مسؤول بالمالية: بإمكان الدولة الآن الاطلاع على كافة الصناديق الخاصة بكل تفاصيلها

الإثنين، 27 يوليو 2020 10:27 م
مسؤول بالمالية: بإمكان الدولة الآن الاطلاع على كافة الصناديق الخاصة بكل تفاصيلها جانب من الندوة
كتب: مدحت عادل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الإثنين، ندوته السادسة عبر الإنترنت بعنوان: "الصناديق الخاصة إلى أين؟" وذلك بهدف مناقشة ملف الصناديق الخاصة، والذى يحظى باهتمام على فترات متباعدة.

 

وتحدث في الندوة الدكتور خالد زكريا، مدير مركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومى، وعقب عليه كل من المهندس طارق توفيق، نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية؛ والسيد محمد عبد الفتاح، مساعد وزير المالية لشئون الموازنة العامة؛ وأدارتها الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، وسعت المناقشات للوصول إلى توصيات لإصلاح الصناديق الخاصة ضمن ورقة عمل يسعى المركز إلى إصدارها خلال الفترة المقبلة.

 

واستعرض الدكتور خالد زكريا أمين، مدير مركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومى، ملامح منظومة الصناديق والحسابات الخاصة في مصر، وطبيعتها والإطار المؤسسى والقانونى الحاكم لها، وأسباب نشأتها، وعلاقتها بالموازنة العامة للدولة، وحجمها وأرصدتها، وطبيعة أدائها، ومقترحات تطوير المنظومة بأكملها.

 

وأشار زكريا إلى أن الصناديق الخاصة توجد في عدد من دول العالم، وهى وفق تعريف صندوق النقد الدولي تعد كيانات حكومية لها شخصية قانونية منفصلة وقدر من الاستقلالية المالية والتنظيمية وتكون تعاملاتها المالية خارج الموازنة العامة، موضحًا أن أهم عوامل نشأة الصناديق والحسابات الخاصة يرتبط بجانبين: الأول متعلق بعوامل ترتبط بالموازنة العامة أهمها التعقيد المفرط فى إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، والآجال الزمنية وسنوية الموازنة، وتدخل المصالح الخاصة في عملية إعداد الموازنة ويكثر هذا العامل في الدول الأفريقية لكنه غير موجود في مصر، بالإضافة إلى إهمال احتياجات المجتمعات المحلية في عملية تخصيص الموارد، وعدم فاعلية نظم المساءلة والشفافية المالية.

 

أما الجانب الآخر من عوامل تأسيس هذه الصناديق فهى عوامل مرتبطة بالاقتصاد السياسى، حسب زكريا، وهى إما تمويل البرامج ذات الأهمية الاستراتيجية والحساسية السياسية والأمنية، أو إظهار عجز الموازنة بأقل من قيمته الحقيقية، أو توليد دعم سياسى لطرح ضرائب جديدة، أو تجنب الإفصاح والتدقيق من جانب المواطنين ومؤسسات المجتمع المدنى.

 

وحول الإطار القانوني الحاكم للصناديق الخاصة في مصر، أشار زكريا إلى أن الحسابات والصناديق الخاصة تنشأ بقرار جمهورى وفقا للمادة 20 من قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973، وهناك حسابات تنشأ بقانون مثل حسابات التنمية والخدمات المحلية، وحساب الإسكان الاقتصادى، في حين أن هناك مجموعة من الهيئات الخدمية التي تم إنشائها بداية في شكل صناديق تمول بشكل ذاتى، مثل صندوق الآثار وصندوق دعم الثقافة، كما يوجد أيضا عدد من الحسابات والصناديق الخاصة التي تنشأ داخل كل من الوزارات أو الهيئات الخدمية، مضيفا فى هذا الإطار إلى وزارات لديها عدد كبير من الصناديق الخاصة مثل وزارة الزراعة التي لديها 122 صندوق وحساب خاص، ووزارة الصحة التي لديها 132 صندوق وحساب خاص، وأيضا مركز البحوث الزراعية الذى لديه 202 حساب خاص، وأخيرا يوجد وحدات ذات طابع خاص في شكل حسابات خاصة مثل مراكز الدراسات، والبرامج البحثية داخل مؤسسات التعليم العالى.

وأوضح زكريا أنه وفقا لنص المادة 32 من القانون 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، فإن على جميع الحسابات والصناديق الخاصة مراجعة واعتماد لوائحها المالية من لجنة اللوائح الخاصة بوزارة المالية، ولكن لا يزيد حجم اللوائح المعتمدة عن 25% من الإجمالى، لافتا إلى أن عدم اعتماد هذه اللوائح المالية لا يعنى توقف أنشطة الصناديق والحسابات، لأن القانون لا يشتمل على مادة تلزم الصناديق بالحصول على موافقة اللجنة كشرط لممارسة الأنشطة الخاصة بها.

وأضاف زكريا أن السنة المالية 1995/ 1996 كانت بداية الإصلاح في منظومة الحسابات والصناديق الخاصة، حيث أصبح التوجه العام داخل وزارة المالية هو إدراج الموازنات السنوية للحسابات والصناديق الخاصة التابعة للوزارات والهيئات والإدارة المحلية داخل الموازنة العامة للدولة على جانبي الإيرادات والنفقات، وفى شكل اعتمادات إجمالية.

وشهد عام 2006 الإصلاح الأهم في هذا الملف، حيث جاء قانون المحاسبة الحكومية رقم 139 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 ليضع قيودا على الإدارة المالية للحسابات والصناديق الخاصة، وذلك بالنص على أن ينشأ لدى البنك المركزى "حساب الخزانة الموحد"، والذى يشمل جميع حسابات وزارة المالية، ووحدات الجهاز الإدارى للدولة، والإدارة المحلية، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وغيرها من حسابات الجهات الأخرى المفتوحة، أو التي تفتح مستقبلا لدى البنك المركزى، وهو من أفضل الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الملف، وفق زكريا.

وأوضح زكريا أنه بموجب هذا القانون لا يجوز لوحدات الإدارة المحلية أو الجهات الإدارية في الدولة فتح حساب باسمها أو باسم الحسابات الخاصة التابعة لها خارج البنك المركزى، إلا بموافقة وزير المالية بشرط أن تكون الحسابات صفرية، واستثنى القانون كل من وزارة الدفاع، وهيئة الأمن القومى وجميع أجهزتهما، بالإضافة إلى صناديق المعاشات والتأمينات، وصناديق الرعاية الاجتماعية، والصحية، وصناديق التأمين الخاصة بالعاملين.

وأكد زكريا أنه خلال الـ5 سنوات الماضية شهد التعامل مع الحسابات والصناديق الخاصة مجموعة من الإجراءات لضبط المنظومة بالتعاون بين وزارة المالية ولجان مجلس النواب المتخصصة، لافتا إلى تراجع الأرصدة المتراكمة للحسابات الخاصة إلى 26 مليار جنيه عام 2018، مقابل 59 مليار جنيه عام 2014، مشيرا إلى أنه من أهم سمات هذه الفترة تقلص أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة بشكل عام، وتغير التوزيع النسبى لهذه الأرصدة، حيث ارتفعت أرصدة صناديق وحسابات الوزارات والمحافظات، مقابل تراجع نسبة أرصدة صناديق الجامعات والهيئات الخدمية الأخرى.

وتعليقا على أداء الحسابات والصناديق الخاصة، أشار زكريا، إلى أن عددا كبيرا من الحسابات والصناديق الخاصة يفتقد إلى المنطق الرشيد لإنشائها، ويفترض أن تكون لها طبيعة خاصة تميزها عن الوظائف والمسئوليات التقليدية للوحدات الحكومية، إلا أن تحليل أعمال هذه الحسابات والصناديق يشير إلى كونها أدوات مالية لتعبئة الموارد المحلية من أجل القيام بنفس الأدوار والمسئوليات التقليدية، ويتم النظر إليها باعتبارها جزء لا يتجزأ من بنيان الجهاز الإدارى للدولة، لافتا إلى أنه رغم خضوعها للرقابة والمساءلة وفقا لقانون المحاسبة الحكومية، وقانون الجهاز المركزى للمحاسبات والقوانين الأخرى ذات الشأن، فإن العديد من الأدبيات تشير إلى سوء استغلال موارد هذه الحسابات، حيث تتعدد طبيعتها وأعدادها الكبيرة على المستويين المركزى والمحلى، مما يصعب من مهمة الجهاز المركزى للمحاسبات فى القيام بدوره الرقابى.

وقال زكريا إنه يتم استخدام موارد عدد من هذه الحسابات لتمويل عجز الهيئات الموازنية التقليدية بدلا من استخدامها في الأغراض المخصصة سواء كانت خدمية أو إنتاجية، لافتا إلى أن الأساس القانوني والمؤسسى والمالى للحسابات والصناديق الخاصة في مصر غير كافى، ولا يستجيب لمتطلبات الإدارة المالية الحديثة ونظام إعداد التقارير المالية، واتساق التبعية المالية والإدارية، ويشمل ذلك المسئوليات واستقلالية مجلس الإدارة وجوانب المساءلة الخاصة به، وشفافية عملية اتخاذ القرار.

وأضاف زكريا إلى أن عددا من الصناديق والحسابات الخاصة تراكمت عليه العديد من الالتزامات المالية وغير المالية ودخل في تشابكات مؤسسية مع الجهات الحكومية تتمثل في تعيين العاملين وتنفيذ الخدمات خارج نطاق أغراضها.

وعارض زكريا فكرة إلغاء الصناديق الخاصة أو غلقها كليا خاصة وأن هناك عدد من الحسابات والصناديق الخاصة لها أغراض هامة، واقترح عددا من السياسات لتحقيق الاستخدام المبرر والممنهج للحسابات والصناديق الخاصة للاستفادة من المزايا العديدة التي توفرها من حيث المرونة المالية والكفاءة الاقتصادية والملاءمة السياسية، وتتمثل في إعداد دراسة تفصيلية على الحسابات والصناديق الخاصة يكون الغرض منها تحديد الحسابات التي لا تقوم بخدمات تتميز عن الوحدات القائمة فيها تمهيدا لإلغائها ودمج إيراداتها في الموازنة العامة لدولة، وتحديد الحسابات الواجب دمجها على مستوى الوحدة الإدارية لتقليص عددها.

ودعا زكريا لوضع آليات سياسية وفنية لتقليص احتمالية تأسيس حسابات وصناديق خاصة جديدة خارج الموازنة بشكل غير مبرر، بما يضر بتكامل النظام الموازنى، والقيام بتعديلات قانونية منها النص القانوني على اعتماد اللائحة المالية كمطلب لاستمرارية عمل الحساب الخاص، مع إعداد لوائح مالية نمطية للحسابات الخاصة النمطية، والنص على موافقة البرلمان على استثناء الحسابات الخاصة من الحساب الموحد، بالإضافة إلى تحديث الإدارة المالية للحسابات والصناديق الخاصة، بحيث يتم وضع متطلبات مشتركة لتصنيف أوجه الإنفاق والإيرادات والمحاسبة والرقابة الداخلية والمراجعة الخارجية والداخلية وإعداد التقارير.

وأخيرا، طالب زكريا بأن يتم تضمين البيانات المتعلقة بالحسابات والصناديق الخاصة في ملاحق البيانات الخاصة بالموازنة، لأهداف التحليل المالى، وعرض المعلومات في التقارير المالية، موضحا أن هذا التضمين يعطى البرلمان القدرة على القيام بدوره في مراقبة أولويات استخدام الموارد العامة، والسيطرة على الدين العام، ومتابعة الإنفاق العام، وتتبع أثره على المستويين المركزى والمحلى.

وعلق محمد عبد الفتاح، مساعد وزير المالية لشئون الموازنة العامة، بقوله إن وزارة المالية قامت بجهود كبيرة في هذا الملف خلال العامين الماضيين، ولأول مرة أصبح بإمكان الدولة الاطلاع على كافة الصناديق والحسابات الخاصة في مصر بكل تفاصيلها، وأصبح لدينا لأول مرة قاعدة بيانات واضحة وحاكمة.

وأشار عبد الفتاح إلى أن عدد الصناديق والحسابات الخاصة في مصر يبلغ 6899 حساب بالجهاز الإدارى والهيئات الخدمية والإدارة المحلية، مشددا على أن قانون المالية العامة الموحد الذى جرى إعداده مؤخرا يتضمن نصا يقضى بعدم إنشاء صناديق أو حسابات جديدة إلا بقانون لإحكام هذا الأمر، موضحا أن الصناديق الخاصة ليست كلها شر فبعضها مطلوب وبعضها موجود، مشيرا إلى أنه تم إنفاق مبالغ كبيرة على أبواب الموازنة العامة من الصناديق والحسابات الخاصة والموارد الذاتية، بنحو 23 مليار جنيه عام 2015/2016، و40 مليار جنيه عام 2016/2017، و44 مليار جنيه عام 2017/2018، و71 مليار جنيه عام 2018/2019، وفى الإطار نفسه بلغ جملة ما تم خصمه بواقع 20% من جملة الإيرادات الشهرية للصناديق الخاصة 39 مليار جنيه خلال الفترة من 2012/2013 حتى سنة 2014/2015.

وتطرق عبد الفتاح إلى وجود عدد كبير من الصناديق الخاصة يعمل بمجرد قرارات وزارية بدون لوائح، أو بلوائح غير معتمدة من وزارة المالية، حيث يوجد 1200 لائحة معتمدة فقط للصناديق والحسابات الخاصة، وتم الاتفاق مع مجلس النواب على وقف التعامل مع الصناديق الخاصة التي تعمل بدون لوائح معتمدة من وزارة المالية مع منحها فترة سماح لمدة عام لتوفيق أوضاعها، وفى حالة عدم التزامها تؤول كامل أرصدتها للموازنة العامة.

وأضاف عبد الفتاح أن وزير المالية أصدر قرارا بتشكيل لجنة في أغسطس الماضى لعمل لوائح نمطية للصناديق الخاصة حسب تخصصاتها وأغراضها، وكان من المقرر الانتهاء خلال عام، ولكن لم يتم الانتهاء منها بسبب ارتباط العمل بعدد من الجهات وليس وزارة المالية بمفردها.

وأكد مساعد وزير المالية، أن السبب الرئيسى الذى يحول دون القدرة على ضم الصناديق الخاصة إلى وزارة المالية بشكل كامل هو العمالة التي تم تعيينها على الصناديق الخاصة والتي يبلغ عددها 250 – 300 ألف موظف بالصناديق الخاصة، لافتا إلى أن التعيين بالصناديق الخاصة لا يحكمه لوائح محددة وهناك تفاوت كبير في الدخول بين العاملين بها، موضحا أن ضم الصناديق يستتبعه ضم العمالة التابعة لها.

ومن جانبه قال المهندس طارق توفيق، نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية، إن أهم عقبة تواجه جذب الاستثمارات في مصر هي عدم الشفافية، حيث يواجه المستثمر بعدد من الرسوم غير المنظورة والتي يرجع جزء كبير منها إلى الصناديق الخاصة، ولفت إلى أن الدراسات أثبتت أن متوسط نسبة الضرائب الحقيقية التي يدفعها المستثمر الملتزم تفوق 30%، وهو أمر يجعل مناخ الاستثمار في مصر غير ملائم، مشيرا إلى أن الاتحاد سيضمن التوصيات التي تسفر عنها الندوة في أجندته الإصلاحية لمناخ الاستثمار التي يطالب بها.

ودعت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، لإصلاح الموازنة العامة وجعلها أكثر مرونة، حتى لا يكون هناك حاجة لإنشاء صناديق خاصة، وأعربت عن اعتراضها على وجود استثناءات بمنح الوزير صلاحيات لاستثناء بعض الصناديق الخاصة من إنشاء حسابات خارج حساب الموازنة الموحد، لأن وجود استثناءات في أي قانون يفرغ القانون من مضمونه.

وطالبت عبد اللطيف وزارة المالية بالتعاون مع الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بإعداد قاعدة بيانات متكاملة عن العاملين بالصناديق الخاصة، من حيث ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ومستوى الفقر، وأعمارهم السنية، والتفاوت في أجورهم وهو خلل يجب التصدي له وإصلاحه حتى يحصل كل شخص على حقه بخلق نظام قائم على الشفافية.

وفيم يتعلق بمشكلة العمالة طالب الدكتور خالد زكريا وزارة المالية بوضع معايير وضوابط لعمليات التعيين في الصناديق الخاصة، إما بوقف التعيين تماما أو بتحديد نسبة ما بين 20 – 25% من مصروفات الباب الأول بموازنة الصندوق "مصروفات الأجور" أو تقل تدريجيا حتى تصل إلى نسبة محددة، داعيا إلى ضرورة وجود دراسة تفصيلية لهذه العمالة، وحل مشكلة تعقيدات الموازنة بشكل رئيسى حتى لا يكون هناك حاجة مستمرة لإنشاء صناديق خاصة، حيث إن منح الموازنة مرونة أكبر في الإنفاق هي البداية الأساسية لعملية الإصلاح.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة