أعلن الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية من أعضاء مجلس النواب، نجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام، أنهم اختاروا سفير لبنان لدى ألمانيا الدكتور مصطفى أديب، لتولي منصب رئيس الوزراء وذلك خلال الاستشارات النيابية التي أجروها صباح اليوم مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
واستُهلت جلسة الاستشارات النيابية الملزمة باجتماع عون مع ميقاتي، حيث أعلن رئيس الحكومة الأسبق أنه اختار السفير مصطفى أديب، مشددا في نفس الوقت على أن شخصا واحدا لن يستطيع إنقاذ لبنان من المصاعب التي يمر بها، وأن الأزمات التي تشهدها البلاد تقتضي تشكيل فريق عمل من الوزراء المختصين (الخبراء) لأداء العمل المطلوب بصورة متكاملة ومنسجمة.
وكشف ميقاتي – في تصريح صحفي عقب اللقاء مع عون – أن اختيار السفير مصطفى أديب، جاء باقتراح من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
من جانبه، قال سعد الحريري إن الهدف الحالي يجب أن يتركز على إعادة إعمار العاصمة بيروت التي تعرضت للدمار جراء انفجار ميناء بيروت البحري، إلى جانب إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية اللازمة، والوصول إلى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي حتى يعود المجتمع الدولي إلى دعم لبنان ومن ثم السيطرة على الانهيار الراهن الذي تشهده البلاد ومن ثم العودة إلى مسار النمو.
وأضاف الحريري في تصريح له عقب اللقاء مع عون: "كافة التكتلات النيابية تعرف أن الوصول إلى هذا الهدف يقتضي أن تكون الحكومة الجديدة مُشكّلة من أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاختصاص، وأن تتشكل سريعا وتصيغ بيانها الوزاري بصورة أسرع".
وأشار الحريري إلى أن كافة الكتل النيابية أعلنت نيتها التعاون مع الحكومة الجديدة بأقصى قدر ممكن، لتنفيذ الإصلاحات سريعا، بما يعيد الثقة إلى اللبنانيين والمجتمع الدولي حتى يمكن للبنان الخروج من محنته.
وتابع: "ما تعرضت له بيروت هو دمار شامل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإذا أردنا أن نعيد إعمار العاصمة، لابد أن يكون هناك خطة واضحة ومساعدات من الخارج، حتى نستطيع أن نعيد كل منزل ومحل إلى ما كان عليه".
وأكد الحريري أن لبنان لم يعد يتحمل المزيد من "المناورات السياسية" وإنما يحتاج إلى حلول سريعة للنهوض، وأن يتم التعامل بإيجابية مع المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي يعمل مع المجتمع الدولي في سبيل دعم لبنان وانتشاله من أزماته.
وأضاف: "رأينا في السابق نتيجة عدم التعاون بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين، وتداعياته السلبية على لبنان، خصوصا وأن التجربة السابقة كانت فاشلة بصورة كبيرة. لا يوجد فريق سياسي أكبر من مطالب الشعب وحاجته للحلول. هناك خلافات أساسية مع عدد من الفرقاء السياسيين ونحن نقول موقفنا السياسي بوضوح".
من جهته، قال تمام سلام، إن لبنان يمر بمأزق شديد الصعوبة وأن هناك تراكما للكثير من المصاعب على نحو يتطلب بذل جهود جبارة، مشددا على أن كافة المسئولين يتعين عليهم أن يدركوا أن لبنان أمام "فرصة أخيرة" للبنان واللبنانيين وذلك من خلال تفاهم داخلي واسع وبدعم عربي ودولي مطلوب للمضي قدما نحو الأمام.
وأعرب سلام - في تصريح له عقب اللقاء مع عون - عن أمله في أن تتشكل الحكومة الجديدة في أقرب فرصة بحيث تكون حكومة إنقاذية، وأن تضع أمامها هدفا بالعمل السريع لتصحيح كل الأخطاء التي أوصلت لبنان إلى الوضع الراهن.
وأشار إلى أن الدكتور مصطفى أديب الذي سمّاه لرئاسة الوزراء سيكون "حمله ثقيلا للغاية" حال توليه رئاسة الحكومة. مضيفا: "أعرف أن الكثير من اللبنانيين أخذوا قرارهم بالخروج من البلاد. المسئولية ليست سهلة مطلقا، وإدارة الوضع الراهن لم يعد سهلا بأي حال من الأحوال".
من ناحيته، أعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، أنه لم يقم بتسمية أي شخص لرئاسة الحكومة خلال جلسة الاستشارات مع رئيس الجمهورية، وأنه اكتفى بوضع "ورقة بيضاء".
وبرر الفرزلي هذا الأمر – في تصريح له عقب اللقاء مع عون – أنه لا يستطيع أن يُقدم على اختيار الدكتور مصطفى أديب، الذي اختاره الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية، استنادا إلى أن "لا يمكن أن أركن لأمر غير مختبر لدّي وغير معروف من قبلي".
وقال: "في الوقت الحالي لا استطيع إلا أن أراهن على مستقبل عمل الدكتور مصطفى أديب لكي يكسب الثقة المرجوة والمنشودة عبر ترؤسه الحكومة والعمل على قاعدة الإصلاحات المطلوبة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، ولهذا تريثت وتحفظت، ولم أضع إلا ورقة بيضاء بين يدي رئيس البلاد".
وأشار الفرزلي إلى وجود نية لدى معظم الكتل النيابية في البرلمان لاختيار مصطفى أديب لرئاسة الحكومة اللبنانية، لافتا إلى أن الغاية المرجوة لديه كانت حينما سبق ودعا إلى إعادة تسمية رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وضرورة ترؤسه الحكومة الجديدة، تتمثل في أن هذا الأمر يعد حاجة وطنية لـ "لم الشمل اللبناني".
واعتبر نائب رئيس البرلمان اللبناني أن التسميات المتداولة حول شكل الحكومة المقبلة، هدفها الالتفاف والمناورة للتهرب من فكرة تأليف حكومة سياسية أو حكومة تضم سياسيين وخبراء معا (تكنو- سياسية) .
ويعد سفير لبنان لدى ألمانيا الدكتور مصطفى أديب الشخصية الأكثر ترجيحا لتولي منصب رئيس الحكومة الجديدة، لاسيما بعدما أعلن الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية سعد الحريري وتمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، خلال اجتماعهم الذي عقد أمس، اختيارهم لـ "أديب" لتولي المهمة، وهو الاسم الذي لاقى قبولا في أوساط معظم القوى السياسية اللبنانية الممثلة داخل مجلس النواب من خلال تكتلات نيابية.
وينص الدستور اللبناني على أن تتم عملية اختيار رئيس الوزراء المكلف من قبل أعضاء مجلس النواب، والذي يضم في تشكيله الحالي 120 نائبا بعد أن تقدم 8 نواب باستقالتهم احتجاجا على الأداء السياسي في البلاد وتداعيات انفجار ميناء بيروت البحري.
ويختار النواب خلال الاستشارات النيابية التي ستستمر حتى الواحدة والربع من ظهر اليوم، من يرونه مناسبا لتولي مهمة رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، ليقوم رئيس الجمهورية ميشال عون بدوره بتكليف من يحظى بأغلبية الأصوات النيابية رئيسا للوزراء ويطلب منه تشكيل الحكومة الجديدة.