من حق الحكومة أن تفخر بما أنجزته على مستوى تطوير التعليم ، ومن الواجب علينا جميعا أن نرفع لها القبعة على مجمل التجربة حتى الآن ، القضية تتجاوز الثناء على أداء الحكومة الى ما هو أهم وهو ما يمكن أن نعتبره نجاح تجربة تطوير التعليم فى دولة نامية فى ذروة الإصابة بوباء كورونا فى الوقت الذى تعثرت فيه أنظمه قوية ، ولم تتحمل أنظمتها الصحية أو التعليمية ماحدث .
تصدت الحكومة لأصعب ملفات التطوير ، وهو ملف التعليم ، الذى يتماس مع كل بيت وأسرة فى مصر ، وكل أب وكل أم يجد أن من حقه أن يقول رأيه فيما يجب اتباعه من أنظمه لتطوير التعليم ، فهذا ينفع وذاك لا ينفع ، وكأن الأمر ليس علما ولا إدارة ووصل الأمر ببعض "جروبات " الأمهات الى حد التغول على دور خبراء التعليم ، فقاموا بتشخيص الداء بل ووضعوا الخطط للعلاج ، وطالبوا المسئولين بالتنفيذ .
خاضت الحكومة التي درست واستعدت جيدا للتطوير بمناهج وأفكار جديدة ، المعركة الأصعب والأكثر شراسه ، لم ترتعش رغم صعوبة المواجهة ، لم تلتفت لمن يراهنون على الفشل ، لم ترهبها أقلام المأجورين ، لم تنتظر الثناء من أحد ، وقررت أن تنحاز للعلم ، ودرست كل تجارب الدول التى سبقتنا ، وقررت أن تخرج مع خبراء مصريين بخلطة مصرية خالصة خاضت بها مهمة التطوير ، لم تستوعب الأسرة المصرية ما تريده الحكومة و هاجموها ، لأنها تأتى باسلوب جديد فى العلم والتعليم والتعلم ، " هذا ما وجدنا عليه آباءنا " ماذا تريد منا الحكومة ؟ إنها تصعب الأمر على نفسها وعلينا ، الأمر كان سهلا : ندرس ونحفظ ، ليس من المهم أن نفهم ، ثم نذهب الى الإمتحان نفرغ ما حفظنا ثم نحصل على شهادة أى نعم لا تسمن ولا تغنى من جوع ، ولكنها شهادة " والسلام " هكذا ارتضى المجتمع الأمر لعدة عقود ، حتى بارت أهم أدوات قوة مصر المتمثلة فى جودة خريجيها .
لم يكن الأمر سهلا حيث اتفق الفرقاء على ضرورة التغيير واختلفوا فى نقطة البداية ، واسلوب التطوير والأولويات والأهم التمويل ، فمن أين والدولة المصرية تمر بأصعب مراحلها أثناء الإصلاح الإقتصادى .. كل هذا كان حاضرا فى أذهانى مسئولي الحكومة ، وضعوا كل ملفاتهم على مائدة الرئيس ، غير مرتعشين ، ليزدادوا ثباتا فوق ثباته بالدعم الذى حصلوا عليه من الرئيس الذى ينحاز الى الحلول التى تكون جذرية " الرئيس يكره الحلول الترقيعية " وبدأت العملية الجراحية لتطوير التعليم ، وكان تعزيز التكنولوجيا هو العمود الفقرى ، فكان استخدام " التابلت فى التعليم ثم فى الإمتحانات ، وكان بنك المعرفة ، وكان تطوير البنية التكنولوجية فى مدارسنا والأهم هو تفكيك " بعبع الثانوية العامة ، ونتيجة لمعركة العامين الماضيين تمت امتحانات الثانوية العامة هذا العام فى ظل وباء كورونا رغم " لطم الخدود " الذى مارسه البعض لإثناء الدولة عن الإمتحانات ، ولكنها تمت بنجاح مبهر بل وبدون غش جماعى كما كان يحدث فى الأعوام السابقة ، ومن ضبط تم التعامل معه بحزم وحسم ، والآن نحن على أعتاب نقلة جذرية العام الدراسى المقبل بأداء أول امتحان ثانوية عامة فى مصر بدون رعب ، وبدون فزع ، وبدون دروس خصوصية وبدون كتاب مطبوع ، وبدون غش ، ومن حقك ان تأخذ الكتاب معك ، الإمتحان يقيس ما فهمت وليس ماحفظت .
هل نجحت الحكومة في تطوير ملف التعليم بنسبة 99% مثل طلبته المتفوقين فى الثانوية العامة ؟
الكمال لله وحده ، وزراء الحكومة وخبراؤها يقولون إن التجربة تصحح نفسها ، وما نتعثر فيه ، نعالجه ، ونتلافاه أولا بأول، والطريق لازال طويلا ، الغريب فى الأمر أن الممانعة لا تأتى عادة من الطلاب بل تاتى من آبائهم وأمهاتهم .
من حق الحكومة أن تسعد بما أنجزت ، ومن حقنا أن نفرح بما تم باعتباره بداية قوية لعودة مصر الى عصرها الذهبى لتتصدر العالم العربى ودول العالم الثالث فى جودة تعليمها .. مصر قوية بنظام تعليمى يلبى متطلبات واحتياجات العصر .
لولا جهود الحكومة ودعم الرئيس للتطوير الجذرى لأخطر ملفات مصر ،لسقطت منظومة التعليم عندنا فى عام الكورونا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة