المتابع جيداً لصفحات الحوادث المتخصصة مؤخراً، يكتشف أنها تموج بالجرائم العنيفة، الممزوجة بالدم والعنف، والمتسمة أحياناً بالفجور في تفاصيلها وكواليسها.
ما أقولها لك هنا، ليس درباً من الخيال، وإنما وقائع حقيقية، تسطرها صفحات الحوادث يوماً تلو الآخر، مما يدق ناقوس الخطر، ويستلزم وقفة جادة مع النفس لضبطها، والتحكم فيها، وحُسن معاملة الآخرين، وعدم الاستسلام للشيطان في لحظات الضعف.
أسوق لك هنا عينة من تلك الحوادث التي جرت تفاصيلها خلال هذه الأيام القليلة الماضية، حيث قتل مواطن قريبه في بني سويف رمياً بالرصاص بعدة طلقات نارية ، بسبب "بوست" على الفيس بوك، فلم يتخيل أهالي القرية البسيطة التي يقطن بها الجاني والقتيل، أن السوشيال ميديا التي أطلت برأسها على الريف يمكنها تقود أحدهم لجريمة قتل، بمجرد أن تحدث شخص عن آخر عبر السوشيال ميديا، ليكون الانتقام سريعاً وجاهزاً، وتتحول المعركة من التلاسن عبر "ضغطة زر" على الكميبوتر لـ"ضغطة زناد" بندقية آلية.
هذه الجريمة البشعة تأتي بعد أيام قليلة، من حادث مقتل نحو 6 أشخاص رمياً بالرصاص في محافظة الفيوم بسبب الخلاف على قطعة أرض، حيث تحول خلاف بسيط لمعركة بالرصاص دارت رحاها في إحدى مناطق الفيوم الهادئة، لتتناثر الدماء هنا وهناك.
الأمثلة كثيرة، لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل من كثرتها، فتتعدد الحوادث، ويبقى " العنف والدم" القاسم المشترك بينها، عندما تضعف العقول وتستسلم لشيطان أشر.
بطبيعة عملي محرر متخصص في صفحات الحوادث، حاورت مئات المجرمين على مدار عدة سنوات، كنت حريصاً على تكرار نفس السؤال للجميع :"إيه اللي خلاك تيجي هنا ؟!"، فتتعدد الإجابات، لكن معظمها يدور في فلك واحد، لحظة ضعف، يسلم الشخص نفسه فيها للشيطان، ليجد نفسه متورطاً في جريمة، وعندما يفوق من غفوته، يقول:"ليتني لم أفعل كذا، ليتني كنت نسياً منسيا".