سيناريوهات العداء والصراع من وجهة نظر الأطراف المختلفة هى ثلاثية.
هناك السيناريو الأول أن الطرفين يصعدان فى مواجهة بعضهما البعض فى سلم العلاقة من الحياد إلى التنافس إلى العداء، وداخل العداء يتجهان إلى ثلاثية النزاع ثم الصراع ثم الحرب
.
أما النزاع dispute فهو عادة وصف لنزاع قانونى ودبلوماسى فى البداية يدعى فيه كل طرف ملكية أو سيادة على مورد اقتصادى أو قطعة أرض حدودية أو حقوق مائية. ومادام الموضوع فى إطار القانون والدبلوماسية ولم يتطور إلى غيرهما فعادة ما يطلق عليه اسم نزاع ولا نزيد. وعادة ما يكون السبيل الأمثل لعلاجه هو أن يتراجع الطرفان فى النهاية ولا يتجهان إلى التصعيد. والمثال هو النزاع بين مصر وإسرائيل بشأن طابا، أو ما هو بين مصر وإثيوبيا الآن بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
الصراع conflict هو البديل الثانى فى ظل السيناريو الأول الخاص بأن الطرفين فى حالة تصعيد متبادل. والصراع يعنى أن هناك عنفا لفظيا وتصعيدا إعلاميا وحشدا دبلوماسيا من قبل الدولتين لخلق تحالف مؤيد لكل طرف وقد يصل الأمر إلى تحريك قطع بحرية أو جوية أو برية على صعيد إثبات جدية كل طرف فى استخدام الأداة العسكرية، وقد توجد كذلك أعمال استخباراتية تخريبية أو تواصل مع جماعات مناهضة من أجل تقويض قدرات الطرف الآخر. والمثال على ذلك ما فعلته تركيا وقطر مع مصر من تمويل وتموين جماعات إرهابية لتقويض أمن مصر وإضعاف شرعية النظام الحاكم وإعلان سيناء منطقة غير خاضعة لسيطرة الدولة وبالتالى تهدد الأمن والسلم الإقليميين بما يفتح آفاقا من التدخل الدولى الشأن المصرى.
الحرب هى البديل الثالث فى ظل السيناريو الأول الخاص بتصعيد الطرفين، وإعلان الحرب بمثابة إعلان أن كل الطرق الأخرى لحل الخلاف قد باءت بالفشل وأن الدولة المبادرة بالحرب قد قررت الوصول إلى نقطة «أكون أو لا أكون» فى العلاقة مع الدولة الأخرى المعتدى عليها. ولكن علمتنا التجارب أن القفز إلى الحرب أسهل كثيرا من الخروج منها. من السهل أن تبدأ حرب، من الصعب أن تنهيها. والأهم أن تكون النهاية فى صالح الطرف الذى بدأها لأن هذا أمر غير مضمون.
وكى ينجح من يشن الحرب فى حربه، فعليه أن يتحقق من الكثير من الشروط على رأسها ثلاثة: أولا أن يفكر بمنطق موازين القوى الديناميكى، فالعدو القوى لا يسهل كسره أو الانتصار عليه، كما أن الضعيف يمكن أن يقاوم. وليس من المنطقى أن يدخل فاعل دولى فى حرب مع فاعل دولى آخر أقوى منه عدة وعتادا إلا إذا كانت عملية انتحارية. وهنا تقدير الأمر مهم لأن لبنان كان ضعيفا فى عام 1982 وكان سهلا على الجيش الإسرائيلى اجتياح الحدود ومحاصرة العاصمة بيروت، ولكن المقاومة ظهرت وأجهدت الجيش الإسرائيلى حتى حدث الانسحاب الإسرائيلى لاحقا.
ثانيا، أن يفكر صانع قرار الحرب بمنطق التحالفات المحتملة كذلك، لأن القضية ليست فى يوم الحرب فقط وفى ميزان القوى يومها. ولكن العدو الذى توجه له الأداة العسكرية من الممكن أن يدخل فى تحالفات إقليمية تجعله فى النهاية أقوى منك. يوم أن غزا صدام حسين الكويت، الكويت كانت معها تحالف هش مع دول الخليج لكن بعد أسبوع كانت هناك أكثر من 35 دولة متحالفة معها ضد العراق.
ثالثا، التفكير بمنطق العائد الاقتصادى من الحرب ومن سيغطى تكاليفها. الحرب قرار مكلف للغاية ومهما كانت موارد الدولة المتاحة لتمويل الحرب كبيرة فإن الأطرف الأخرى تعلمت كيف تطيل أمد الحرب وتجعل تكلفتها باهظة. أرسلت مصر الناصرية قواتها إلى اليمن دونما أى اعتبار لكل ما سبق، فكانت الهزيمة النكراء، وكان التساؤل كيف يفكر صانع قرار الحرب فى الحرب وتكلفتها البشرية والمادية؟
الحذر الحذر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة