1 - ذكرى ثورة 23 يوليو تحل علينا هذه الأيام. أعداؤها يسمونها انقلابا، وأنصارها يرونها ثورة، الثورة تكون إما بمشاركة الشعب من البداية أو بمباركة الشعب فى النهاية، لذا هى تستحق لقب ثورة.
2 - لو سألت واحد إنجليزى عن الثورة الإنجليزية فسيقول لك إنها ثورة 1688، وكذا مع الثورة الفرنسية فى 1789، أو الثورة الأمريكية فى 1776، وهكذا.
3 - لكن لو سألت مصريا عن الثورة المصرية، فسيجد نفسه أمام العديد من الأحداث التى سميت فى تاريخ مصر ثورات، منذ ثورة عرابى 1881.
4 - لكن معنى أن مصر حصل فيها كل هذا العدد من الثورات منذ أيام عرابى يبقى هى غالبا ما كانتش ثورات بجد أو ثورات غير مكتملة. عامل زى اللى أقلع عن التدخين ١٠ مرات، يبقى ما أقلعش.
5 - ثورة ١٩١٩ ثورة شعبية لها زعامة واضحة متمثلة فى الوفد الوطنى بقيادة سعد زغلول الذى أراد التفاوض مع الإنجليزى لتنفيذ تعهداتهم باستقلال مصر بعد الحرب العالمية الأولى. وهى ثورة لم يحمها أو يعارضها الجيش لأن ما كانش فيه جيش.
6 - ثورة يوليو ١٩٥٢ بدأت انقلابا فى صورة «حركة مباركة» لكن الدعم الشعبى حولها إلى ثورة غيرت الحياة فى مصر ودول الجنوب.
7 - ثورة ٢٥ يناير ثورة شعبية «فوضوية» بلا زعامة ولم يعارضها الجيش حفاظا على الدولة، استشعارا من الجيش أن هناك أخطاء فى الحكم وقعت فى آخر خمس سنوات من حكم الرئيس مبارك، وأن الرجل بدأ يفقد السيطرة على مقعد القيادة، وتحسبا لأن تقع مواجهات بين الجيش والثوار على نحو ينال من استقرار الدولة المصرية فى المستقبل، لم يقمعها الجيش.
8 - ثورة ٣٠ يونيو ثورة شعبية «منظمة» «وهذا لا يعنى أنها مدبرة» لحماية الدولة من الفوضى تفاعل معها الجيش أملا فى التخلص من أسباب الثورات الماضية وعلى رأسها الإخوان الذين حاولوا أن يخطفوا مصر فى اتجاه الأخونة، ففشلت محاولات «تمصير» الإخوان، وكان من المستحيل أن تنجح محاولات «أخونة» مصر.
9 - هناك العديد من القرارات السياسية والحركات الشعبية التى أطلقنا عليها فى مراحل معينة اسم ثورة مثل انتفاضة طلاب جامعة القاهرة فى 1946، بعد أن افتضح أمر مفاوضات سرية أجرتها الحكومة المصرية مع الإنجليز. خرج المتظاهرون إلى الشارع يحملون شعارات: لا مفاوضات فى ظل الاحتلال. وأطلق البوليس النار لتفريق المتظاهرين. وبينما كان المتظاهرون فى طريقهم لقصر عابدين، قامت الشرطة بفتح كوبرى عباس عليهم، وغرق من غرق. رحمة الله عليهم. ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث كانت الانتفاضة الشاملة فى أغلب مدن مصر الكبرى تعبيرًا عن فقدان الطبقات الحاكمة سيطرتها على جموع العمال والطلاب والفقراء فى مصر نتيجة لعجزها الواضح عن إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التى أعقبت الحرب العالمية الثانية. وكادت أن تكون ثورة شعبية جديدة ولكن هذه المرة بدون قيادة على الإطلاق مثلما هو الحال فى ثورة 25 يناير.
10 - وفى مايو 1971، أطلق السادات اسم ثورة التصحيح على مجموعة قرارات للتخلص ممن أسماهم مراكز القوى للتخلص من بقايا رموز الرئيس عبد الناصر. وطبعا هى ليست بثورة شعبية على الإطلاق وإنما هى استخدام سياسى لمصطلح كان له شعبية إيجابية آنذاك.
11 - المهم لدينا الآن قيادة وطنية كفؤ، ومشروع طموح لبناء الوطن، ويا رب ننجح هذه المرة ونقلع عن التدخين، وتكون ٣٠ يونيو آخر ثوراتنا.
هذا ما أمكن إيراده، وتيسر إعداده، وقدر الله لى قوله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة