أكثر ما يحاول النظام الديكتاتورى التركى القيام به الآن، هو التمسح فى تاريخ دولة سلاطين العثمانيين، والترويج لها على أساس إنها حامية الإسلام ونصيرة المسلمين، ومحاولة تصوير سلاطينها بأنهم المبشرون الذين تنبأ النبى محمد صلى الله عليه وسلم بوصولهم لكن الأحداث التى يروجها نظام الديكتاتور رجب طيب أردوغان ويتبناها أنصار جماعة الإخوان، تكشف كل يوم كذبتها وعدم صحتها، وتفضح جهل مروجيها، كذلك يتكشف كل يوم أمام الجميع، أن دولة العثمانيين ليسوا فقط قوما بلا حضارة، بل أنهم دعاة حرب قتلوا الجميع، ودمروا البلدان العربية والإسلامية واحدة تلو الأخرى.
التقرير التالى يرصد الأكاذيب الذى روج لها أحفاد القتلة من سلسال آل عثمان، الملطخة أياديهم بالدم:
شراء كنيسة آيا صوفيا
قام الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، باغتصاب كنيسة ومتحف آيا صوفيا باسطنبول، بتحويلها إلى مسجد، وتحجج بأن الدولة التركية تمتلك وثيقة تؤكد ملكية الكنيسة والأرض التى عليها، بعدما اشتراها السلطان الغازى محمد الفاتح، إبان غزوه القسطنطينية "اسطنبول" حاليا فى عام 1453م، إلا أن هذه الوثيقة المزعومة لم تخرج للنور أبدا حتى الآن، لكن بالبحث فى المراجع التاريخية هل حقا اشترى السلطان العثمانى محمد الفاتح، كنيسة آيا صوفيا من الرهبان المسيحيين قبل تحويلها لمسجد.
وفقا للمؤرخ أحمد بن يوسف القرماني (شهد على عصر محمد الفاتح وأخد مؤرخى جولته) فى كتابه "أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ" فإن السلطان العثمانى الراحل، أمر بتحويل الكنيسة القديمة إلى مسجد ولم يشتريها، وأوضح المؤرخ العثمانى الذى حضر دخول القسطنطينية، أمرا آخر خاص بتحويل الكنيسة لمسجد، وهو أن عملية التحويل تمت في 3 أيام إذ كان دخول القسطنطينية يوم الثلاثاء وكان الفاتح يريد أن تكون أول جمعة في عاصمة البيزنطيين سابقًا وعاصمة الدولة الإسلامية الجديدة.
كذلك أيد الرأى سالف الذكر، المؤرخ الإنجليزى رونسيمان ستيفن، الذى أكد أن الفاتح أمر فور دخوله القسطنطينية بإعلان تحويل الكنيسة إلى مسجد، وأطلق عليه اسم "الجامع الكبير لآيا صوفيا".
النبى محمد تنبأ بمجئ محمد الفاتح وفتحه القسطنطينية
كان أغرب ما ما تم تداوله عن السلطان العثمانى محمد خان الثانى والشهير بـ"محمد الفاتح" هو ادعائه أن النبى صلى الله عليه وسلم بشر بفتح القسطنطينية وأثنى على أمير جيش هذا الفتح، ما اعتبره المؤيدون لجرائم الغازى العثمانى، أنه المقصود بهذا الثناء وأنه بشر به.
ويقول الحديث الذى يستشهد به الموالون للجماعة الإرهابية، " لتفتحن القسطنطينية، فلَنِعْمَ الأمير أميرها، ولَنِعْمَ الجيش ذلك الجيش"، وهو وارد فى مسند أحمد والتاريخ الكبير والصغير للبخارى ومستدرك الحاكم؛ وورد عند صحيح مسلم دون ثناء الأمير والجيش.
ومن واقع ما ذكر عن الحديث فيتبين أنه خضع للجرح والتعديل، فالبعض حسنه وآخرون ضعفوه على رأسهم الألبانى، لكن غالبية علماء المسلمين أجمعوا أن فتح القسطنطينية الوارد فى الحديث لا صلة له بعهد محمد الفاتح لأسباب دينية وتاريخية بحتة، مع وصف للفاتح بأنه تمهيد للمقصود بالحديث.
واستدل آخرون بأن حديث فتح القسطنطينية سيقع ضمن علامات الساعة جاءوا بحديث آخر عن الرسول صلى الله عليه وسلم رواه الترمذى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فتح القسطنطينية مع قيام الساعة" وصححه عدد كبير من علماء الحديث.
وبحسب أحد المصادر الإسلامية، فإن الحديث المشار إليه، قد تكلم بعض أهل العلم فى سنده، وعلى فرض صحته لا نستطيع الجزم بأن هذا الفتح هو الفتح الذى حصل بقيادة الأمير السلطان محمد الفاتح، بل إن بعض أهل العلم جزم بخلاف ذلك، بأن القسطنطينية ستفتح فتحاً آخر، فى آخر الزمان قبل قيام الساعة بدون قتال بل بالتكبير والتهليل.
العثمانيون جاهدوا من أجل نصرة المسلمين فى الأندلس
رغم أن العثمانيين يدعون أنهم دولة جهاد إسلامى، وأنهم انشغلوا فى الفتوحات ونصرة الإسلام على بناء حضارات، ويروجون أنهم ناصروا المسلمين فى الأندلس، رغم أنهم تخلوا عنهم، ووفقا للباحث وليد فكرى، فأنه من أشهر أكاذيب العثمانيين الجدد أن "الدولة العثمانية جاهدت دفاعًا عن الأندلس"، وهي كذبة من فرط جرأتها من ناحية ومداعبتها "نوستالجيا الجهاد" عند الإسلاميين من ناحية أخرى، قلما تجد من يجرؤ على مواجهتها والرد عليها!، موضحا أن العثمانين انشغلوا فى حربهم المماليك، وعقد صفقات مع الفرنسيين ضد الإسبان للسيطرة على الجزائر، وإرسال بعض فرق الاستطلاع فقط لبلنسية، دون خوض معارك حقيقية هدافها مساعدة المسلمين فى الأندلس.
وبحسب العديد من المصادر، فإنها قبل سقوط غرناطة أرسل حكمها سفارات الاستغاثة، إلى المماليك فى مصر، والدولة العثمانية، فى ، وفي نفس العام (1487), ولم تنجح سفارة استغاثة غرناطة الأولى التى أرسلت إلى السلطان محمد الشهير بـ"الفاتح" لكن هذه المرة ركز على أطماعه الخاصة فى احتلال القسطنطينية وكتابة مجد شخصى على أن ينصر إخوانه المسلمين فى الأندلس، ولم تنج أيضا رسائل الإغاثة الثانية التى أرسلت إلى بلاط السلطان العثماني بايزيد الثانى، والذى رفض توقيف حملته ضد المماليك وتحويل جهدها إلى مؤازرة المسلمين فى الأندلس، بل مضى في غيه، وأصر على غزو الشام بزهرة جنوده، وأغلب أسطوله، وياليته فاز وانتصر بعد كل هذا، بل انكسر في الأخير بين ساحات أضنة (1488) لينهي المماليك أطماع العثمانيين في مصر والشام إلى حين جاء السلطان الغازى سليم الأول.
المصريون استنجدوا بالسلطان سليم الأول لإنقاذهم من المماليك
أكثر ما يتم الترويج له ليبين أن الدخول العثمانى لمصر جاء فتحا وليس احتلالا، هو أن سليم الأول جاء بعد أن استغاث به أهل مصر، وطلبوا منهم أن يأتوا لإنقاذهم من ظلم المماليك، وفشل سلطانهم قنصوه الغورى.
لكن بحسب الباحث فى التاريخ الإسلامى وليد فكرى، لا توجد إثباتات تاريخية له، ولا تكفي مراسلة بعض الرجال للسلطان العثماني لاعتبار أنهم يمثلون الشعب المصرى، والمراسلات الوحيدة المثبتة كانت لحاكم حلب "خاير بك" الذى أظهر انحيازًا للعثمانيين وخان السلطان الغورى فى معركة مرج دابق بالشام وتراجع بقسم من الجيش لينهزم المماليك، ثم كافأه العثمانيون بحكم مصر باسمهم، وكان سليم الأول يسخر منه بتسميته "خاين بك".
ثم لو كان المصريون هم الذين استدعوا الغازى العثمانى، فما تفسير قيامهم بعد مصرع الغورى بالمناداة بخليفته طومان باى سلطانًا عليهم وتحيزهم له إلى حد قيامهم بجلب أمراء القاهرة قسرا إلى القلعة ليحلفوا له أيمان الولاء، ثم قيامهم بعد ذلك بالمشاركة في أعمال مقاومة الغزاة بكل حماس إلى حد اضطرار القوات العثمانية لقنصهم بالرصاص من أعلى مآذن مساجد القاهرة؟ إن هذه الهمة في المقاومة والتصدي تنفي تمامًا حجة "الاستغاثة" المزعومة.
مرفأ بيروت بنى بإيد الأتراك
استغل أحمد منصور الإعلامى بقناة "الجزيرة" انفجار مرفأ بيروت فى التمجيد بالاستعمار التركى وتركيا، متغاضياً عن أى رسائل لدعم الشعب اللبنانى المتضرر من ذلك الانفجار.
وكتب المذيع الإخوانى قائلاً عن حسابه "صوامع الحبوب الخرسانية هذه هى الوحيدة التى صمدت أمام قوة الانفجار وعملت كمصدات حمت الأبراج التى خلفها، بناها العثمانيون حينما قاموا بتجديد الميناء قبل 150 عاما مرفأ لبنان بناه العثمانيون، هذا هو الاستعمار التركى؟!"، قبل أن يقوم الأخير بحذف التدوينه بعدما تأكد من كذب من يدعيه.
ووفقا لكتاب "بيروت ودورها الجهادى منذ الفتح الإسلامي حتى نهاية العهد العثمانى" تأليف الدكتور حنان قرقوتى، فإن المرفأ ازدهر فى القرن الثامن عشر الميلادى، بفضل تجديده فى عهد الأمير ملحم الشهابى، وفى هذه المكانة الاقتصادية شملت أكثر من قطاع مما دفع التجار الأجانب لاسيما الفرنسيين منهم المقيمين فى عدة مدن ساحلية كصيدا أن يكتبوا إلى حكومتهم لإرسال بعض التجار والصناع إلى بيروت.
وأوضح الكتاب أن المرفأ جرى توسيعه فى عهد إبراهيم باشا، نجل الوالى محمد على باشا الكبير، أثناء حروبه ضد الدولة العثمانية، سنة 1830، ما جعله واحد من أكبر موانئ آسيا.
وحسبما أشار مركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية بالجامعة اللبنانية فإن صوامع الغلال قد بُنيت بموجب اتفاقية قرض بين لبنان والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل مشروع صوامع الغلال في مرفأ بيروت، وذلك في مطلع عام 1970.
وذكرت صفحة تراث بيروت، على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" أنه فى عام 1887 تم منح امتياز إنشاء المرفأ للشركة الفرنسية ممثلة بيوسف أفندي المطرانى وفى سنة 1889: بداية الأعمال الإنشائية ولكن بخطوات محدودة وخجولة وشبه معدومة، وفى سنة 1893: البداية الفعلية للشركة الفرنسية بأعمال الإنشاء والتعمير، وفى سنة 1960: إعلان الشركة المستثمرة للمرفأ وطنية وتحت وصاية الحكومة اللبنانية.