كيف تسببت الدولة العثمانية فى تأجيج الفتنة الطائفية فى مصر والعراق ولبنان

السبت، 15 أغسطس 2020 08:00 م
كيف تسببت الدولة العثمانية فى تأجيج الفتنة الطائفية فى مصر والعراق ولبنان العثمانيون - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن الدولة العثمانية سوى دولة محتلة، استعمرت العديد من الدول العربية، وتركتها وهى محتلة من دولا أجنبية أخرى، وقد انتشرت فيها الفتن والخرائب، واستشرى الظلم والفساد بسبب سياستها وضرائبها الباهظة على المصريين والعرب، وسرقة ثوراتهم.
 
على مدار أكثر من 4 قرون، ظلت الدولة العثمانية، تحكم البلدان العربية والإسلامية، تحت مسمى الخلافة، ويروج العثمانيون الجدد الآن لأمجاد وانجازات وهمية كانت فى عهد سلاطين آل عثمان، لكن الحقيقة والتاريخ دائما ما يكذبان أنصار القتلة وسليل المجرمون الاتراك.
فى خلال حكم الدولة العثمانية للبلاد العربية، خاصة فى مصر والعراق، وسوريا ولبنان، تسببت سياستها العنصرية فى ظهور الفتن الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، وذلك باستخدام السياسة الصهيونية الشهيرة "فرق تسد" فمن أجل الحفاظ على ملكهم فرقوا وأوقعوا الفتن بين الشعوب العربية، وسادت الفتن وظهرت من عصرهم البائد.

مصر

يقول يونان لبيب رزق فى كتابه «مصر المدنية» إن الطائفية بمعناها الدينى تجسدت خلال العصر العثمانى فى حارة النصارى، وحارة اليهود، إلى جانب حارات طوائف الحرفيين مثل حارة السقائين وحارة النجارين والحدادين، وكان محتومًا أن تتفكك بنفس الوتيرة التى تفككت بها الحارات الأخرى فيما بعد، فلا وجود للطائفية.
 
وكان الخلاف الحاد بين المسيحيين والمسلمين فقد بدأ يظهر بشكل واضح فى أواخر عصر الحكم العثمانى لمصر، فى وقت كانت الدول الأوروبية تسعى إلى اقتطاع أجزاء منها عقب دعوة السلطان عبدالحميد الثانى لإنشاء الجامعة الإسلامية، وهو نفس الوقت الذى بدأت تذوب فيه حارات النصارى. كان جمال الدين الأفغانى (1838-1897) من الذين دعوا إلى الحفاظ على وحدة العالم الإسلامي، وأن مصر تستمد قوتها من حضارة الإسلام، وهو ما خلق دعوات مضادة من جانب المسيحيين الأقباط.
 
العديد من الوقائع يذكرها المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى فى موسوعاته، موضحا أن الفتنة ظهرت خلال فترة دخول الحملة الفرنسية مصر، وقيل أن العامة دخلوا البيوت ونهبوها، معللاً ذلك بمعاونة النصارى لقوات الحملة، فى الوقت الذى كان فيه جرجس جوهري، أحد كبار الأقباط، والذى سيصبح مسؤولاً عن الضرائب فى عصر محمد علي، يعاون الثوار بما يملك من مال، ويركن إليه الهاربون من ملاحقة جنود الحملة، على جانب آخر كان المعلم يعقوب، قد أنشأ أول جيش من القبط، لمحاربة المماليك.
 

العراق

بسبب موقف الفقه الشيعى من الخلافة، كانت الدولة العثمانية تناصب العداء للشيعة وتضمر لهم الكراهية، ونكلت بهم خلال أربعة قرون من حكمها، ورغم كون الشيعة فى العراق يشكلون الأغلبية العربية، إلا إنهم حرموا من الرعاية والثقافة إلى جانب الاضطهادات الأخرى.
يصف كامل الجادرجى وضع الشيعة أيام الحكم العثمانى فى كتابه (من أوراق كامل الجادرجي، ص 80) قائلاً: "كانت الطائفة الشيعية تعد فى زمن السلطان عبد الحميد، وبالحقيقة فى زمن الدولة العثمانية أقلية تنظر إليها الدولة بعين العداء. فلم تفسح لها مجالات التقدم فى أية ناحية من نواحى الحياة العامة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك إنها كانت لا تقبل لها تلميذاً فى المدرسة الحربية، ولا يقبل منها فرد فى وظائف الدولة، إلا ما ندر وعند الضرورة القصوى، وحتى فى مدارس الدولة الإعدادية القليلة، كانت توضع العراقيل فى طريق دخول أبناء الطائفة فيها.".
 
وتأكيداً لطائفية الحكم العثمانى ضد الشيعة، يذكر عبدالكريم الأزري، فى كتابه (مشكلة الحكم فى العراق)، عن تحول أسرة نورى فتاح باشا، من شيعة جعفرية إلى سنة حنفية، بعد أن اضطر على مغادرة بيروت بسبب نشوب الحرب الأهلية.
 

لبنان

وقعت مذابح الدروز والموارنة فى 1860، وهى سلسلة أحداث دامية وقعت فى لبنان وسوريا بين الموارنة الكاثوليك من جهة وبين الدروز والمسلمين من جهة أخرى. بدأت بثورة الفلاحين الموارنة على الإقطاعيين وملاك الأراضى من الدروز، وسرعان ما امتدت إلى جنوب لبنان حيث تغير طابع النزاع، فبادر الدروز بالهجوم على الموارنة. وبلغ عدد القتلى من المسيحيين فى تلك الأحداث إلى نحو 20,000، إضافة إلى دمار أكثر من 380 قرية مسيحية و560 كنيسة. وبالمثل تكبد الدروز والمسلمون خسائر كبيرة كذلك.
 
ففى 3 سبتمبر 1840، عين بشير الثالث أميرا على جبل لبنان من قبل السلطان العثمانى عبد المجيد الأول، وزادت الثورات التى أشعلها الفلاحون الموارنة ضد السادة الإقطاعيين من الدروز، فقام السلطان العثماني، بخلع بشير الثالث يوم 13 يناير 1842، وعين عمر باشا كحاكم لجبل لبنان بدلا منه. ولكن هذا التعيين، خلق مشاكل أكثر مما حل. 
 
واقترح ممثلو الدول الأوروبية على السلطان تقسيم لبنان إلى مقاطعتين، واحدة للمسيحيين والأخرى للدروز. وفى 7 ديسمبر 1842، اعتمد الاقتراح السلطان هذا المقترح وطلب من أسعد باشا، حاكم دمشق، تقسيم المنطقة، إلى منطقتين: منطقة شمالية تحت حاكم نائب مسيحى وجنوبية تحت سلطة نائب درزي. وعرف هذا الترتيب باسم "القائمقامية المزدوجة"، وتبع كلا المسؤولين حاكم صيدا، الذى بدأ يقيم فى بيروت، واعتبر طريق بيروت-دمشق السريع الخط الفاصل بين هاتين المقاطعتين.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة