لم أصدق ما قرأته بالأمس من عدة مصادر إعلامية من أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أعلن أن بلاده تدرس إمكانية سحب سفيرها من أبو ظبى، ردا على اتفاقية التطبيع المبرمة بين الإمارات وإسرائيل برعاية أمريكية.
الخبر صحيح والتصريح صدر بالفعل من أدوغان الراعى الرسمى للجماعات الإرهابية فى المنطقة والحاضن الأساسى لها ويحركها فقط لزعزعة الاستقرار فى الدول العربية من سوريا والعراق وليبيا إلى مصر، ولم يفكر يوما أن يصدر لها أمرا واحدا أو توجيه أو تلميح للقيام بعملية ارهابية واحدة تعبيرا عن وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطينى - كما قال بالأمس -
يبدو أن أردوغان اللاعب بالورقات، يصاب أحيانا وربما دائما "بشيزوفرينيا" عجيبة ومحيرة وانفصام عجيب فى شخصيته تصيب أنصاره وحوارييه بالدهشة والارتباك.. فهو يمارس عنترية فارغة من مضمونها ويرقص بكلمات وشعارات جوفاء على جثث الشعوب وقضاياها.
أردوغان يحاول خداع الشعوب ويمارس هواية قلب الحقائق وخلط الاوراق، بإعلان غضبه من دولة الامارات بسبب اتفاقها المشروط مع إسرائيل، فى الوقت الذى تربطه بإسرائيل علاقات تكاد تصل إلى درجة المصاهرة والنسب، وربما أصيب فى أيامه الأخيرة بألزهايمر ونسى أن تركيا هى ثانى أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة بعد إيران تعترف بإسرائيل، وتم تعيين أول سفير لأنقرة فى تل أبيب فى يوليو 1950 ومنذ ذلك الوقت، أصبحت دولة إسرائيل هى المورد الرئيسى للسلاح لتركيا. وحققت حكومة البلدين تعاونًا مهمًا فى المجالات العسكرية، الدبلوماسية، الاستراتيجية. فتركيا التى تعد ثانى دولة بعد الولايات المتحدة تحتضن أكبر مصانع أسلحة للجيش الأسرائيلي، زادت التعاون العسكرى مع إسرائيل منذ الاحتلال التركى لشمال جزيرة قبرص عام 1978، والذى أدى إلى عقوبات أمريكية أوروبية على قطاعها العسكرى واعتمدت أنقرة آنذاك على الجانب الإسرائيلى فى تحديث الجيش التركى.
ربما لا يتعلق الأمر بأردوغان فالكل يعرفه حتى أصدقائه فى إسرائيل الذين يسخرون منه ويصفوه "بالعدو الصديق" بسبب شعاراته الفارغة وحركاته المسرحية أحيانا ضد إسرائيل ودائما ما يهزأوا منها لأن لا أصل لها فى الواقع المتخم بعلاقات الحب والود والمعاشرة بين تركيا وإسرائيل. بل بالجماعات الإرهابية التى تنصبه "اميرا للمؤمنين وخليفة المسلمين" وتصدقه فى تناقضاته وأكاذيبه وتلونه وتحوله.
هذا الغاضب الآن من الإمارات هو العاشق الأكبر لأسرائيل وحبيب نتنياهو وصديق كل قادتها وعلاقته بها سمن على عسل والأرقام لا تكذب لكنها تفضح المتباكى على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطينى بدموع التماسيح.
فحوالى 25% من حجم تجارة تركيا إلى دول الخليج العربية تمر عبر ميناء حيفا ، ووصل التبادل التجارى بين تل أبيب وأنقرة إلى مبالغ كبيرة وخيالية، بل على العكس، فإن شركات الطيران التركية تعد أكبر ناقل الجوى من وإلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما أن حجم التبادل التجارى ونقل البضائع عبر حيفا ازداد كثيرًا حتى قبل عودة العلاقات بعد أزمة السفينة مرمرة.
وتعتبر إسرائيل واحدة من أهم 5 أسواق تسوّق فيها تركيا بضائعها، حيث بلغت المبادلات التجارية بين البلدين فى العام 2016 أكثر من 4.2 مليار دولار لترتفع بنسبة 14% فى العام 2017، فى حين أن الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا ارتفعت بنسبة 45%.
كما أن السفارة التركية فى تل أبيب لا تتوقف عن تنظيم الفعاليات التركية المتنوعة فى إسرائيل، فمن معرض للأثاث تنظمه وزارة الاقتصاد التركية فى مدينة تل أبيب، إلى احتفال السفارة التركية بـ"اليوم التركي" فى القدس الغربية، وصولا إلى الاحتفال بعيد "الحانوكاه" اليهودي، وهو ما يظهر التناقض الكبير بين الأقوال التى يطلقها الأتراك وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، وبين الأفعال على الأرض.
وتقوم شركات الطيران التركية بأكثر من 60 رحلة جوية أسبوعياً إلى إسرائيل، وتنقل بين إسرائيل وتركيا أكثر من مليون مسافر سنويا، حيث تعتبر تركيا من بين الوجهات المفضلة للإسرائيليين.
ثم أين دعمه للقضية الفلسطينية وهو الذى يوجهه كل الدعم إلى حركة "حماس"، ويتجاهل التعامل مع السلطة الفلسطينية لتعميق هوة الخلافات والصراعات بين الجانبين بنواياه الخبيثة واستضافة أنقرة لتجمعات الإرهابيين المطلوبين وإنشائها لإذاعات ومحطات بث تليفزيونية للتبشير بمشروع الإخوان القائم على هدم الدولة الوطنية الحديثة.
ورغم شعاراته ومتاجرته بالقضية الفلسطينية فان التقارير الدولية تفضحه وتسقط أقنعته الزائفة، مثل تقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والتى ترصد أهم المتبرعين والداعمين للفلسطينيين واللاجئين منهم على مستوى العالم، ومن بين أهم 20 داعما ومتبرعا لا يظهر اسم تركيا ولا قطر ولا إيران ..!!
بينما تأتى السعودية فى المركز الرابع بإجمالى يصل إلى 96 مليون دولار تقريبا فى عام واحد. وجاءت الكويت فى المركز الثامن، بإجمالى 32 مليون دولار. أما الإمارات العربية المتحدة فجاءت فى المركز الـ12 بإجمالى 17 مليون دولار تقريبا.
ولم تتوقف زيارات الدون كيشوت التركى إلى إسرائيل حتى وعندما كان رئيسا للوزراء فقد زار اسرائيل عام 2005 والتقى خلال الزيارة رئيس الوزراء الراحل ارييل شارون ونائبه شيمون بيريس ووزير الخارجية سيلفان شالوم ووزراء اخرين، واثناء زيارته قام بوضع إكليل زهور على قبر تيودور هرتزل.
علاوة على كل ذلك المناورات المشتركة بين الجيشين والتدريبات البحرية، كما يوجد مستشارون عسكريون إسرائيليون فى القوات المسلحة التركية. وتشترى جمهورية تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم دولة إسرائيل بتحديث الجيش التركى من دبابات وطائرات حربية. وتربط انقرة وتل ابيب اتفاقية تجارة سارية منذ يناير 2000.
وفى أثناء أزمة السفينة مرمرة التى هاجمتها إسرائيل خلال العدوان الإسرائيلى المعتاد على غزة فى مارس 2013 لم يصمد اردوغان كثير ولم يتحمل الهجر والبعاد والجفا الإسرائيلى وبمجرد أن هاتفه نتنياهو رجع الى الأحضان الاسرائيلية فما احلى الرجوع إليه.
هذا هو راعى الإرهاب والمتاجر بآلام وأحلام الشعوب، الكذاب المنافق .. اللاعب بالورقات .. حبيب إسرئيل .. عدو الإمارات..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة