تناول كتاب الخليج اليوم الجمعة العديد من القضايا العربية والدولية، وتنوعت الآراء التي طرحوها بالمساحات المخصصة لهم بالصحف الخليجية، مؤكدين أن المبادرة المصرية اليوم من أجل ليبيا، والتي أيّدتها معظم الدول العربية، ومعظم المجتمع الدولي، تقوّي وتفتح أفق السلام والأمل، وتساعد على العودة إلى مؤتمر برلين والحلّ السلمي التفاوضي وهي البديل للميليشيات وللغزو التركي ومرتزقته. ولولا القبضة المصرية على الطاولة لزاد في المستقبل القريب الانقسام، واستمر النزاع والحروب.
المعارضة التركية.. والمشهد الثقافي
محمد زاهد غول
وفى صحيفة الرؤية الإماراتية، ناقش الكاتب محمد زاهد غول، الوضع المتدنى للمعارضة التركية، قائلا :"تعكس حرية التعبير عن الرأي في الدُّول الديمقراطية صورة عن المشهد الثقافي الحر أولاً، وأن الحياة السياسية الديمقراطية في حالة صعود أم تراجع، فالوسط الثقافي من الإعلاميين والأدباء والأكاديميين والصحفيين والنشطاء السياسيين الحزبيين هم من يحرك الحريات العامة نحو الصعود، ومحاولة قمعه هو ما يؤدي إلى التراجع الثقافي والسياسي أيضاً، وما يجري في تركيا اليوم من وجهة نظر المعارضة التركية هو أن المشهد الثقافي في تراجع منذ تولي العدالة والتنمية السلطة.
تراقب المعارضة التركية المشهد الثقافي بدقة بالغة، وتعتبر أن تراجع الحرية الثقافية ومحاولة إسكات حرية الرأي واعتقال الصحفيين وأصحاب الرأي المعارض للسلطة يمثّل تراجعاً خطيراً عن الديمقراطية، وأن ذلك يؤذن بتراجع شعبية السلطة الحاكمة، فلا يقل تأثير تراجع حرية الرأي على قناعة المواطنين عن دور التراجع الاقتصادي، أو التراجع في أداء الدور الاجتماعي السليم للسلطة الحاكمة، فهذه عوامل تصب في تراجع شعبية الحكومة، وأخطر ما في هذ التراجعات ظهور دعوات من قادة السلطة أو مؤيديها المثقفين أو الأكاديميين لإسكات المعارضة ليس بالطرق البوليسية فقط، وإنما ـ وهو الأخطر ـ إسكاتها بالدعوة إلى إدخالهم معتقلات الرأي، أو الدعوة إلى غسيل أدمغة المعارضين على طريقة الأحزاب الديكتاتورية.
لقد جاءت دعوة «مطلب كوتلوك أوزجوفين» عضو هيئة التدريس بجامعة «إسطنبول أيدين» الخاصة إلى إنشاء معسكرات إعادة تأهيل وسنّ القوانين المطلوبة لتعديل أفكار المعارضين ضرباً من التراجع عن حرية الرأي، وتجاوزاً لحق التعبير عن القناعات الذاتية، سواء كانت مؤيدة أو معارضة فيما يتعلق بمتابعة الشؤون العامة للبلاد، وما يقلق في ذلك أن تكون الدعوة صريحة إلى أن الهدف هو تغيير قناعات المعارضين عن طريق إبعادهم عن بعضهم البعض، حتى لا يبقوا تحت تأثير نفس الأفكار التي يؤمنون بها، وكأنها دعوة إلى تغيير الأفكار قسريّاً.
إن اعتبار الرأي الآخر خطراً على الدولة هو بحد ذاته خطر على الدولة، وعلى السلطة الحاكمة أيضاً، فاتهام القائمين بالأعمال المادية المعادية للدولة بأنهم خطر على الدولة وعلى الشعب يمكن تفهمه، وينبغي أن يثبت من خلال القضاء العادل والنزيه، ولا أحد يمكن أن يدافع عن الذين يقومون بأعمال قتل أو تخريب، ولكن أن يتم الاتهام على مجرد حمل الرأي المخالف للحزب الحاكم على أنه خطر وينبغي إدخاله في معسكرات تأهيل لغسل الأدمغة، فهذه الطامة الكبرى التي تهدد الدولة حقيقة، فلا مبررات للتطهير الثقافي وقمع الرأي الآخر مهما كانت دعاوى الخطر.
التضامن العربي وإعادة بناء النظام
رضوان السيد
أما في صحيفة الشرق الأوسط السعودية تناول الكاتب رضوان السيد في مقاله قوة الدبلوماسية المصرية في حماية الأمن المائى للقاهرة والسودان، مبدئيا ترحيبه بالمبادرة المصرية الخاصة بليبيا، قائلا :" لفت الانتباه إعلان المملكة العربية السعودية عن اهتمامها بالأمن المائي لمصر وللسودان، وذلك بعد دعمها المبادرة المصرية في ليبيا بالقول وبالفعل.
وكان صديقٌ أقدّر خبرته في السياسات العامة، واهتمامه بالشأنين الليبي والعربي العام، قد علّق على مقالتي بجريدة «الشرق الأوسط» عن المبادرة المصرية من أجل السلام والاستقرار في ليبيا أنها يمكن أن تنجح لو كان الوسيط أو المبادر حيادياً مثل الألمان مَثَلاً، لكنّ مصر طرف! وقد أدركت من ملاحظته تلك، أنه لم يفهم مقصدي في المقالة.
فأي عربي يمكنه أن يكون محايداً في شأنٍ عربي مثل فلسطين أو ليبيا أو سوريا أو اليمن، ما قصدتُه أنّ مصر اتخذت موقفاً لحماية أمنها الوطني، وحماية جوارها العربي، ولو اضطرت لاستخدام دبلوماسية القوة إلى جانب قوة الدبلوماسية.
فالإيرانيون مستعدون دائماً لاستخدام القوة من طريق الميليشيات الموالية لهم ومن طريق «الحرس الثوري»، من أجل ما يعتبرونه مصالح استراتيجية لبلادهم وحلفائهم في عدة دولٍ عربية. والأتراك مستعدون لاستخدام القوة العسكرية والميليشيات والمرتزقة لصون أو اختراع مصالح استراتيجية في القريب والبعيد.
ونحن نشاهد من سنواتٍ مظاهر للإنكار والاستنكار دولياً وإقليمياً للتدخلات التركية والإيرانية في الدول العربية، من دون أن يردع ذلك الدولتين أو يحول دون تدخلاتهما، وإسهامهما في استمرار الاضطراب والتخريب للمصالح المعلومة والمجهولة! وبالطبع فإنّ هدف كل جهدٍ عربي استعادة السلام والاستقرار في الدول العربية المضطربة. بيد أنه باستثناء اليمن وليبيا حيث تستخدم دبلوماسية القوة؛ فإنّ التدخل الدبلوماسي البحت ما نفع، بل ظلت تلك «الحيادية»، وإن كانت مقرونة بالقرارات الدولية، بدون آثارٍ محسوسة تخدم الاستقرار والسلام.
كنتُ في ربيع العام 2013 بصحبة الرئيس فؤاد السنيورة عندما قابل وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل. وكان الرئيس السنيورة مهموماً بالتطورات العاصفة في سوريا وكنتُ مشدوهاً بالتطورات المصرية حيث استولى «الإسلام السياسي» على السلطة ديمقراطياً (!) وقال الأمير سعود فيما أذكر؛ لا خوف على مصر، ولا على تونس والجزائر، لأن الجيش الوطني هناك واحدٌ وقادر، والدولة العميقة في البلدان الثلاثة فيه ومعه. وإنما الخوف على سوريا حيث يتفكك الجيش ويتحول إلى ميليشيا طائفية، تستدعي ميليشيات طائفية أخرى لإعانتها، ويمتشق الثوار السلاح ويصبحون ميليشيات أيضاً.
وما دامت إيران قد تدخلت، فستتدخل تركيا، والأميركان والروس قريبون أيضاً. طوال أكثر من سنتين عملت الدبلوماسية العربية بدون طائل، لأننا ما امتلكنا غير ضغوط الوساطة والقرارات الدولية.
لو كان بالوسع أو بالأفق إمكان التدخل العربي من أجل استعادة الاستقرار لما تجرّأ الإيرانيون ولا غيرهم! وما حدث في سوريا، حدث مثله في عدة دولٍ عربية، والحبل على الجرّار، دبلوماسية التفاوض من دون الإمكانات الأُخرى على الطاولة، تستدعي الطامع القريب والبعيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سيقول «الحكماء»، وقد قالوا، لكنّ التدخل في اليمن ضد الانقلاب ما نجح في استعادة البلاد لصالح الشرعية حتى الآن. والذين يعرفون اليمن، يعرفون أيضاً أن البلاد اليمنية إن تُركت للسلالية الحوثية، فهي تعني حروباً لا تنتهي، و3 كيانات على الأقل، وبقاء «القاعدة» هناك، ونزاعات حدودية بين الكيانات في الجبال والسواحل، وضياع أمن البحر العربي والبحر الأحمر، وأخطار دائمة على بلدان الخليج، أين منها أخطار جبهة تحرير عُمان والخليج في السبعينات، إبّان الحرب الباردة؟!
لقد بادرت المملكة ودولة الإمارات من أجل سلامة اليمن وسلمه ووحدته، ومن أجل سلامة أمن الخليج ودوله.
والمبادرة المصرية اليوم من أجل ليبيا، والتي أيّدتها معظم الدول العربية، ومعظم المجتمع الدولي، تقوّي وتفتح أفق السلام والأمل، وتساعد على العودة إلى مؤتمر برلين والحلّ السلمي التفاوضي. وهي البديل للميليشيات وللغزو التركي ومرتزقته. ولولا القبضة المصرية على الطاولة لزاد في المستقبل القريب الانقسام، واستمر النزاع والحروب.
إننا نشهد منذ الاجتماع الأخير للجامعة العربية عودة للتضامن العربي، وللدفاع المشترك، والعمل العربي المشترك. وهو الأمر الذي غاب منذ مؤتمر القمة بسِرت الليبية عام 2010. في العادة، وفي أزمنة الأزمات، تظهر بوتقة عربية صلبة تحاول الاستدراك، واستعادة الرشد والتضامن وصَون المصالح. ووسط تكاثر المشكلات الموروثة والحاضرة مع المحيط وبالدواخل، هناك المملكة ومصر ودولة الإمارات والكويت والأردن بالمشرق والخليج. ولذلك يعود العمل الدؤوب لإعادة بناء النظام العربي الذي تصدّع، ليس بسبب الخلافات العربية كما يقال، بل بسبب التدخلات الإيرانية والتركية، وعمل السياسات الدولية معهم في غياب العرب أهل الدار!
لا مخرج إلا بالتضامن العربي، والمبادرة العربية، من أجل الإنسان والعمران.
ثقل الصبر
ماجد الرئيسى
أما في صحيفة الاتحاد الإماراتية، أكد ماجد الرئيسى، أن خطر فيروس كورونا الوبائى لازال قائما، قائلا :"يبدو أن البعض يعتقد بمجرد الإعلان عن تخفيف القيود الاحترازية المفروضة لمواجهة جائحة كورونا، أن الخطر لم يعد موجوداً وأن حزمة الإجراءات التي تتخذها أبوظبي مبالغ فيها.
تبلغ مساحة إمارة أبوظبي حوالي 87% من إجمالي مساحة الدولة، ويبلغ عدد السكان قرابة 3 ملايين نسمة موزعين في مناطق مختلفة، وأبوظبي هي عاصمة الدولة التي تحتضن المؤسسات الحيوية ويمكن القول إنها صمام الأمان ورئة الدولة، لسنا هنا بصدد المقارنة ما بين إمارة وأخرى وإجراءات اللجان، وينبغي عدم المقارنة بينها فجميعها تعمل بتنسيق مباشر مع اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث في الدولة تحت مظلة المجلس الأعلى للأمن الوطني.
نعم دولة واحدة ولكن معطيات الأزمة وظروفها تختلف بين إمارة وأخرى نظراً لتعداد السكان والمساحة والجنسيات مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية العليا، والنتائج التي حققتها الدولة بأن تصنف من الدول الأكثر أمانا لم يأت من فراغ وإنما بتكاتف عمل اللجان مع اللجنة العليا لإدارة جائحة كورونا.
خلت مستشفيات أبوظبي من المصابين بفيروس كوفيدـ 19، ووصلت نسبة الإصابات في أبوظبي إلى أقل من 1% حتى اللحظة وقد تصل إلى صفر إصابات، هذه النتائج الفريدة ربما أعلنت عنها دول أو مدن مختلفة، لكن الإشكالية وقعت في تلك المدن بارتفاع نسبة الإصابات مجدداً عندما فكت جميع القيود واكتفت بالإجراءات الوقائية الشخصية دون تطوير الإجراءات الحكومية. بعض الدول أعلنت عن تصفير الإصابات ثم فقدت السيطرة بسبب التهاون في الإجراءات واعتقاد المجتمع أن الأزمة قد انتهت، وما قامت به لجنة أبوظبي يعتبر إجراءً فريداً من ناحية الدخول للحفاظ على هذه المكتسبات ولضمان استمرار عجلة الحياة والعمل في المؤسسات الحيوية التي تحتضنها العاصمة.
نتذكر كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أول حديث له عن الجائحة حينما قال «الوقت هذا سيمر ولكن يحتاج لشوية صبر» وعبارة سموه يجب أن تكون حاضرة في ذهن كل فرد من أفراد المجتمع.
وتميز دولة الإمارات في التعامل مع هذه الأزمة كان بسبب حسن إدارة اللجان والفرق المتخصصة ووجود ثقة كبيرة من المجتمع للقيادة، لذا هناك العديد من الإنجازات التي حققتها تلك الفرق واللجان، والأجدر الإشادة بهم وإبراز تلك الإنجازات بدلاً عن التذمر من الإجراءات.