كان الأديب العالمى نجيب محفوظ، أحد أهم الأدباء الذين اشتهروا بحكاياتهم فى مقاهى القاهرة والإسكندرية المختلفة، لكن بالتأكيد علاقة أديب نوبل، لم تكن مقصورة على لقاء الأصدقاء والأحباب، وتناول المشروبات فقط، بل إنها خلقت حالة خاصة داخل نجيب، وأثرت فيه تأثيرًا عميقًا، ظهر واضحًا من خلال أعماله ورواياته التى سمى بعضها بأسماء هذه المقاهى.
مقاهى نجيب محفوظ، كانت حالة من "الأنس" ووضع ثقافى خاص، فكانت هى جلسة الأحاديث ومكان الكتابة المفضل، وهى الحالة التى ربما اختفت من مقاهينا الآن، فى رحلة نجيب محفوظ داخل القاهرة والإسكندرية هناك عدة مقاهى اشتهرت بنجيب محفوظ، حتى أنها أطلق عليها جميعا "قهوة نجيب محفوظ".
مقهى ريش
يقع المقهى القديم على مقربة من ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، تأسس عام 1908م، كان أكبر تجمع للمثقفين والسياسيين فى مصر، كان المقهى ملتقى الأدباء والمثقفين أمثال نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأمل دنقل، حيث كان يجلس نجيب محفوظ ليلتقى بأصدقائه، وطالما عقد بها نجيب محفوظ، ندوته الأسبوعية، عصر كل جمعة منذ عام 1963، واستمرت به سنوات طويلة، حتى ارتبكت المقهى به، وتخليدا لضيفها الكبير، المحبب للمكان، يعلق أصحاب المقهى الآن صورة كبيرة لأديب نوبل أعلى الركن الذى كان يفضل الجلوس فيه.
مقهى على بابا
نجيب محفوظ فى مقهى على بابا
"أما على بابا فدى قهوتى الخاصة اللى بروحها الصبح بدرى"، هكذا وصف صاحب الثلاثية مقهى على بابا المطل على ميدان التحرير، والذى تحول بعد سنوات قليلة من رحيل ضيفه الكبير إلى إطلال بعدما قرر مسئولو الحى هدم الدور الثانى من المقهى وإزالة "القهوة".
وبحسب ما ذكره الناقد الكبير رجاء النقاش فى كتابه "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" فإن هذا المقهى لم يكن يجرى فيه الأديب الراحل أى مقابلات صحفية أو تليفزيونية إلا بعد حصوله على جائزة نوبل عام 1988، ويذكر الكتاب أن العديد من رواد المقهى كانوا يحرصون على تحية الأديب والتحدث معه.
مقهى الفيشاوى
نجيب محفوظ يشترى كتبا من بائع كتب على مقهى الفيشاوى
أما مقهى الفيشاوى الشهير، القابع بحى الأزهر، ويعد من أقدم مقاهى القاهرة، والذى يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1797م. فقد اتخذ المقهى شهرته وبريقه، بفضل الأديب العالمى نجيب محفوظ الذى طالما وصفه بمقهاه المفضل، حيث شهد المقهى الكثير من المسودات الأولى لرواياته، وكان بمثابة فضاء حى يلتقى فيه أصدقاءه ومحبيه من الكتاب والفنانين وبسطاء الناس.
مقهى قشتمر
مقهى قشتمر
هذا المقهى الموجود بباب الشعرية، تحول هو الآخر إلى ذكرى، بعدما تم إغلاقه منذ سنوات، وأصبح مقلب قمامة، بدلا من أن يكون متحفا بسيطا مفتوحا يخلد ذكرى ضيفه الراحل، استلهم نجيب محفوظ من هذا المكان اسم أحد أهم وأشهر روايته "قشتمر" الذى اعتاد الرفاق على الاجتماع فيه.
مقهى زقاق المدق
مقهى زقاق المدق
اعتاد أن يجلس الأديب العالمى "نجيب محفوظ" على هذا المقهى يوميًا عليه وأمامه كومة من الأوراق البيضاء، يتفحص المارة ويسرح معهم فى حكايتهم ليعود إلى منزله وقد سطر أوراقه، بحكايات من نبض الشارع المصرى، تحولت فى النهاية إلى رواية "زقاق المدق" والفيلم بالاسم نفسه.
هذا المقهى الذى يعود عمره إلى أكثر من 170 عامًا، وما زال يخلد ذكرى صاحبه، بتعليق صورة للأديب الراحل، كان أهداها لصاحبها الذى عبر عن غضبه من دور المعلم "كرشة" فى الرواية والفيلم الذى يحملان اسم المقهى، وحاول نجيب تخفيف غضبه بأهدائه ذلك الصورة.
مقهى وحلوانى ديليس
مقهى ديليس
من أشهر رواد المحل الروائى نجيب محفوظ، حيث كان يفضل الجلوس بالخارج فى الجهة المقابلة للبحر ويطلب فنجان قهوة مظبوط، يقرأ الكتب والجرائد وينظر للبحر ويطلب الحلويات تيك أواى ويغادر، وهى عادة يومية له أثناء تواجده بالإسكندرية، هكذا وصف سالم محمد محمود، أقدم جرسون بمحل ديليس، مكان نجيب محفوظ المفضل بالإسكندرية.
هذا المقهى الموجود حتى الآن بشارع سعد زغلول الشهير بالإسكندرية، والذى أسسه الخواجة اليونانى موستاكاس عام 1907، وكان خبازًا ماهرًا للخبز الأفرنجى، لحين قرر أن يدخل الآيس كريم لمدينة الإسكندرية، ظل المقهى المفضل للأديب الراحل كلما زار الإسكندرية قرر زيارته.