد من أفراده، مع أنه كان يجب أن تكون قراراته جماعية، وهو ما لم يتحقق فى أى قرار، هذا المجلس تعدى عمره بأكثر من أربع سنوات، إذ كان يجب أن تكون مدته عاما واحدا، والآن هو ينهى السنة الخامسة، بالإضافة لعدم اعتراف البرلمان به.
الرئيس عبدالفتاح السيسى حمل البشارة للشعب الليبى، إذا تدخل الجيش المصرى «فى حال تدخلت فى ليبيا، سيتغير المشهد العسكرى بشكل سريع وحاسم، وأن مصر ستتدخل بشكل مباشر فى ليبيا لمنع تحولها لبؤرة للإرهاب، والقاهرة تدعم دائما الحل السياسى فى ليبيا، وعدم امتلاك أطراف النزاع لإرادة اتخاذ القرار السياسى بسبب تدخل قوى خارجية توظف بعض الأطراف لمصالحها، وأن استمرار نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، يهدد أمن المنطقة كلها، وأن مصر ليس لديها أى مواقف مناوئة للمنطقة الغربية فى ليبيا، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدى حال تجاوز خط سرت - الجفرة، ولن تقبل بزعزعة أمن واستقرار المنطقة الشرقية فى ليبيا، وأننا لن نقف مكتوفى الأيدى حيال تهديد أمننا القومى، خطوطنا الحمراء فى ليبيا دعوة للسلام، لكن نرفض تحول ليبيا لملاذ آمن للخارجين عن القانون».
ودعا الرئيس أبناء القبائل الليبية إلى الانخراط فى جيش وطنى موحد وحصر السلاح فى يد الدولة دون غيرها، معلناً استعداد مصر لتدريب أبناء القبائل الليبية لبناء جيش وطنى ليبى موحد، وأن الهدف الأساسى للجهود المصرية على جميع المستويات تجاه ليبيا، هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبى من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه، لذا أعرب وفد مشايخ وأعيان القبائل الليبية عن كامل تفويضهم للرئيس السيسى والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، وصد العدوان التركى لأراضيهم وحمايتهم من انتهاكات ميليشيات الوفاق، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك، ودعم الجيش الليبى، كما قدم الشكر لمصر وقيادتها وشعبها، مطالباً بدعم عربى لمصر فى الحفاظ على الأمن القومى الليبى والعربى.