لم تكن المرة الأولى التى يتم فيها اكتشاف وضبط خلية لفبركة الفيديوهات والبوستات، فقد سبق خلية الإسكندرية أكثر من عشرين حالة تتنوع بين فبركة فيديوهات واختراع شائعات بشكل يومى، ونشر بوستات وتقارير مفبركة، يتم إنتاجها باحترافية ومن خلال كوادر تم تدريبها.
ويظهر من بين أعضاء الخلية الأخيرة فى الإسكندرية كوادر من دارسى الإعلام، تم تدريبهم لإنتاج محتوى مزيف، يتم توظيفه فى قناة الجزيرة وتوابعها فى قطر وتركيا، وهناك أكثر من طريقة لإنتاج هذه الفيديوهات منها على سبيل المثال فيديوهات تم طرحها على مواقع التواصل أثناء الهجوم الفاشل على كمين بئر العبد، حيث ظهر من يقومون بدور مواطنين فى حالة هلع وفزع مبالغ فيه، بالرغم من بعد المسافة بين الكاميرا والحدث، تبعها نشر أرقام كبيرة لشهداء وجرحى منسوبا لرويترز، واتضح أنها أرقام خاطئة.
طبعا فشلت الخطة بالقضاء على الإرهابيين، لكن تبقى الفكرة التى سبق وتم استخدامها أكثر من مرة قبل ذلك، واضح أن اللجان الدعائية للإرهاب لم تتوقع الفشل وجهزت لدعاية واسعة احتفاء بنجاحها لكن الفشل كشف عن خطة التسويق والترويج للإرهاب الممول من قطر وتركيا مثل الخلية الأخيرة وباعتراف المتهمين، فيما يؤكد الربط بينما يجرى فى ليبيا ورغبة تركيا وقطر لتخفيف الضغط أو تعويض الفشل فى ليبيا.
هناك أيضا كوادر فى مناطق مختلفة تنشر أخبارا ومعلومات مغلوطة، تجد طريقها إلى قناة الجزيرة وتوابعها، وهناك رهان من مخططى هذه الحرب الدعائية أن التكرار يمكن أن يصنع لدى البعض نوع من التصديق، أو على الأقل يضع نوعا من الشك، ومن يتابع بعض البوستات والتفاعلات فى قضايا مثل موقف مصر من ليبيا أو سد النهضة يمكنه أن يلمح تأثير ما وارتباك فى المفاهيم، بل وحتى تحليلات تقوم على أفكار خاطئة سبق وروجتها قنوات الدعاية فى الجزيرة وتوابعها.
وهناك نماذج مختلفة لمثل هذا التأثير، منها محاولة نفخ ظاهرة المقاول محمد على وتحويله إلى زعيم سيأسى، قبل أن يتحول إلى فقرة فكاهية ويختفى، بعد شهور تم خلالها إنفاق ملايين الدولارات لتلميع المقاول وتسويقه من خلال مؤتمرات صحفية وبوستات وفيديوهات ولقاءات على الجزيرة وتوابعها فى تركيا.
ربما لحسن الحظ أن أجهزة الأمن أصبح لديها إدارات وكوادر مدربة على متابعة وكشف اللجان الإلكترونية وخلايا الفبركة، فضلا عن مسارعة الحكومة بإصدار بيانات للرد على الشائعات أو الأحبار المفبركة، ويبقى أن تفرد قنوات وإذاعات محلية مساحات لطرح ومناقشة القضايا الإقليمية حتى يمكن ملء الفراغ الذى تحاول قنوات الجزيرة وتوابعها ان تحتله بالفبركة والالحاح.
لكن فى نفس الوقت فإن مواقع التواصل الاجتماعى بشكل عام وفيس بوك ويوتيوب خصوصا، أصبحت منصات للنشر والتفاعل، ومجالا للدعاية، وبالتالى فإن إتاحة المواد المختلفة والردود والبيانات والمعلومات ضرورية لأن أدوات التواصل صارت جزءا من الإعلام، بل إنها تتفوق فى بعض الأحيان بسبب سهولة الوصول إليها، وغياب معايير النشر والتدقيق فى المحتويات المزيفة والمفبركة، وتتضمن الصحيح مع المزيف، ومن الصعب على كثير من المستخدمين التفرقة، مما يجعلهم أقرب لحاملى الأمراض، حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض.
كل هذا يجعل من السهل إطلاق عشرات المجموعات، ومئات اللجان الإلكترونية التى لا تتوقف عن الفبركة والبث، وهو ما يتطلب نوعا من المواجهة، لا تقتصر على المواجهة الأمنية، وتمتد إلى أهمية إتاحة محتوى قادر على معالجة تأثيرات خلايا الفبركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة