أطلقت الصين يوم الخميس الماضى مسبارا إلى المريخ، بهدف إكمال التحليق فى المدار والهبوط والتجول فى مهمة واحدة، واتخاذ الخطوة الأولى فى استكشاف الكوكب الأحمر ضمن خطط استكشاف النظام الشمسى، ومع إعلان الصين نجاح عملية الإطلاق، التى تمت على متن صاروخ حامل من طراز "لونج مارش-5" وهو أكبر صاروخ فى الصين، أثيرت تساؤلات حول الهدف من هذه المهمة، هل لاكتشاف أسرار أصل الحياة وفك المزيد من ألغاز الكون الواسع، أم أنها سعى صينى من أجل تحدى ريادة أمريكا فى الفضاء؟.
ويؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "وانج وين بين"، أن التزامات الصين الثابتة باستكشاف الفضاء وتطوير العلوم والتكنولوجيات ذات الصلة لا تهدف فقط إلى رفع قدرتها الخاصة على التعمق فى الفضاء، وإنما أيضا إلى خدمة تقدم البشرية.
ويرى خبراء ومراقبون فى الصين أن الولايات المتحدة تسعى منذ سنوات وبقوة لمحاولة تقويض التنمية والتقدم الصينى خاصة فى الفضاء، مدللين على ذلك بأن الكونجرس الأمريكى وضع خلال عام 2011 تشريعا لحظر أى شكل من أشكال التعاون الفضائى مع الصين.
وتشير الصين إلى أنه خلال سعيها لاستكشاف السماوات، تقاسمت مع المجتمع الدولى ما تم التوصل إليه من نتائج علمية خلال استكشافها للقمر، وقدمت خدمات مجانية للملاحة عبر الأقمار الصناعية لمستخدمين عالميين عبر نظام تحديد المواقع العالمى (بيدو)، كما دعت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة إلى إجراء تجارب علمية على متن محطة الفضاء الصينية، التى من المتوقع أن تكتمل بحلول عام 2022.
وأوضحت مصلحة الدولة الصينية للفضاء أن الرحلة إلى المريخ ستستغرق بين 6 إلى 7 أشهر، حيث يتوقع وصول المسبار الفضائى، الذى يحمل اسم "تيانون-1" نسبة إلى القصيدة "تيانون" ومعناها تساؤلات إلى السماء والتى كتبها الشاعر الصينى "تشيو يوان" (حوالى 340 إلى 278 ق.م)، إلى الكوكب الأحمر بحلول فبراير 2021.
وذكرت المصلحة أن الرحلة تستهدف استكمال الدوران حول الكوكب الأحمر والهبوط والتجول عليه فى مهمة واحدة، من أجل الحصول على بيانات استكشاف علمى حول المريخ.
والمعروف أن ثلاث دول حتى الآن وهي: الإمارات العربية المتحدة والصين والولايات المتحدة قامت إما بإرسال أو الاستعداد لإرسال مركبات فضائية غير مأهولة إلى المريخ الذى يبعد أكثر من 55 مليون كيلومتر عن الأرض.
واعتاد الصينيون القدماء إطلاق اسم "ين هو" على كوكب المريخ، ما يعنى فى اللغة الصينية الإبهار والإرباك، فيما أطلق الرومان القدماء عليه اسم إله الحرب، لأن لونه الأحمر يذكر بالدماء.
ويعود السبب فى الاهتمام بالمريخ نظرا لأنه مثل الأرض يتمتع بدرجات حرارة دافئة وغلاف جوى سميك ورطب حول السطح، ما يساعد على اكتشاف أسرار أصل الحياة، وفك المزيد من ألغاز الكون الواسع، إلى جانب تأمين بقاء البشرية وتنميتها على المدى الطويل.
ويبلغ قطر المريخ حوالى 53% من قطر الأرض، وكتلته تمثل حوالى 14% من كتلة الأرض، واليوم الواحد على كوكب المريخ يستغرق نحو 24 ساعة و39 دقيقة، فى حين أن يوما واحدا على الأرض يستغرق حوالى 23 ساعة و56 دقيقة، وحيث إن الكوكبين (الأرض والمريخ) لديهما الكثير من القواسم المشتركة، فمن السهل نسبيا على الدول القيام بإطلاق مهام الاستكشاف للمريخ خاصة وأنه يحتوى على تضاريس متنوعة كالجبال والسهول والأخاديد، وأن الخصائص المشابهة نسبيا له مع كوكب الأرض، جعله قبلة للاستكشافات الفضائية.
ويرى علماء أن كوكب المريخ هو الكوكب الوحيد حاليا الذى يمكن للبشر اكتشاف علامات الحياة عليه فى الماضى ووضع خطط مستقبلية لإمكانية العيش على سطحه.
لذا فإن ما ينبغى التوافق بشأنه هو ضرورة عدم السماح للفضاء الخارجى بأن يتحول إلى ساحة لحرب باردة جديدة، بل ساحة للتعاون من أجل مستقبل أفضل للبشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة