غلق محلات الخمور فى وقفة العيد يثير التساؤل عن المسئولية القانونية على "السكران".. المُشرع المصرى والألمانى والفرنسى والسويسرى اختلفوا فى السكر باختيار أو بالإجبار.. وقانونى يوضح متى يعفى من العقوبة ويُجرم غيره

الجمعة، 31 يوليو 2020 02:22 ص
غلق محلات الخمور فى وقفة العيد يثير التساؤل عن المسئولية القانونية على "السكران".. المُشرع المصرى والألمانى والفرنسى والسويسرى اختلفوا فى السكر باختيار أو بالإجبار.. وقانونى يوضح متى يعفى من العقوبة ويُجرم غيره هل هناك مسئولية جنائية على "السكران"؟
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ساعات قليلة تفصلنا عن بدء الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، حيث الغالب فى مثل هذه الأعياد والاحتفالات يربط بعض الشباب بين الأعياد وتعاطى الخمور أو المخدرات، ظناَ منهم أن "الشُرب" - فى إشارة للمخدرات - هو إحدى طرق الاحتفال بالعيد، كما تنتشر أيضاَ مسألة شرب المواطنين للكحوليات فى ذلك مثل هذه المناسبات.

غلق محلات الخمور فى عيد الأضحى

ومع قدوم وقفة عيد الأضحى – يوم عرفة – تُغلق جميع الملاهي الليلية ومحلات الخمور طبقاَ للوائح رخصة وزارة السياحة – التى طبقها وزير السياحة المصري الأسبق منير فخرى عبد النور قبل 4 أعوام بمنع تقديم وتناول الخمور والمشروبات الكحولية فى المنشآت السياحية للمصريين، وشملت كل أيام المناسبات الدينية احتراماً لمشاعر المسلمين بعد أن تم تعديل مواصفات واشتراطات المنشآت السياحية التى تشمل المحلات والمطاعم والملاهي الليلية والفنادق، لتكون سارية طوال أيام رمضان وفى ليلة رأس السنة الهجرية وليلة الإسراء والمعراج ويوم المولد النبوى الشريف ويوم وقفة عرفات. 

96045-96045-744e63f8-c254-42d1-bd13-06953c446e0b

هل هناك مسئولية جنائية على "السكران"؟

إلا أن الإشكالية التى تتصدى لها الأجهزة الأمنية فى مثل هذه المناسبات أن يصل الشخص إلى مرحلة "السكر"، ثم يخرج إلى الشارع، فكيف تصدى القانون المصرى لـ"السكران"؟ وما هى المسئولية الجنائية لهذا "السكران"؟ وهل يقوده مثل ارتكاب هذا الفعل حال القبض عليه للسجن؟ وماذا عن إشكالية اعتراف السكران، متى تعفى من العقوبة ويعاقب غيرك لو ارتكبت جريمة وأنت "سكران" – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

ألمانيا وسويسرا وفرنسا يقررن مسئولية السكران فى كل حالاته

من الثابت علمياً أن الإفراط في تناول المواد المخدرة أو المسكرة يفضي إلى خلل في القدرات الذهنية، وفي سيطرة الشخص على ما يصدر عنه من أفعال، ومقتضى ذلك رفع المسئولية الجنائية العمدية عن السكران، فيما يرتكبه من جرائم سواء أكان قد تناول المخدر أو المسكر قهراً عنه أو باختياره، مادام أنه لحظة ارتكاب الجريمة كان فاقد الشعور والاختيار بسبب المسكر، غير أن بعض التشريعات تقرر مسئولية السكران باختياره علي أساس العمد مثل القانون الألماني والسويسري، وهو ما اتجه إليه محكمة النقض الفرنسية – وفقا لـ"فاروق". 

71622-20181231041509159

المشرع المصرى رفع المسئولية عن السكران إذا كان مجبرا على السكر

أما المشرع المصري ففي المادة 2/62 عقوبات رفع المسئولية عن السكران إذا ما تناول المخدر أو المسكر قصراً عنه، ولكنه سكت عن حالة ما إذا تناول المسكر باختياره، وجمهور الفقه علي أن نص المادة 62 يدل بمفهوم المخالفة على مسئولية السكران باختياره، ولكن يدق الأمر حين يصدر اعتراف من المتهم وهو تحت تأثير المخدر أو المسكر، فهل يبطل الاعتراف أم يصح؟ 

جمهور الفقه يرون بطلان الاعتراف، إذ من شروط صحة الاعتراف الإدراك والاختيار بمعني أن تكون إرادة المتهم واعية كي يدرك ما يقول ويكون مستعدا لتحمل تبعة اعترافه وهو ما لا ينطبق علي حال السكران لعطب شاب إرادته، والعمد في ذلك أن يؤدي السكر إلي فقدان الشعور والاختيار بغض النظر عما إذا كان تناول المسكر اختيارا أم قهرا، وذلك لأن ما يصدر عن السكران لا يعد اعتراف بل محض هزيان. 

82167-82167-1021909239

رأى محكمة النقض فى الأزمة  

 غير أن محكمة النقض ترى غير ذلك فى الطعن رقم 26136 لسنة 66 حيث قالت فى حيثيات الحكم: "إذ أقامت تفرقة بين ما إذا كان المتهم المعترف قد تناول المسكر باختياره أم جبرا عنه ولا تقبل الدفع ببطلان الاعتراف إلا إذا كان تناول المسكر جبرا عن إرادة المعترف أما أن تناوله باختياره فإن النقض تشترط لبطلان الاعتراف أن يكون المسكر افقده الشعور والاختيار تماما، وفي ذلك تقول ولئن كان السكُر من العوامل التى تفقد الشعور والإدراك، فيبطل الاعتراف إذا كان السكر نتيجة لتناول المعترف للخمر قهراً عنه، أما إذا كان تناوله باختياره، فلا يبطل الاعتراف، إلا إذا كان السكر قد أفقده الشعور والإدراك تماماً، أما إذا لم يفقده الشعور والإدراك تماماً فيصبح الأخذ به".

وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على اعتراف الطاعن وحده الأثر القانونى للاعتراف، وإنما أقام قضاءه على ما يعززه من أدلة الدعوى الأخرى، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدع أنه كان وقت ارتكاب الجريمة متناولاً مادة مسكرة قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بل أطلق القول بأن الطاعن كان في حالة سكر أثناء سؤاله في محضرى الشرطة والنيابة العامة دون أن يبين ماهية هذه الحالة ودرجتها ومبلغ تأثيرها في إدراك الطاعن وشعوره وبغير أن يقدم دليلاً على أنها أفقدته تماماً الإدراك والشعور أثناء اعترافه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدى بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى نعيه في هذا الخصوص على غير أساس. 

114200-114200-6pcs-350ml-Highball-Wave-Shaped-Glass-Beer-Cup-Highball-Tumbler-Red-Wine-Coffee-Bar-Tea-Mugs

السكر الاضطراري والسكر الاختياري

هذا الحكم – بحسب "فاروق" - محل نظر إذ وضع تفرقه تحكميه بين السكر الاضطراري والسكر الاختياري، وقرر ضمنا أن اعتراف من تناول المسكر قهرا عنه مبطل للاعتراف سواء افقده المسكر الشعور والإدراك أم لم يفقده بخلاف السكر الاختياري، إذ طبقا للحكم لا يبطل الاعتراف إلا إذا افقد المعترف الإدراك والشعور تماما، في حين أن مناط صحة الاعتراف أن تكون أرادة المتهم واعيه، فإن كانت عاطلة، لأي سبب كفقد الشعور والإدراك لتناول مسكر سقط الاعتراف سواء عطلت الإرادة تماما أم الم بها عطب أثر فيها وجعلها فاقدة الإدراك والاتزان، إذ في الحالين تكون الإرادة معيبة لا تعبر عن حقيقة، ولا فرق في ذلك بين السكر الاختياري والسكر الاضطراري ولا أهمية لكون المحكمة اعتبرت ما صدر عنه اعتراف كامل أم مجرد قرينه تعزز الأدلة لأن من شروط القرينة أن تكون صحيحة.

متى تعفى من العقوبة ويعاقب غيرك حال ارتكاب الشخص جريمة وهو "سكران"؟

فى بعض الأحيان – يعاقب الشخص مرتين إذا ارتكب جريمة وهو في حالة سكر، الأولى على جريمته والثانية لضبطه في حالة سكر، لكن هناك حالة واحدة يستفيد فيها المتهم من حالة السكر، ويعاقب بدلا منه شخص آخر حيث إن عقوبات "السكر" تختلف بحسب تناول الخمور بقصد أو بغير قصد، والسكران متى كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله، لا يعاقب بتهمة عقد النية للقتل وذلك سواء كان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم كان قد أخذه قهراً أو على غير علم منه، وما دام المسكر قد أفقده شعوره واختياره، فلا تصح معاقبته على القتل العمد إلا إذا كان قد عزم القتل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على تنفيذ نيته. 

17418-17418-17418-السجن

وإذا كان الجاني فاقد الشعور أو الاختيار وقت ارتكابه للجريمة، نتيجة عقاقير مخدرة أو مسكرة أخذها رغما عنه أو على غير علم منه، لا عقاب عليه وإنما يسأل من أرغم المتهم أو وضع له المخدر على الفعل ويحاكم حسب الواقعة طبقا للمادة 62 من قانون العقوبات، والسكر أو التعاطي بقصد ارتكاب الجريمة، يغلظ العقوبة إذا أوجد الفاعل نفسه قصداً في حالة السكر أو تعاطي المخدرات بهدف ارتكاب جريمته بمعنى أنه استفاد من هذه الحالة، ليقوي عزيمته، ويستمد الشجاعة لإتمام فعله الإجرامي، فإنه يتحمل المسؤولية الجزائية كاملة عن الجريمة المرتكبة، بل يتوجب تشديد العقوبة المفروضة عليه، وفق أحكام قانون العقوبات؛ لتوافر القصد الإجرامي لديه ولأنه عبر عن شخصية إجرامية عالية الخطورة.

ويُسأل الجاني عن مسؤولية غير عمدية على أساس الإهمال وعدم الاحتراز، ودرجة الإهمال أو عدم الاحتراز هو التعاطي لهذه المادة مع احتمال أن يكون لها من التأثير ما يدفعه إلى ارتكاب الجريمة ومتى كان الفاعل قد تناول المسكر أو المخدر باختياره، فليس له أن يعيب على الحكم الذي أدانه للبحث عن درجة هذا السكر ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره، ويكون الجاني مسئولا عن كل جريمة لو كانت من جرائم عمدية.  

 

 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة