مساندة مصر للبنان هو حق للشعب اللبنانى وليس مجالا للتفاخر. كان تحرك القاهرة فى أعقاب انفجار مرفأ بيروت متناسبا مع صورة مصر، التحرك بسرعة ومن دون ضجة أو دعاية، فالوقت والظرف والمأساة ليست مناسبة للادعاءات ولكن للعمل، ولبنان يستحق هذا، والعلاقة بين الشعبين المصرى واللبنانى، هى علاقة تاريخية وثقافية وإنسانية تمتد لمئات السنين، وتحرك الدولة المصرية ترجمة لهذه العلاقة الخاصة.
طبعا من دون تجاهل للجهود العربية والدولية، التى تمت لتقديم مساعدات عاجلة للشعب اللبنانى، باستثناءات لدول صغيرة، صنعت مشاهد صغيرة لا تليق بدول، ولا تتناسب مع موقف بهذا الحجم، فليس من حق أى دولة أن تتدخل فى شؤون اللبنانيين، وهم وحدهم أصحاب الرأى والموقف والقرار فى وطنهم.
التحرك المصرى تم فى إطار تخفيف الصدمة، وتضميد الجراح، والواقع أن الدولة المصرية ظهرت فى مشهدين لافتين، الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصل بالرئيس اللبنانى ميشيل عون، وأبلغه بأن مصر تسخر كل إمكانياتها لتقديم كل ما يلزم.
وفى بيروت، كان السفير ياسر علوى يترجم هذا، ويتحرك فى كل الاتجاهات، يتفقد تداعيات الانفجار، ويتعرف على احتياجات الإغاثة العاجلة، من خلال كل المؤسسات البرلمانية والرئاسية والحكومية والمدنية ويرسلها إلى القاهرة.
تفقد ياسر علوى المستشفى الميدانى المصرى الجاهز لاستقبال الجرحى حسب طاقته، ويعلن عن جسر جوى مستمر لنقل الاحتياجات الطبية والإغاثية.
وقال علوى بمؤتمر صحفى: «إن حركة الجسر الجوى المصرى إلى لبنان بدأت مع وصول أولى الطائرات، التى تتوالى لتقديم المساعدات الدوائية، ومساعدات الطحين لتعويض أى خسائر أو نقص فى القمح، وأطقم طبية، والمساعدة بالزجاج ومواد البناء اللازمة لترميم الخسائر».
ياسر علوى واجهة مشرفة لمصر، بالطبع يحسب هذا للدولة، والخارجية أحد أهم عناوين الدولة المصرية، من دون استبعاد الميزات الشخصية لسفير مثقف وشاب، يتحرك بقيمة دولة فى حجم مصر، وقال علوى: «إن مصر كلها متأهبة وتقدم مساعدات إلى الأشقاء فى دولة لبنان، لمجابهة الآثار المترتبة على الأزمة، من خلال جسر جوى مستمر ينقل أدوية ومواد غذائية، وتم تخصيص جزء من هذه المساعدات لمستشفى رفيق الحريرى الجامعى، تقديرا لما يبذله من جهود كخط دفاع أول فى مواجهة الأزمة الراهنة، ومجابهة فيروس كورونا من قبل، ولمساعدة الأشقاء اللبنانيين فى أزمتهم الأخيرة، التى جاءت جراء انفجار بيروت».
سارعت السفارة المصرية بنشر أرقام للطوارئ على صفحة السفارة على مواقع التواصل، وتمت متابعة أحوال المصريين فى بيروت، وإعلان أسماء الضحايا والبحث عن المفقودين، ثم تسهيل سفر لمتوفين إلى مصر.
أرقام الطوارئ تعمل طوال اليوم لتقديم العون والتوجيه والإجابة عن الاستفسارات، وبشهادة الجالية اللبنانية، فالسفير ياسر علوى لا يتوقف عن تقديم العون للمصريين فى لبنان وباب السفارة مفتوح دائما.
مصر قدمت «العادى والمتوقع» وما يليق بقيمتها، ومن دون ادعاءات أو ضجة، كما أعلن مسؤول لبنانى، وهو دور يقوم على المساندة بلا شروط، وبناء على دور وعلاقات تاريخية مع الشعب اللبنانى، الذى يستحق كل مساندة وعون، فى مواجهة محنة سببها تدخلات ومطامع وصراع نفوذ على حساب الشعب اللبنانى، والشاهد أن مصر تتحرك بقيمتها ودورها، والسفير المصرى فى بيروت ياسر علوى واجهة معبرة عن هذا الدور بثقة واحترام.