نواصل مع المفكر العربى الكبير عبا محمود العقاد (1889- 1964) قراءة مشروعه الفكرى الذى تنوع بصورة كبيرة، واهتم بالإنسان بشكل كبير ونتوقف اليوم مع كتابه المهم "المرأة فى القرآن".
يقول الكتاب:
تدور مسألة المرأة فى جميع العصور على جوانب ثلاثة، تنطوى فيها جميع المسائل الفرعية التى تعرض لها فى حياتها الخاصة أو حياتها الاجتماعية. وهذه الجوانب الثلاثة الكبرى هي:
أولًا: صفتها الطبيعية، وتشمل الكلام على قدرتها وكفايتها لخدمة نوعها وقومها.
وثانيًا: حقوقها وواجباتها فى الأسرة والمجتمع.
وثالثًا: المعاملات التى تفرضها لها الآداب والأخلاق، ومعظمها فى شئون العرف والسلوك.
وقد بحثنا هذه المسائل جميعًا فى رسائل مختلفة، ولكننا نتناولها فى هذه الرسالة لبيان موضعها من أحكام القرآن الكريم، وخلاصة ذلك البيان فى هذه المقدمة الوجيزة أن آيات الكتاب قد فصَّلت القول فى هذه الجوانب جميعًا، وكانت فى كل جانب منها فصل الخطاب الذى لا معقب عليه، إلا من قبيل الشرح والاستدلال بالشواهد المتكررة التى تتجدد فى كل زمن على حسب أحواله ومدارك أبنائه.
فالصفة التى وُصفت بها المرأة فى القرآن الكريم هى الصفة التى خُلقت عليها، أو هى صفتها على طبيعتها التى تحيا بها مع نفسها، ومع ذويها.
والحقوق والواجبات التى قررها كتاب الإسلام للمرأة قد أصلحت أخطاء العصور الغابرة فى كل أمة من أمم الحضارات القديمة، وأكسبت المرأة منزلة لم تكسبها قطُّ من حضارة سابقة، ولم تأتِ بعد ظهور الإسلام حضارة تغنى عنها، بل جاءت آداب الحضارات المستحدثة على نقصٍ ملموسٍ فى أحكامها ووصاياها؛ لأنها أخرجت من حسابها حالات لا تُهمل ولا يُذكر لمشكلاتها حل أفضل من حلها فى القرآن الكريم؛ إذ انتقل بها البحث من الإهمال إلى الدراسة والتدبير.
أما المعاملة التى حمدها القرآن وندب لها المؤمنين والمؤمنات، فهى المعاملة «الإنسانية» التى تقوم على العدل والإحسان؛ لأنها تقوم على تقدير غير تقدير القوة والضعف، أو تقدير الاستطاعة والإكراه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة